•تنظيم مهرجان خطابي وتكريم مقاومين وتوزيع إعانات مالية على عدد من أفراد أسرهم

 سطرت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير يومه الأربعاء، برنامجا للأنشطة والفعاليات المخلدة للذكرى الثالثة بعد المائة لاستشهاد البطل موحى أوحمو الزياني بإقليم خنيفرة، يتضمن تقديم مشروع بناء معلمة تذكارية بالمدارة الطرقية ابن خليل 33، جماعة ايت اسحاق وتنظيم معرض للوحات التشكيلية من انجاز تلميذات وتلاميذ ورشة الرسم والتشكيل بمؤسسة الإبداع الفني والأدبي بخنيفرة التابعة للمديرية الإقليمية لوزارة التربية والوطنية والتعليم الأولي والرياضة وزيارة ضريح الشهيد موحى أو حمو الزياني بتملاكت للترحم على أرواح شهداء الاستقلال والوحدة الترابية.

وبذات المناسبة، سيتم تنظيم مهرجان خطابي بحضور السلطات الإقليمية والمحلية والمنتخبين ونشطاء المجتمع المدني والعمل الجمعوي والمنتمين لأسرة المقاومة وجيش التحرير، تلقى خلاله كلمات وشهادات للإشادة بفصول هذه الملاحم البطولية وإبراز مكانتها المتميزة في تاريخنا الوطني الطافح بروائع النضالات من أجل الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية واستكمال الوحدة الترابية، وتكريم صفوة من المنتمين لأسرة المقاومة وجيش التحرير بالإقليم وتوزيع إعانات مالية على عدد من أفراد هذه الأسرة الجديرة بموصول الرعاية وشامل العناية والإحاطة.يخلد الشعب المغربي ومعه أسرة المقاومة وجيش التحرير وساكنة مدينة خنيفرة يومه الأربعاء الذكرى الثالثة بعد المائة لاستشهاد أحد أبطال المقاومة والتحرير، الذي يسجل له التاريخ بمداد الفخر والاعتزاز مواقفه البطولية وصموده الكبير في وجه القوات العسكرية الأجنبية الغازية، المدججة بترسانة من الآليات العسكرية والأسلحة الحربية الفتاكة.

إنه الشهيد موحى أوحمو الزياني، بطل معركـة الهري التي خاض غمارها المقاومون الأشاوس في13 نونبر من سنة 1914، وسجلوا خلالها انتصارات باهرة على الجيوش الغازية التي تكبدت خسائر فادحة في العدة والعتاد والجنود.

والشهيد موحى أوحمو الزياني يعد بحق رمزا من رموز الكفاح الوطني، نستحضر بإحياء ذكرى استشهاده ملاحم وتضحيات شهداء الكفاح الوطني في سبيل الحرية والاستقلال والوحدة الترابية، تجسيدا لقيم الوفاء لأرواحهم الطاهرة، وإشادة بأعمالهم الجليلة ونضالاتهم المريرة والمستميتة من أجل عزة الوطن وكرامته، والدفاع عن مقدساته الدينية وثوابته الوطنية، ومقوماته التاريخية والحضارية.

ففي يوم السابع والعشرين من شهر مارس سنة 1921، استشهد موحى أوحمو الزياني الذي هب منذ تنامي الأطماع الاستعمارية على بلادنا، إلى تحفيز وتعبئة الفلاحين وساكنة أعالي نهر أم الربيع حتى السهول الأطلسية، ويمم سنة 1908 صوب بلاد الشاوية لمؤازرة قبائلها والتصدي لجيش الاحتلال الفرنسي، ومن الشاوية إلى سهول سايس، وخاض معارك طاحنة بزمور وزعير، منها على سبيل المثال، معركة تافودايت في أبريل 1912 ببلاد زمور، ومعركـة أكوراي ببـلاد كـروان جنـوب مكنـاس فـي مـاي من نفـس السنة، ومعركة الزحيلكة بتراب زعير، ومعركة إيفران بسيدي عبد السلام، بتراب بني مطير في يونيو 1912، ومعركة وارغوس سنة 1913 بناحية وادي زم.

لقد تمكن موحى أوحمـو الزياني من استقطاب وحشد طلائع المجاهدين المناهضين للتدخل الأجنبي، والذين هلوا ووفدوا من كل المناطق المجاورة لقبائل زيان لتعزيز صفوف المقاومة بروح تغمرها الغيرة الوطنية وروح التضحية والمسؤولية.

