بين جمود الناصري و”تحركات” بلقشور…

انطلقت الأربعاء الأخير، فترة الانتقالات الشتوية بالمغرب، متأخرة بأسبوعين عن موعدها الدولي، وهو قرار اعتبر مجحفا، وبدون أي مبرر يستحق الذكر..اتخذته العصبة الاحترافية لكرة القدم بطريقة غريبة وعجيبة.
فأي مصلحة راعتها هذه العصبة في اتخاذ القرار الصادم، في وقت كان من المفروض منح الأندية وقت كافي يمكنها من القيام بانتدابات، وإعداد الملفات الإدارية والقانونية، خاصة بالنسبة للاعبين الأجانب، والتوصل في وقت مناسب بأوراق الخروج، وموافقة الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) على تفاصيل العقود، وغيرها من الإجراءات الجاري بها العمل.
ودائما في إطار حالات الاستغراب التي يتصف بها عمل العصبة الاحترافية الموقرة، نجد حالات الكيل بمكيالين، ويظهر ذلك مثلا في برمجة المباريات المؤجلة، والتي تهم الأندية المغربية المشاركة بالمسابقات القارية، إذ يسجل في هذه الحالة، وعلى غير العادة عدم برمجة مباريات فرق الجيش الملكي والرجاء البيضاوي ونهضة بركان، رغم أن هذه الأندية كانت في راحة طيلة الأسبوع الذي أعقب إجراء مباريات الجولة الرابعة من دور المجموعات، سواء بعصبة أبطال إفريقيا أو كأس الاتحاد الإفريقي.
ودائما في سياق تتبع قرارات هذه العصبة، هناك خطوة تقديم سلفة للأندية التي تعاني من ضائقة مالية، وتقدر بـ 600 مليون سنتيم، لكل ناد يرغب في ذلك، إلا أن هذه السلفة ستخصم من منحة النقل التلفزي الموسم القادم، أي أن العملية تتعلق بتسبيق وليس سلف، لأن السلف يكون وفق أجل طويل الأمد، ما يمكن الأندية من ربح بعض الوقت قصد تدبير أمورها المالية، وفق جدولة معقولة، تصل إلى أربع سنوات على الأقل.
ونحن نناقش قضية السلفة المالية، نتساءل مع المتسائلين -وما أكثرهم- حول الدعم المالي المفروض أن تقدمه عصبة احترافية لأندية تعاني غالبيتها العظمى من خصاص مالي فظيع، فأي إضافة قدمتها هذه العصبة للأندية؟ وما هي الاجتهادات التي جاءت بها لصالح الأندية؟ باستثناء الصرامة في تطبيق بنود دفتر التحملات والمراقبة المالية، وإن كان هذا الشق أساسيا وضروريا، لكن من الضرورة الاعتراف، بأن هناك صلاحيات متعددة منحت للرئيس الحالي، ولم يكن يتوفر عليها الرئيس السابق.
وإذا كانت الموضوعية تفرض الاعتراف بأن هناك أشياء إيجابية تحسب للعصبة الحالية، لكن الصرامة وحدها لا تكفي، ولابد من إيجاد حلول وتوفير إمكانيات تساعد الأندية على حل مشاكلها المتراكمة.
هناك إذن تعامل غير سوي، من طرف العصبة الاحترافية لكرة القدم اتجاه الأندية بقسميها الأول والثاني، وهنا تبرز حالة فريق يوسفية برشيد الذي سبق أن نظم مجموعة من اللاعبين السابقين في صفوفه، وقفة احتجاجية أمام مقر الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، احتجاجا على ما وصفوه بالخروقات التي ارتكبتها العصبة.
وجاءت هذه الوقفة، بعد قرار رفع المنع عن الفريق وتأهيل لاعبين جدد، رغم عدم تسوية مستحقات اللاعبين السابقين المتراكمة، والعالقة في ذمة الفريق، إذ عبر اللاعبون عن استغرابهم من هذا القرار، في الوقت الذي تواصل إدارة اليوسفية رفض تسديد ديونها.
حينها طالب المحتجون، بتدخل عاجل من فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وفتح تحقيق في الموضوع، وسط حالة من الغموض الذي يلف القضية.
وفي سياق مستجدات ملف الفريق الحريزي “المفضل” لدى رئيس العصبة، تؤكد بعض المصادر أن بلقشور صرف أجرة شهرية للاعبي اليوسفية، كما نظم مأدبة عشاء كمساهمة منه لتذويب الخلاف الحاصل بين اللاعبين ورئيس الفريق نور الدين البيضي، مع العلم أن أغلب اللاعبين الرسميين، أضربوا في أكثر مناسبة عن خوض الحصص التدريبية، احتجاجا على عدم التوصل بمستحقاتهم المالية.
والكل يعلم أن فريق اليوسفية “المحبوب” ليس وحده من يعاني تبعات أزمة خانقة تسييريا وتدبيريا وماليا، فأندية عديدة تعاني من تراكم نفس المشاكل، لكنها لا تعرف نفس الحظوة ونفس التعامل الاستثنائي.
هناك بالفعل غموض كبير في طريقة تسيير العصبة الاحترافية بالمغرب، فإذا كانت فترة سعيد الناصري قد عرفت نوعا من الجمود والسلبية، فإن عهد بلقشور يعرف تحركات ملحوظة ودينامية معترف بها، لكن هناك قرارات غير مفهومة وغير منطقية؛ بل تثير عند البعض الكثير من الشكوك والتأويلات، تصل إلى حد الاتهام بعدم التعامل مع جميع الأندية، وفق مبدإ تكافؤ للفرص والحرص على الحياد المطلوب…

محمد الروحلي

Top