تواجه الصومال مأزقا سياسيا وأمنيا الأربعاء، إذ إنها تشهد شللا بسبب خلاف بين الرئيس ورئيس الوزراء حول استبدال مدير جهاز الاستخبارات، في خضم جدل كبير في الأيام الأخيرة حول اختفاء موظفة في الجهاز.
تتفاقم التوترات بين الرئيس محمد عبد الله محمد الملقب “فارماجو” ورئيس الحكومة محمد روبلي حول اختفاء هذه الموظفة في الاستخبارات وتدعى إكرام تهليل (25 عاما) وهي تعمل في دائرة الأمن المعلوماتي في الوكالة الوطنية للأمن والاستخبارات (نيسا)، وقد خطفت من العاصمة مقديشو في 26 يونيو.
أكد رئيس الوزراء الأربعاء أن الرئيس “يعرقل التحقيق” وقراراته الأخيرة تشكل “تهديدا وجوديا خطيرا لنظام الحكم في البلاد”.
ويثير هذا الخلاف الجديد بين الرئيس ورئيس الحكومة، الذي يتمحور هذه المرة حول الجهاز الرئيسي في مكافحة تمرد حركة الشباب الجهادية، القلق في وقت لا تزال البلاد تنتظر تنظيم الانتخابات الرئاسية التي كان يفترض إجراؤها قبل فبراير.
وأعلن روبلي الأحد إقالة مدير الاستخبارات فهد ياسين المقرب من الرئيس فارماجو وعين مديرا آخر محله. ورأى رئيس الوزراء أن تحقيق الاستخبارات حول اختفاء إكرام تهليل الذي يتهم جهاديي حركة الشباب، “غير مقنع ويفتقر إلى أدلة”.
وألغت الرئاسة الاثنين قرار روبلي معتبرة أنه “غير دستوري وغير قانوني”، ثم أعلنت ليل الثلاثاء الأربعاء تعيين فهد ياسين مستشارا أمنيا لرئيس الدولة، وكلف الكولونيل ياسين عبد الله محمود القريب من فهد ياسين، إدارة وكالة الاستخبارات بالنيابة.
وأعلنت وكالة الاستخبارات صباح الأربعاء أن مديرها الجديد بالنيابة الكولونيل ياسين عبد الله محمود، تسلم مهامه على رأس الجهاز.
وأفادت مصادر عدة وكالة فرانس برس أنه تم تعزيز الأمن حول مقر الجهاز الذي وصلت الانقسامات إلى صفوف كبار ضباطه.
وقال عنصر من جهاز الاستخبارات بدون الكشف عن اسمه، إن “الوضع لا يزال متوترا والموظفين في الوكالة مرتبكون الآن. يبدو أن بعض الضباط أخذوا طرفا”.
وقالت مصادر إن عناصر من وحدة “دوفان” الخاصة في جهاز الاستخبارات، المرتبطة بشكل وثيق بالرئاسة، شوهدوا يحرسون المبنى صباح الأربعاء بآليات مصفحة.
وأفاد صحافيون في وسائل إعلام رسمية وكالة فرانس برس أنهم تلقوا أمرا بعدم نشر أي بيانات تصدر عن رئيس الوزراء.
وأكد موظف في وزارة الإعلام اشترط عدم الكشف عن اسمه، لوكالة فرانس برس أن “الوزير طلب وقف الإبلاغ عن شؤون مكتب الرئيس المتعلقة بالنزاع السياسي”.
منذ أشهر، يتواجه فارماجو الذي انتهت ولايته في فبراير بدون أن يتمكن من تنظيم انتخابات جديدة، وروبلي الذي تم تعيينه في شتنبر 2020، في خصومة تصبح مفتوحة أكثر فأكثر.
وكلف الرئيس فارماجو في ماي روبلي تنظيم انتخابات، لمحاولة تهدئة التوترات التي ولدت جراء إعلان تمديد ولايته لعامين. وبلغت هذه التوترات ذروتها مع اشتباكات مسلحة في مقديشو، أحيت ذكريات عقود من الحرب الأهلية في البلاد بعد 1991.
وتوصل محمد روبلي إلى اتفاق بشأن برنامج الانتخابات على أن يجري الاقتراع الرئاسي بحلول العاشر من أكتوبر.
وتأخرت هذه العملية في الواقع عن البرنامج. ويفترض أن يتم تعيين أعضاء مجلس النواب، الخطوة الأخيرة قبل انتخاب رئيس الدولة حسب النظام الانتخابي المعقد غير المباشر للصومال، بين الأول من أكتوبر و25 نونبر.
وفي بيان مشترك الثلاثاء، حثت الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي و”الهيئة الحكومية الدولية للتنمية” (ايغاد) القادة الصوماليين على نزع فتيل المواجهة السياسية. كما دعت إلى “تحقيق يتمتع بالصدقية بشأن اختفاء إكرام تهليل واستكمال العملية الانتخابية من دون مزيد من التأخير”.
ويعتبر مراقبون كثر أن المأزق الانتخابي صرف الاهتمام عن مواضيع مهمة أخرى في الصومال على غرار التمرد الجهادي الذي تقوده حركة الشباب.
على الرغم من طردهم من مقديشو العام 2011، لا يزال الشباب يسيطرون على مناطق ريفية شاسعة في البلاد وينفذون هجمات بانتظام في العاصمة.
< أ.ف.ب