وتجلت مقاومة موحى أوحمـو الزياني بقوة غداة محاولات المستعمر لبسط سيطرته على خنيفرة سنة 1914 حيث وقف بصمود في مواجهته والتصدي لمخططاته، فخاض غمار معارك ضارية تحتفظ ذاكرة التاريخ وذاكرة هذه الربوع من الوطن بأمجادها وروائعها.

إن أكبـر انتصـار حققــه موحـى أوحمـو الزيانـي، هو الانتصـار الذي انتزعـه فـي معركـة الهـري الخالـدة فـي 13 نونبر1914، هذه المعركة التي كان لها صدى عميق، ليس فقط في المغرب، بل كذلك في فرنسا. وبالرغم من التعتيم الإعلامي، فقد استطاع أن يحطم جيش الكولونيل “لافيردور” تحطيما كاملا، وأن يحوله إلى جثث من القتلى وأجسام من الجرحى، انتشرت على أرض قرية الهري الصغيرة، وأن يغنم كميات من المدافع والرشاشات، وعددا كبيرا من البنادق وقطع الأسلحة.

وقد حاولت إدارة الإقامة العامة للحماية الفرنسية استمالته بشتى الإغراءات، لكن لم يفلح أي وسيط أو مبعوث في إقناعه، وكان جوابه دائما حسب ما وثقته المصادر: “لن أرى مسيحيا إلا من خلال فوهة بندقيتي وأصبعي على زناد الرمي”.

ذلكم صانع بطولات معركة الهري الخالدة التي خاضها أبناء هذه الربوع المجاهدة من الأطلس المتوسط وما تلاها من أحداث ومعارك نضالية حاسمة في مواجهة الاحتلال الأجنبي، أبلى فيها موحى أوحمو الزياني البلاء الحسن، مناضلا صامدا وشامخا في سهول خنيفرة وفوق ضفاف نهر أم الربيع إلى أن التحق بالرفيق الأعلى شهيدا في معركـة أزلاك نتزمورت بجبل تاوجكالت يوم 27 مارس 1921، مسجلا أروع صور الإيمان القوي والتشبث المستميت بمقدسات الوطن وثوابته ومقوماته، ليظل مغربنا شامخا مرفوع الرأس وعالي الشأن ومهاب الجانب.

وإن أسرة المقاومة وجيش التحرير، إذ تخلـد الذكرى الثالثة بعد المائة لاستشهاد موحى أوحمو الزياني، في أجواء من الحماس الوطني والتعبئة الشاملة، لتؤكد على واجب الوفاء بالذاكرة التاريخية الوطنية وبرموزها وأبطالها. وهي في ذات الوقت، تحرص على إيصال الرسائل البليغة والإشارات القوية وإشاعة رصيد القيم الروحية والوطنية في أوساط وصفوف الشباب والناشئة والأجيال الجديدة والقادمة لتتشبع بما به تتقوى الروح الوطنية وحب الوطن والاعتزاز بالانتماء الوطني لمواصلة مسيرات الحاضر والمستقبل تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس لبناء مغرب الحداثة والديمقراطية والتنمية الشاملة والمستدامة والدامجة والتضامن والتكافل الاجتماعي.

وإن أسرة المقاومة وجيش التحرير وهي تستحضر هذه الملحمة التاريخية الغنية بالدروس والعبر والطافحة بالمعاني والقيم، تجدد موقفها الثابت من قضية وحدتنا الترابية ومغربية الأقاليم الصحراوية المسترجعة، وتؤكد وقوفها ضد مناورات خصوم وحدتنا الترابية ومخططات المتربصين بسيادة المغرب على كامل ترابه المقدس الذي لا تنازل ولا مساومة في شبر منه.

وستظل بلادنا متمسكة بروابط الإخاء والتعاون وحسن الجوار والسعي في اتجاه بناء الصرح المغاربي وتحقيق وحدة شعوبه، إيمانا منها بضرورة إيجاد حل سلمي واقعي ومتفاوض عليه لإنهاء النزاع المفتعل حول أقاليمنا الجنوبية.

وفي هذا النطاق، تندرج مبادرة منح حكم ذاتي موسع لأقاليمنا الصحراوية في ظل السيادة المغربية.

 إعداد للنشر: سعيد ايت اومزيد

Top