نظمت نقابة مؤجري السيارات بالمغرب المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل (UMT)، مؤتمرها الوطني الثالث، يوم 25 دجنبر 2024، وبهذه المناسبة تم تجديد الثقة للمرة الثانية في يوسف الحاضي ككتاب وطني.
ويبسط يوسف الحاضي في حواره مع جريدة بيان اليوم مجموعة من المشاكل التي يعرفها القطاع والتصور الذي يقدمه الإطار النقابي لحلها، لاسيما إشكالية الضمانة، وحجز السيارات، والضريبة المرتفعة في القطاع، مشيرا إلى تأثير هذه العوامل على استقرار الوكالات واستمرار استثمارها الوطني. فيما يلي تفاصيل الحوار :
نظمت مؤخرا نقابة مؤجري السيارات بالمغرب مؤتمرها الثالث، ما هي أهم الخلاصات التي خرجتم بها بعد النقاش الساخن الذي دار بين المهنيين؟
< خرجنا من المؤتمر الثالث لنقابة مؤجري السيارات، بمجموعة من التوصيات والتي تهم ثلاثة مشاكل، ودعني أقول بأنها على رأس الأوليات لدى المهنيين ونقابتنا، ويتعلق الأمر بمشكل الضمانة، وحجز السيارات، والضريبة. عندما نقول الضمانة نتحدث أوتوماتيكيا عن مشكل “الشيك” وقانونيته، بحكم أن أرباب وكالات تأجير السيارات يطلبونه من الزبناء قبل تسليمهم العربات.
وطالبنا المسؤولين عن قطاع النقل منذ أربع سنوات بإيجاد بديل لهذا المشكل من جهة، وضمان حقوق المهنيين من جهة أخرى، فمن غير المنطقي والمعقول أن يسلم المهنيون سيارة بمبلغ 200 ألف درهم، مقابل 1200 درهم لثلاثة أيام بدون تقديم أي ضمانة.
والتصور الذي بسطناه بشأن الضمانة، يتمثل في صياغة عقد نموذجي معترف به من وزارتي النقل والعدل باعتبارهما وزارتين متداخلتين في القطاع، وذلك ليكون الفيصل (العقد) بين المهنيين والزبناء المستفيدين من خدمات قطاع تأجير السيارات.
يلومنا بعض المسؤولين عن “الشيك”، ويستحضرون أثناء نقاشاتنا النموذج الأوروبي، دون أن يعلموا بأنه في دول الاتحاد الأوروبي يقدم الزبون بطاقة سحب الأموال مع إيداع ما بين 1700 و1800 أورو كضمانة، ناهيك عن أن التأمين لديهم جيد جدا، لا يمكن أن نقارنه بما يحدث في المغرب، حيث نواجه لوبيات تتحين الفرص للتملص من مسؤولية دفع فلس واحد لتعويض المتضررين (أرباب شركات تأجير السيارات)، ولن أبالغ إذا قلت لك بأنهم “يقتلوننا”، لأننا ندفع أموالا ضخمة لشركات التأمين بيد أنه إذا سرقت منا سياراتنا لا نعوض عنها، فكيف لا أعوض عن فقدان شيء مُؤَمن؟
ونحمل الحكومة مسؤولية الصورة السلبية لدى عموم الناس حول “الشيك”، ذلك أنها ترجع إلى الوراء وتتقاعس بشأن أي اقتراح نقدمه، “وتترك الناس تطحن بعضها البعض”، فحتى لو لم تكن هناك نقابات يجب على الحكومة أن تحمي هذا القطاع وتقويه، لأنه مصدر تشغيل فئة كبيرة من المهنيين، استنادا إلى الجلوس معهم وتأطيرهم ومواكبة شركاتهم.
