بشار يقتل في بيروت، ما العمل؟

عاد التوتر والاضطراب إلى لبنان عقب اغتيال رئيس شعبة «المعلومات» في قوى الأمن الداخلي اللواء وسام الحسن، وفي حين نجح الجيش في إعادة الهدوء نسبيا إلى البلاد، فإن السجال السياسي زادت حدته في الأيام الأخيرة، ما يجعل الوضع اللبناني مفتوحا على كل الاحتمالات.
منذ بداية المأساة السورية حذر الكثيرون من إقدام النظام البعثي الدموي على توسيع نطاق جرائمه ليشمل البلدان المجاورة، وخصوصا لبنان، وها هو التحذير صار حقيقة، وجرى اغتيال شخصية أمنية لبنانية كبيرة في قلب العاصمة بيروت. من دون شك ستتوارد الدلائل والمعطيات مستقبلا لتؤكد أن نظام بشار الأسد وعملائه داخل لبنان ليسوا بعيدين عن جريمة الاغتيال هذه، لكن المؤكد أيضا أن اللبنانيين تذكروا مرة أخرى سنوات البطش السوري، وأيام الحرب والمعاناة، وباتوا يخشون تكرار المرحلة السوداء.
النظام السوري الهمجي الذي لم يقبل حتى هدنة مؤقتة بمناسبة عيد الأضحى، يقفز اليوم نحو المجهول، ويسير نحو توسيع جرائمه لتشمل المنطقة برمتها، وكانت لبنان مجرد رسالة أولى في هذا الجنون.
نظام بشار لم يكتف بقتل آلاف السوريين، وتشريد عشرات الآلاف إما مشردين داخل البلاد أو لاجئين في دول الجوار، ولم يكتف بتدمير مدن وبلدات سورية بكاملها، وإنما ها هو اليوم  يقترف البشاعة نفسها على أرض لبنان، وبدورها الأردن ليست بعيدة عن الخطر، وهكذا يتحول بشار اليوم والطغمة المحيطة به إلى خطر حقيقي على الأمن والسلم في المنطقة، وإلى تهديد فعلي للشعوب.
إن المجتمع الدولي، وخاصة القوى المدعمة للنظام السوري أو تلك المترددة في مواجهته، تتحمل مسؤولية أخلاقية وسياسية تجاه الشعب السوري وبقية شعوب المنطقة، وصار من المستعجل اليوم الانتقال بالموقف الدولي إلى مرحلة أخرى، أكثر حزما وصرامة دفاعا عن السلم والأمن والاستقرار، ومن أجل حماية الشعب السوري وشعوب البلدان المجاورة.
اليوم يبدو واضحا أن كل الحلول الدولية والإقليمية تصطدم بتعنت الديكتاتور بشار، وحتى الهدنة التي عرضها المبعوث الدولي والعربي لم تجد القبول، وبالتالي فقد صارت المبادرات السياسية تجاه نظام دمشق كما لو أنها آجال جديدة لمزيد من القتل والتدمير وإزهاق أرواح المدنيين.
إن استمرار هكذا نظام همجي في الشام، مسنودا من لدن إيران وممثلها في لبنان(حزب الله)، وتواطؤ النظام العراقي أحيانا وتواجد أطراف سياسية عراقية تأتمر بأوامر إيرانية، فضلا عن حالات الارتباك والغموض في عدد من بلدان الحراك العربي (ليبيا، مصر، تونس، اليمن…)، كل هذا يفرض اليوم تقوية اصطفافات أخرى في المنطقة العربية من شأنها إشعاع قيم الاعتدال، والعمل من أجل تحقيق الاستقرار والتنمية والتقدم والديمقراطية لفائدة شعوب المنطقة، وقد تكون الزيارة الناجحة لجلالة الملك لبلدان الخليج والأردن منسجمة ضمن هذا المنطق أيضا، وربما تتعزز ديناميتها مستقبلا بما يجعل المملكة المغربية نموذجا ديمقراطيا في المنطقة، وفاعلا رئيسيا أيضا في مسلسلات التغيير ومعالجة قضاياها الملتهبة.

Top