وداعا السي بلعيد بوميد…

انتقل إلى عفو الله الزميل بلعيد بويميد وفي الرحيل يودع الإعلام الوطني رائدا آخر من رواده، صحفي مبدع بثقافة واسعة منخرط في مختلف  قضايا الوطن بالرأي و النقد والتفاعل المثير.

وبعد صراع مرير مع المرض ترجل السي بلعيد عن صهوة الحياة وسلم الروح لبارئها بعد منتصف ليلة الاثنين عن سن 73 سنة، مخلفا رصيدا معرفيا في حضور مميز في المسار.

استنشق بلعيد أولى النفحات في الأطلس بمنطقة تانانت قرب أزيلال في يونيو 1951، وتحولت أسرته إلى أسفي وإستقرت بالجديدة حيث ضالته المنشودة، وتربى على الاجتهاد والتحصيل والإدمان على  القراءة، وعقب الدراسة العليا دخل الصحافة عبر جريدة البيان حيث طور ملكاته بالاحتكاك بخبرات وتجارب المناضل والأستاذ علي يعتة ورفاقه.

وضمن فضاء إعلامي فسيح كتب بلعيد  في مجالات الرياضة والفن بمختلف أجناسه، وأبدع في مواضيع رسوم الكاريكاتور بتعبيرات ذكية، ساخرة و عميقة محملة بالمعاني والرسائل، حيث إختار بلعيد العيش بالقلم و المكر والرأي والتواصل والمشاركة في مختلف القضايا التي يفرزها مدار الإبداع في الثقافة و الفنون.

هو الجمعوي، إنخرط في الجمعية المغربية للصحافة الرياضية ثم دخل مكتبها المسير مساهما في إدارة المؤسسة، وفي 2005 ترأس الإتحاد الإفريقي للصحافة الرياضي وقضى في المهمة ولايتين.

وظل الرجل يسجل حضوره الوازن يكتب بالقلم وبالصوت ويحمل قضايا ترمي إلى إشعاع الإبداع في الوطن، كان يحلم بمغرب رياضي متوهج عالميا، وشارك في الترويج والدفاع عن ملف الترشح لكأس العالم في مختلف المحطات، وظهر سعيدا والمغرب يدرك الإنجاز اليوم في ملف ثلاثي مشترك مع إسبانيا والبرتغال.

وترافع عن الإحتراف في الرياضة وخاصة كرة القدم معتمدا التحليل العلمي بمرجعية فلسفية في تحاليله، وفي تفكيك المردود الفني للمنافسات الرياضية، وتفاعل مع الرياضيين والفنانين والمبدعين عامة، لا يفوت حضور الملتقيات في الوطن وخارجه يملك  فكرا  بخصوبة مستمرة  وتتزاحم الأفكار والمبادرات في رأسه.

وللأسف ينتهي بلعيد ويغادر في زمن يمكن أن يساهم فيه بالكثير، يغادر بعد أيام عن رحيل الزميل جمال براوي وقامات وأعضاء آخرين وكأنها أيام الحزم في مدار الإبداع.. فهل في القلب مكان لجروح أخرى؟

بلعيد لبى نداء ربه وإنتقل إلى دار البقاء وهي إرادة الله، و الموت لا يتريث حتى نجفف دموعنا ونتلقى رزءا آخر.

بلعيد حفر إسمه بأظافره ونقشه بالثقافة والمهنية والفكر، حمل هم الإعلام والإبداع في الرياضة والمسرح والرسم ومختلف الفنون المقرونة بالجمال والبهاء والابتكار وأنذر حياته للكتابة والرسم وصناعة الرأي والضمير، وإستمر مؤمنا بقناعاته، صارع المرض والألم حتى الرحيل.

بلعيد من نعزي فيك اليوم، الأسرة والزوجة رفيقة دربك، نجليك ناذر والطيب، عائلة الإعلام والفن وناس الإبداع.. للجمهور الذي تعايش معك و تفاعل في المسار لم يتأخر وسارع في حملات كبيرة يتبرع لفائدتك بالدم، والتبرع بالدم من أعظم الصدقات مترجما نبل قيم الإنسانية والروح الرياضية العالية ودعم الجمهور ومؤازرته للصحفي في المحنة.

 

السي بلعيد وداعا.. لن ننساك

محمد أبوسهل

Top