وزارة العدل تعلن مراجعة قانون التوثيق ..

أعلن وزير العدل محمد أوجار، عن عزم الوزارة إخضاع القانون المنظم لمهنة التوثيق لمراجعة جديدة، بحيث يتم إخراج قانون حديث يستجيب للمتغيرات التي طرأت على الساحتين الوطنية والدولية، ويضمن لمهنة التوثيق مقومات الارتقاء والتحديث ولعب دور مهم في التنمية الشاملة التي تعرفها المملكة، قائلا إن “2019 ستكون سنة لمراجعة قوانين المهن القضائية، ومن ضمنها مهنة التوثيق”.
كما أعلن الوزير في كلمة ألقاها أمس الاثنين في افتتاح الدورة الأولى للمؤتمر الوطني للموثقين بالمغرب، الذي تحتضن أشغاله مدينة مراكش، على أن المرسوم المتعلق بتحديد أتعاب الموثقين، سيخرج إلى حيز الوجود خلال الأيام القليلة المقبلة، ليشكل بذلك إضافة نوعية لمهنة التوثيق بما يتضمنه من مقتضيات تضمن حقوق ومصالح الموثقين ماديا ومعنويا، حسب ما جاء في كلمة الوزير أوجار.
ويحدد المرسوم سالف الذكر جدول أتعاب الموثقين، إذ بالنسبة لعقود التفويت بعوض لملكية العقارات والمعاوضات العقارية، والتي لا تتجاوز قيمتها 300 ألف درهم، حدد المرسوم أربعة آلاف درهما كأتعاب ثابتة، وما بين 1.50 في المائة و0.50 في المائة للعقود، التي تتراوح قيمتها بين 300 ألف وعشرة ملايين درهم.
أما بالنسبة لعقود البيع الأول للمساكن ذات القيمة العقارية المخفضة، فإن الأتعاب لا تتجاوز 1500 درهما، وبالنسبة للمساكن الاجتماعية لا تتجاوز الأتعاب 3 آلاف درهما، أما فيما يتعلق بالسكن المخصص للطبقة الوسطى فإن الأتعاب تصل إلى 5 آلاف درهم.
يشار إلى أن هذا المرسوم كان محصلة مشاورات عديدة ومكثفة مع مهنيي القطاع، وقد أعدته الوزارة بتنسيق مع المجلس الوطني للموثقين، ليتم عرضه على أنظار مجلس المنافسة واللجنة المختلطة للأسعار لإبداء الرأي، ثم أحيل بعد ذلك على أنظار المجلس الحكومي، الذي تدارسه في اجتماعه المنعقد بتاريخ 13 دجنبر الماضي.

كما كشف الوزير عن الإستعدادات الجارية لإحداث معهد خاص بالتكوين المهني للتوثيق، والذي يعد كبنية داخل المعهد العالي للقضاء، بالنظر للإمكانيات التي سيتيحها هذا الأخير بعد تدشينه خلال هذه السنة.

هذا ولفت المسؤول الحكومي، الانتباه إلى العديد من الإجراءات التي اتخذتها وزارته سعيا لتجويد النصوص التنظيمية المنظمة لمهنة التوثيق، من ضمنها مشروع المرسوم المتعلق بمعايير الانتقال، والذي تم باقتراح من اللجنة المكلفة بإبداء الرأي في تعيين الموثقين ونقلهم وإعفائهم وإعادة تعيينهم والبت في المتابعات التأديبية الجارية في حقهم.
وأفاد الوزير بأن مشروع هذا المرسوم يهدف إلى تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع الموثقين الراغبين في الانتقال من مدينة إلى أخرى، وتجاوز الصعوبات التي كانت تعترض عمل هذه اللجنة السالف ذكرها عند نظرها في الطلبات المعروضة عليها، معلنا أن المشروع المذكور تم إعداده وفق مقاربة تشاركية، وأحيل على الأمانة العامة للحكومة قصد عرضه على مسطرة المصادقة.
هذا وفيما يتعلق بسعي الوزارة لتوفير وتقريب الخدمة التوثيقية من المواطنين، ذكر المسؤول الحكومي، بمختلف التدابير التي اتخذتها وزارته من أجل تحقيق ذلك، ما أدى إلى ارتفاع عدد الموثقين من 935 موثقا سنة 2012 إلى 1855 موثقا مع نهاية 2018، أي بنسبة زيادة وصلت إلى 98،40%”.
وأكد في هذا الصدد أن مجهودا كبيرا تم بذله خلال السنوات الاخيرة بتنسيق مع المجلس الوطني للموثقين للرفع من عدد الموثقين الممارسين، وترسيم المتمرنين خصوصا أولئك الذين قضوا سنوات طويلة في التمرين، حيث نظمت الوزارة وفق المقتضيات القانونية الجاري بها العمل ستة امتحانات لفائدة المتمرنين، وذلك بمعدل امتحان واحد في كل سنة.
هذا ولم يفت المسؤول الحكومي، خلال هذا المؤتمر الذي يتمحور حول موضوع “المملكة المغربية والتعاون الأورو–إفريقي .. التوثيق قوة اقتراحية”، والذي شهد حضورا وازنا للموثقين من بلدان القارة الإفريقية وأوروبا، أن يؤكد على تقوية التعاون القضائي بما في ذلك المهن القضائية بين كل الدول الإفريقية، ضمنها مجال التوثيق، مقترحا بالمناسبة إحداث لجنة إفريقية لفعالية العدالة، يتم من خلالها تدبير الشأن الافريقي في مجال العدالة وترسيخ مكتسبات النجاعة وتمكن لفلسفة الحكامة، وذلك على “غرار اللجنة الاوربية لفعالية العدالة (CPEJ ) التي تربطنا بها علاقات تعاون متينة”، حسب قول الوزير.

