يراهن المغرب وبلجيكا على الكفاءات المغربية المقيمة ببلجيكا، للإسهام في الدينامية التنموية والتطور الذي يشهده البلدين، وجعلها الركيزة الأساسية للشراكة والدفع في اتجاه تعزيز حضورها في التوجهات الاستثمارية والشراكات المبتكرة سواء في المجالات الاقتصادية أو الاجتماعية والثقافية. ومن أجل تفعيل هذا الإسهام، وتعزيزه، اتخذت المملكة المغربية من جانبها تدابير تعددت مستوياتها تمكن من تطوير شراكات مع الفاعلين المغاربة العموميين والخواص وإدماج هذه الشراكات في إطار التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف فضلا عن تشجيع رجال الأعمال من مغاربة العالم على الاستثمار في بلدهم الأصلي.
وفي هذا الصدد يأتي المنتدى المغربي البلجيكي في دورته الأولى والذي يحمل شعار”شراكة مبتكرة في خدمة الكفاءات”، حيث جدد فيه كل من الوزير المنتدب المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، عبد الكريم بنعتيق، ووزير الشغل والإدماج المهني، محمد يتيم، الدعوة للكفاءات المغربية القاطنة ببلدان المهجر، خاصة ببلجيكا، إلى الإسهام في الدينامية التنموية والتطور الذي يشهده المغرب، وتعزيز حضورهم في التوجهات الاستثمارية والشراكات المبتكرة سواء في المجالات الاقتصادية أو الاجتماعية والثقافية بين المغرب وبلجيكا.
وقال الوزير عبد الكريم بنعتيق، في كلمة ألقاها في افتتاح أشغال هذا المنتدى الذي امتدت فعالياته طيلة يوم الجمعة بالرباط، إن “الوزارة أطلقت رؤية تعتمد إستراتيجية تتجه نحو تعبئة كفاءات مغاربة العالم للقيام بأدوار طلائعية في المستقبل، باعتبارها تمثل جسرا بين ثقافة ومرجعيات المجتمعات الأصلية وبين ثقافة ومرجعيات بلدان الاستقبال”، موضحا أن “ذكر الكفاءات يعني النجاح كجسر دائم للتفاعل مع كل المتغيرات، سواء في البلدان الأصلية أو بلدان الاستقبال”.
وأشار المسؤول الحكومي إلى أن مغاربة العالم يصل عددهم حاليا حوالي 5 مليون شخص، يتوزعون على أكثر من 100 دولة، إذ تمثل نسبتهم أكثر من 13 في المائة من ساكنة المغرب، بينهم نساء ورجال استطاعوا الوصول إلى مواقع أساسية في صناعة القرار سواء على المستوى الاجتماعي التأطيري الإنتاج الاقتصادي والعلمي في القطاعين العام والخاص”.
وأفاد بالنسبة لمغاربة العالم ببلجيكا، والذين كان عدد الذين يتوفرون على بطاقة الإٌقامة سنة 1965، نحو 401 مغربي، فيما انتقل عددهم حاليا إلى نحو 700 ألف شخص، والذين حققوا اندماجا كاملا ومثاليا داخل بلجيكا، مبرزا أن المغرب يؤكد على إشراكهم وحضورهم بشكل أساسي وقوي لرفع التحديات المطروحة، خاصة وأن هذه الجالية تحوز ما يكفي من عناصر النجاح من خبرات وتجارب ومعارف بإمكانها اغناء المسار التنموي الذي يشهده المغرب، والمساهمة أيضا في رفع التحديات والصعوبات المتعددة التي يعرفها العالم.
وذكر في هذا الصدد بما تمثله ما يسمى “الجهة 13” الافتراضية التي أطلقتها قبل أشهر الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة والاتحاد العام لمقاولات المغرب، بهدف تشجيع أرباب المقاولات المغاربة المقيمين بالخارج على الاستثمار في بلدهم الأصلي وتسهيل تطوير المبادلات الاقتصادية بين المملكة وباقي دول العالم. وكشف بنعتيق عن تنظيم أول منتدى كبير في شهر أكتوبر القادم، يجمع جمعيات المجتمع المدني في المهجر، ليكون بذلك حصيلة أولية لعشرين عاما من العمل في بلدان المهجر، وبحث سبل لوضع لبنات الارتقاء بعمل هذه المكونات.
من جانبه، أكد وزير الشغل والإدماج المهني، محمد يتيم، على عمق ومثانة الشراكة المتميزة التي تجمع المغرب وبلجيكا، مشيدا في هذا الصدد بالدور الطلائعي الذي تلعبه الجالية المغربية المقيمة ببلجيكا وبما تضمه من كفاءات فكرية واقتصادية واجتماعية، لدعم مسار التنمية بالمغرب من خلال نقل تجاربها وخبراتها في مجالات متعددة ووضعها رهن إشارة مؤسساتها ومواطنيها. وشدد الوزير على التحلي باليقظة المطلوبة في ضرورة أن يكون العامل المهاجر وصيانة حقوقه كإنسان، في صلب كل المخططات والتشريعات القانونية مع ضمان السبل الكفيلة بتطبيقها.
وأشار في هذا الصدد إلى الدعم الذي يتلقاه المغرب من خلال برامج التعاون التي تجمع المغرب ببلجيكا والجاري تنفيذها، ممثلا في مشروع “أمودو” الذي ينجز في إطار دعم تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء والرامي إلى إدماج المهاجرين المستفيدين من عمليتي التسوية الإدارية بسوق الشغل، كما أن الترتيبات جارية لإخراج مشروع جديد إلى حيز والذي يهدف بدوره إلى تشجيع الشباب نساء ورجالا على المبادرة الحرة وتعزيز قدراتهم المقاولاتية وتحسين قابلية التشغيل والتشغيل الذاتي لفائدتهم.
وفي المقابل، أكد رشيد مدران، وزير الشباب والرياضة في الحكومة الجهوية لمنطقة والوني-بروكسيل، والذي ينحدر من أبوين مغربيين، على الدور المحوري الذي بات يلعبه مغاربة العالم سواء في أوروبا بشكل عام، أو بالنسبة للجالية المغربية في بلجيكا، التي حسب ذكر مسؤول الحكومة الجهوية لجهة بروكسل، شهدت تحولا في تركيبتها، حيث على خلاف الجيل الأول من المهاجرين المغاربة الذين وصلوا بلجيكا واشتغلت في ميدان محدد، فإن الأجيال الحالية تمكنت من ولوج مختلف المهن والمجالات كما أن نسبة مهمة من أفراد الجالية أصبحوا يتوفرون على دبلوم في الدراسات العليا.
وشدد في هذا الصدد على أن الآلاف من تلك الكفاءات تساهم في اغناء الشراكة بين المغرب وبلجيكا، مثمنا جهود المغرب بالنظر للتدابير التي اتخذها لتشجيع الجالية على الاستثمار، خاصة وسط الشباب، ومواكبة مشاريعهم واعتبارها كرافعة للتنمية، إذ أن 82 في المائة من الاستثمارات الجارية تعود لهذه الشريحة العمرية.
ولم يفت الوزير مدران، أن يذكر باتفاق التعاون الذي يجمع بين المغرب وبلجيكا، والذي يترجم مثانة العلاقات بين البلدين، معتبرا أن المنتدى يمثل فرصة لإبراز الكفاءات المغربية – البلجيكية في مختلف المجالات منها العلمية والثقافية والاقتصادية، وجعلها في خدمة تقوية الشراكة والنسيج الاقتصادي في البلدين.
< فنن العفاني