اعتبر المشاركون والمشاركات في المناظرة الدولية “نساء من هنا وهناك، من أجل مدونة أسرة ضامنة للمساواة وعدم التمييز” أن هذا الحدث شكل مناسبة للتأكيد على ضرورة المراجعة الشاملة والعميقة لمدونة الأسرة المغربية على قاعدة المساواة في الحقوق والعدل، وعلى ضرورة ملاءمتها مع الدستور المغربي ومع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة.
ودعوا، ضمن الإعلان الختامي الذي تضمن عدة توصيات وتوصلت بيان اليوم بنسخة منه، إلى مراجعة شاملة وعميقة لمدونة الأسرة وللمنظومة التشريعية ذات الصلة، “مع اعتماد صياغة قانونية واضحة تحترم كرامة النساء وتناهض جميع أشكل التمييز بسب الجنس أو العقيدة واحترام حقوق الأطفال”. وطالب المشاركون والمشاركات “بمراجعة منظومة المواريث مع اعتماد قواعد العدل والمساواة وعدم التمييز بسبب الجنس أو العقيدة وضمان حقوق الأطفال، واعتماد الاجتهاد الفقهي الواقعي والحي والمبني على المساواة”. كما أوصوا بـ”التوجه نحو فعلية الحقوق والواجبات والمواطنة، واعتمادها في خلفية التشريع وفي القوانين والسياسات العمومية ذات الصلة بمدونة الأسرة”.
المناظرة الدولية عرفت حضور مؤسسات وقطاعات وفاعلين حكوميين وغير حكوميين، وخبراء وخبيرات من ذوي الاختصاص في مجالات متعددة، وشاركت فيها عدة منظمات نسائية وحقوقية وجمعيات نشيطة في مجال حقوق النساء والهجرة والأطفال من عدة دول منها المغرب وبعض الدول الأوروبية (فرنسا، بلجيكا، الدنمارك، اسبانيا) والسنغال.
وفي هذا الصدد، أوصى المشاركون بتسهيل عملية الإقرار القانوني بالعقود والمساطر التي يقوم بها مغاربة العالم بناء على قوانين دول الإقامة، وتسهيل المساطر بالنسبة لمغاربة العالم عامة وتحديدا عبر تعزيز رقمنة الإجراءات الإدارية والقنصلية والقضائية، وكذا تحقيق المساواة في الحقوق والفرص وفي الولوج إلى العدالة لجميع الأشخاص داخل التراب الوطني، بغض النظر عن كونهم مهاجرين أو لاجئين أو مواطنين، باعتبار ذلك مسؤولية المغرب كونه أصبح بلاد إقامة.
ودعوا إلى تكثيف التواجد والعمل القنصلي والموارد في الدول الأجنبية خصوصا الأوربية وتلك التي تستوجب ذلك لمعالجة قضايا مدونة الأسرة ومساطرها، ووضع حد للتحايل على القوانين وانتهاكها.
وفي ذات السياق، طالبوا بالتعريف بانخراط المغرب في اتفاقية لاهاي الخاصة بالجوانب المدنية للاختطاف الدولي للطفل واعتماد اتفاقيات ثنائية بقانون الأسرة مع الدول (اختطاف الأطفال، الحرمان من الوثائق الشخصية، الزواج، الطلاق، الزوجات والنساء العالقات…)، والمصادقة على اتفاقية اسطنبول بشأن العنف ضد النساء، وتشكيل وتفعيل المؤسسات الدستورية (هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة).
وكانت أشغال المناظرة التي نظمتها فدرالية رابطة حقوق النساء بمدينة الرباط أيام 22 إلى 24 يونيو الماضي، قد ركزت على القضايا القانونية والمسطرية وغيرها ذات الصلة بالزواج والطلاق والولاية والنسب والحضانة وتقسيم الممتلكات والنفقة والإرث، معوما تطرحه من تعقيدات كبيرة أمام النساء والأطفال تحديدا، والأسر بشكل عام. واعتبرت أن الرهان الأساسي هو المضي في تحقيق العدالة والمساواة في الحقوق وفي الفرص للنساء بالمغرب وببلدان المهجر.
وتوقفت المناظرة بالتفصيل على الأسس (الدستورية والحقوقية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفقهية والواقعية) الداعمة لتغيير مدونة الأسرة، وتم خلالها استعراض التحديات التي تواجه النساء المغربيات في بلدان المهجر، بما في ذلك التمييز القانوني والاجتماعي والعنف، وعرض شهادات حية تبرز حجم معاناة النساء والأطفال والآثار الاجتماعية الوخيمة لها. وقد ركزت أغلب المداخلات والنقاشات أساسا على مسألة تنازع القوانين بين مدونة الأسرة المغربية وبين قوانين دول الإقامة، وفي بعض الأحيان غياب الاتفاقيات الثنائية بين المغرب وبعض الدول.
وفي إطار أنشطة المناظرة التقت المشاركات والمشاركون ببعض الفرق البرلمانية لحشد دعم أعضاء وعضوات المؤسسة التشريعية من أجل اعتبار مشاكل النساء المهاجرات ضمن المراجعة المرتقبة لمدونة الأسرة. كما شكلت المناظرة، حسب ما أفاد الإعلان الختامي، مناسبة لتقاسم بعض التجارب الفضلى ولاسيما تجربة دولة السنغال التي اعتمدت قانون أسرة مدني مع فتح باب الاختيار أمام الأشخاص فيما يتعلق بتطبيق القانون المدني أو القانون الإسلامي. وتوجت فعاليات المناظرة بإحداث ائتلاف “نساء من هنا وهناك من أجل المساواة”، كآلية مشتركة للتنسيق والاشتغال والترافع من أجل تحقيق المساواة والعدالة للنساء المغربيات داخل المغرب وببلدان الإقامة، وتكثيف الجهود لتعزيز المكتسبات الحقوقية والديمقراطية.
سميرة الشناوي