من جانبه، أكد محمد عبد النباوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، في كلمة ألقاها في هذا المؤتمر، على أن النيابة العامة بجميع أعضائها تقدم دعمها التام لكل الجهود الرامية إلى حماية مهنة التوثيق والدفاع عن قيمها ودعم جهود التخليق في صفوفها، كما أنها تصطف إلى جانب الموثقين للضرب بشدة على كل الاعتداءات على أمن وسلامة الوثيقة التوثيقية أو المساس بمصداقيتها. 

وأشاد رئيس النيابة العامة، في كلمة ألقاها في هذا المؤتمر، باختيار موضوع التوثيق كقوة اقتراحية للتعاون الأورو-إفريقي كمحور لهذا اللقاء، على اعتبار أن التيمة تنسجم مع السياسة العامة للمملكة المغربية التي حدد معالمها الكبرى جلالة الملك محمد السادس، بخصوص علاقة المغرب بدول إفريقيا القارة التي ننتمي إليها وتمتد جذور المغرب بعيداً في أعماقها.
وأكد في هذا الصدد على أن العلاقات الأورو-إفريقية، التي يحظى المغرب بدور متميز في بنائها واستقرارها، لا تتوقف على الجوانب السياسية والاقتصادية وحدها، ولكنها تجعل من التنمية الاقتصادية وسيلة للتنمية الاجتماعية وتحسين الأوضاع المعيشية للساكنة، مشيرا في هذا الصدد إلى المكانة التي تحتلها على مستوى هذا النسق العلائقي مهنة التوثيق، حيث تحتل موقعاً متقدماً في مجال دعم العلاقات الأورو-إفريقية.
وأضاف قائلا إن “ذلك يرتبط بالدور الذي يلعبه التوثيق في مجال تأمين العلاقات القانونية، والحفاظ على المصالح المالية والاقتصادية، وتوفير الأمن العقاري للأطراف، فذلك ما يجعل من مهنة التوثيق حلقة رئيسية لتمتين التعاون الأورو –إفريقي”.
وحرص عبد النباوي على التأكيد بأن الموثقين المغاربة يضطلعون بحمل لواء التقارب بين الموثقين في القارتين الجارتين، ويسهمون إلى جانب هيئات الموثقين بالدول الإفريقية والأوروبية في تسهيل تبادل الخبرات، وتداول أجود الممارسات، وتبسيط الإجراءات، وتعزيز آليات الحماية والأمن التعاقدي، التي تشجع على استثمار وانتقال رؤوس الأموال وإنعاش سوق الشغل.
ونبه المسؤول القضائي، إلى التحولات العميقة والمتسارعة في المجال المعلوماتي والتكنولوجي، داعيا مهنيي التوثيق إلى الانخراط لرفع التحديات على هذا المستوى، فهم مدعوون لتحفيز نظم المعاملات الالكترونية، التي أصبحت دعامة أساسية لضبط وإثبات المعاملات، مع تقصي أنجع السبل القانونية لمواجهة الصعوبات والإكراهات التي تطرحها هذه المعاملات، بخصوص تأمين وحماية الأنظمة الإلكترونية المتعلقة بالتعاقد، التي أصبحت ضرورة وظيفية، ولكنها لا تخلو من تهديدات حقيقية على الأمن التعاقدي.
وأشار بالنسبة لهذا الجانب إلى أهمية التكوين المستمر، والاطلاع والتمكن من أحدث التقنيات لتوثيق العقود الإلكترونية وحفظها حماية للمتعاقدين، وللمجال الاقتصادي والاجتماعي الذي تتم فيه المعاملات، موضحا بقوله إن “مهنة التوثيق لا يقتصر نشاطها على العمل المحلي في إنجاز العقود، وإنما يخترق البعد الجغرافي بين الدول، ويكون لها بذلك إسهام في بناء سليم للعلاقات الدولية”.   

> فنن العفاني

Related posts

Top