تخفيض ثمن الدواء

 

نجح وزير الصحة، البروفيسور الحسين الوردي، والحكومة، في تحويل الأفكار التي طالما دافع عنها بشأن القطاع إلى إجراءات وقرارات ملموسة لفائدة المواطنات والمواطنين، وذلك بالإعلان عن تخفيض أسعار ثلاثمائة وعشرين دواء، في انتظار مرحلة التخفيض الثانية التي ستعني أضعاف الرقم المعلن عنه.

لقد سبق لفعاليات من القطاع وجمعيات تعمل في مجال الدفاع عن الحق في الصحة أن أكدت أن ثمن الدواء في المغرب مرتفع، وأن أي إصلاح حقيقي للسياسة الدوائية في بلادنا يجب أن يستحضر ضرورة تخفيض السعر على المواطنين، كما سجل الكثيرون مؤخرا أن عددا من المستفيدين من بطاقة «راميد» سيواجهون صعوبات بليغة في الولوج للأدوية نظرا لغلائها، وبسبب عدم توفرها دائما في المستشفيات العمومية، والمعطيات ذاتها سبق أن رصدتها تقارير دولية، وأيضا تقرير اللجنة البرلمانية سنة 2010، وطيلة السنوات الأخيرة كان الحديث مكثفا حول خفض سعر الدواء كمحور جوهري في أي إصلاح دوائي حقيقي في المغرب، وقد نجح الوزير الحالي في إقناع مختلف فئات وأوساط مهنيي القطاع والصيادلة والمصنعين والموزعين بضرورة الإعمال المشترك لهذا المنجز الهام.
إن الخطوة الأولى التي أعلن عنها تحمل استفادة حقيقية وملموسة للمرضى، خصوصا فيما يتعلق بأدوية بعض الأمراض المزمنة، وهي باهظة الثمن، كما أن القرار يكشف نجاعة الحوار والمقاربة التشاركية بين الحكومة ومهنيي القطاع، ويجسد انتصار كافة الأطراف على الحسابات المصلحية والضيقة، وعلى كل الأنانيات، واستحضار حق شعبنا أولا في الولوج إلى الدواء، ومراعاة قدرته الشرائية، وهذه القناعة تمثل اليوم رسالة ذات دلالة لمختلف الفاعلين في قطاعات أخرى، حيث أن ظرفية الأزمة وتنامي الطلب الاجتماعي وضعف القدرة الشرائية تحتم على هؤلاء التفكير في سبل تيسير استفادة الطبقات المعوزة والمتوسطة من الخدمات الاجتماعية الأساسية، في الصحة وفي غيرها، وبالتالي جعل مصلحة البلاد والعباد فوق كل الاعتبار، وتنمية الاستهلاك الوطني.
لقد لقي عمل البروفيسور الحسين الوردي على رأس وزارة الصحة تقدير أوساط كثيرة، أولا لكفاءة المعني بالأمر، وثانيا لمصداقيته المهنية والسياسية والأخلاقية، وثالثا لحرصه القوي على الحوار وعلى التفعيل المستمر للمقاربة التشاركية، ورابعا لوضوح رؤيته وقناعاته، وخامسا لانتظام كل مبادراته وتحركاته ضمن رؤية حكومية شاملة حددها البرنامج الحكومي، وهي مؤطرة بمرجعية دستورية وحقوقية تركز على الإنسان أولا وقبل كل شيء، ومن خلال القرار الأخير المتعلق بالدواء، وإن كان في مرحلته الأولى، فهو يجسد كامل هذه المنظومة السياسية والمبدئية، ومن المؤكد أن ذات الأفكار والقناعات يمارسها الرجل في باقي محاور عمل الوزارة، وفي العلاقة مع أطراف مهنية واجتماعية أخرى على صلة بالقطاع، ولهذا، فإنه عندما يتعرض وزير من هذا المستوى المعرفي والأخلاقي لهجومات مفبركة ومصلحية تحركها لوبيات معروفة، فإن الناس يدركون بسرعة الغاية والهدف، ولهذا اختار هو، والحكومة كلها، الإنصات لحاجيات الناس والتفاعل الإيجابي معها، بدل الانجرار نحو متاهات وألاعيب اللوبيات الريعية.
خطوة أولى مهمة لمصلحة الناس، ولفائدة المرضى والمعوزين…
إلى الخطوات الأخرى إذن…
[email protected]

 

Top