أحلام غير وردية.. قبل النوم
ببطن منتفخ، وجفون قد هدبت وتدلت كعناقيد العنب، لم يتبق لي إلا أن أولي وجهي شطر السرير، راغبا في استلقاء كم أنا في حاجة ماسة إليه، معرضا عن التناوم، وأنا أغازل كسلي ليرديني ميتا دون مقاومة.
أرمق ارتخائي بنظرات عابرة، منكسرة، وأتوسل الرقاد كي يحضر، ليمارس ديكتاتوريته الناعمة، حين يتفنن في إفناء ما تبقى مني، منصبا نفسه حارسا على أعتاب غيابي، رافضا أن يمر أي كان في أحلامي..
أركب قارب النوم، تاركا ساحة الصحو لأصحابها، غير مكترث بما قد يحدث في العالم في غيابي.
فبعد الغذاء، ونصف يوم من العمل المضني، لا شيء يستهويني سوى الاستسلام لحصة رقاد، تمنيت لو كان كذلك الذي غض فيه أصحاب الكهف.
أعرج على القنوات التلفزية، متناولا آلة التحكم عن بعد، في خطوة قد تسرع نعاسي، وتعجل من وتيرة إطباق مقلتاي المرتخيتين.
لا جديد يحمله الساتيليت، لعلعة الرصاص تنبعث من كل المنابر المرئية، مع لقطات إشهارية تكسر أحيانا حديد الحروب اللعينة.
نعم هي الحروب التي تزهق أرواح الأبرياء، وتخضب ورود الطفولة بالدماء، وتفرض على الفرح أن يغادر كل البيوت، وتفسح المجال للبلاء ليستوطن في كل التفاصيل.
هكذا هي الحروب، حين تتكلم البنادق ترحب بالمنايا وتستضيفها حيثما تكون.
تحرير الرقة ودير الزور، محاصرة القوات الأمريكية للموصل، هجوم الحوثيين على تعز، اقتحام القوات الإسرائلية للحرم القدسي، تهجير مسلمي الروهينغا، هي أبرز العناوين التي تعتلي قائمة النشرات لما يزيد عن سنوات.
كما يستسلم المريض لجرعات التخدير وهي تسري داخل عروقه، أقدم أوراق استسلامي للنوم، ساحبا الغطاء فوق رأسي، وكلي أمل أن لا تضايقني حتى الأحلام الوردية.
بقلم: هشام زهدالي