دروس الأعياد

تحل بعد غد الإثنين الذكرى التاسعة والخمسون لثورة الملك والشعب، ويوم الثلاثاء 21 غشت يخلد الشعب المغربي الذكرى التاسعة والأربعين لميلاد جلالة الملك، وهما المناسبتان الوطنيتان اللتان يتزامنان هذا العام مع أجواء الاحتفال بعيد الفطر السعيد، كما أنهما يحلان ضمن سياق سياسي ومجتمعي متميز في بلادنا، ويتسم تخليدهما بتجديد تطلع شعبنا إلى المزيد من التقدم والتنمية، وإلى تعزيز الحقوق والحريات.
تمثل «ثورة الملك والشعب» ملحمة كبرى في النضال الوطني لشعبنا من أجل الاستقلال، وتعتبر مرحلة فاصلة وحاسمة في صيرورة كفاح الحركة الوطنية والمؤسسة الملكية من أجل الحرية، ومن أجل النجاح في «الجهاد الأصغر»، كما عبر عن ذلك جلالة الملك المغفور له محمد الخامس، وبالتالي الانتقال إلى معركة «الجهاد الأكبر»، أي كامل المسلسل الذي خاضه المغرب المستقل، ويواصله إلى اليوم.
تحل 20 غشت هذه السنة، والمغرب يخوض تجربة سياسية جديدة هي نتاج نموذجه المتميز الذي تفاعل عبره مع الربيع الديمقراطي الذي عاشته عدد من بلدان المنطقة، ومن ثم، فإن أبرز درس يستلهم اليوم من ذكرى «ثورة الملك والشعب» هو حاجتنا المستمرة إلى تقوية التعبئة الداخلية، وتمتين الجبهة الوطنية من أجل كسب رهانات الوحدة الترابية والاستقرار المجتمعي والتنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي والديمقراطي.
وبالإضافة إلى ما سبق، فإن ما يجري اليوم في الساحات الإقليمية والدولية، وما يشهده العالم من أزمات وتوترات، يفرض تقوية الانتباه داخليا، والإصرار على مواصلة الإصلاحات السياسية والديمقراطية، وعلى تلبية المطالب الاجتماعية الملحة لشعبنا، وخاصة الفئات المستضعفة منه، وبالتالي جعل بلادنا تنجح في ترسيخ مشروعها المجتمعي الديمقراطي الحداثي.
ويعتبر الشباب اليوم، أبرز من يجسد هذه التطلعات الديمقراطية والتنموية، كما أن أوضاع الكثير من فئاته هي الأقدر على تجسيد الحاجة في بلادنا إلى إنجاز الكثير من الأشياء، وخاصة على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، فضلا على أن الشباب هو الأقدر أيضا على تأمين الاستمرارية والعنفوان والحيوية لأوراش الإصلاحات المطلوبة في مغرب اليوم.
وإن ذكرى ميلاد جلالة الملك، المقترنة دائما بالاحتفاء بالشباب، تهل هذا العام في سياق مرور عام على الدستور الجديد الذي منح مكانة متميزة للشباب، ولهذا، فإن قضايا مثل: التشغيل ومحاربة بطالة الشباب، إصلاح وتطوير التعليم، تقوية المشاركة السياسية وغيرها، تمثل اليوم الاحتفاء الحقيقي بالشباب المغربي، وفي نفس الوقت هي الأرضية الصلبة والحقيقية لتعبئة الشباب لخوض كل المعارك المجتمعية.
لقد نجحت ملحمة «20 غشت» في جعل البلاد كلها ميدان تحرير وساحة معركة وطنية وشعبية من أجل الاستقلال، وبرز الشباب المغربي طيلة سنوات الاستقلال في مختلف المعارك من أجل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وبروح ودروس ثورة الملك والشعب، وبعنفوان وحماس وعلم وإرادة الشباب يمكن اليوم لبلادنا أن تنجح في المعركة من أجل التنمية والتقدم والحداثة والديمقراطية.
[email protected]

Top