تشتكون في النقابة من ظاهرة حجز السيارات، ما هي الاقتراحات التي تقدمونها لتجاوز هذا المشكل؟
< الفكرة الثانية التي جاءت في التوصيات، تتعلق بحجز السيارات، فهناك بعض المهنيين يسلمون سياراتهم لفائدة أشخاص يتبين فيما بعد أنهم يتاجرون في الممنوعات أو يرتكبون أفعالا جرمية، يتم اعتقالهم وحجز السيارة التي كانت بحوزتهم، فكيف للمهنيين أن يعرفوا نوايا هؤلاء الزبناء؟ إنه لا يمكن استنادا إلى منطوق الدستور والقانون أن أعاقب شخصا لم يرتكب أي فعل جرمي.
وترفض نقابتنا بشدة معاقبة أصحاب وكالة تأجير السيارات، بحجز مركباتهم التي هي مصدر تأمين عيش أسرهم، فعلى سبيل المثال يتم اعتقال متورطين في قضايا الاتجار في المخدرات، وتصدر في حقهم أحكاما قضائية، يقضون عقوبتهم السجنية ويخرجون، بينما السيارة ما زالت في المحجز، أي أن المجرم يخرج بينما السيارة لم “يطلق سراحها !!”، فهل هذه السيارة هي من باعت المخدرات أو تاجرت فيها أو استهلكتها؟لكن هذا الحجز يكون بناء على السلطة التقديرية للقضاء؟
< أكيد، هناك سلطة تقديرية في يد السلطة القضائية والنيابة العامة التي يستندان إليها في إرجاع السيارات من عدمها لأصحاب الوكالات، غير أننا كنقابة نرفض هذه السلطة “المطلقة”. ويطالب المهنيون بتقنين هذه السلطة لتكون في صالحهم وليس ضدهم، علما أن هذا القطاع يتميز بخصوصية استثنائية.
وأكدت أيما مرة خلال اجتماعاتنا مع المسؤولين في وزارتي النقل والعدل على الحاجة إلى قانون واضح لتجاوز إشكالية السلطة المطلقة لدى القضاء، من أجل التخفيف من الأضرار التي تلحق المهنيين، علما أن مجموعة من الوكالات تتعرض للإفلاس بفعل تصرفات القضاء المطلقة في الأحكام. في نظرك، إذا تم حجز سيارتين هل الاشتغال بباقي السيارات سيمكن الوكالات من الاستمرار في العمل وتحمل التكاليف الباهظة في الإنتاج؟
وشخصيا، أحيل بشكل دائم على خطاب جلالة الملك محمد السادس الذي وجهه سنة 2019، للمشاركين في الدورة الثانية للمؤتمر الدولي للعدالة بمراكش، والذي تحدث فيه عن دور القضاء في الاقتصاد الوطني والحاجة إلى الاستثمار في آليات وزمن التقاضي، لاسيما عندما يتعلق الأمر بالملفات ذات الطابع التجاري، وأقول بأننا في حاجة إلى قضاء منصف وعادل و”عاقل”، لأنه يعد مدخلا أساسيا للاستثمار سواء من قبل الفاعلين الاقتصاديين المغاربة أو الأجانب.وما هو الحل الذي تقترحونه كنقابة لتجاوز مشكل حجز السيارات؟
< حجز السيارات، له حلين لا ثالث لهما، أولا، إما أن صاحب الشركة متورط في الملف، يجب اعتقاله ليسري عليه القانون كباقي المشتبه فيهم، أو تسلم له سيارته بعد اعتقال المتورطين في أي حادث إذا تبث بأنه لا علاقة له بالموضوع.
وأؤكد دائما أثناء الاجتماعات مع المسؤولين الوزاريين أنه إذا كان رب شركة “منحرف” لا يعني أن كل المستثمرين “منحرفين”، لهذا لا يمكن أن نسير القطاع بسياسة التعميم، وإذا ثبت بأن صاحب الشركة غير متورط في التهريب أو الاتجار في الممنوعات بعد التحقيق لابد من تسلميه سيارته، وللإشارة فهناك دورية لوزارة العدل بشأن حجز السيارات لكنها لم تجد طريقها إلى التفعيل، ويبدو واضحا اليوم، أننا لم نعد في حاجة إلى دورية وإنما إلى قانون واضح وصريح يؤطر هذا القطاع.
لم يعد مقبولا وجود هذا الفراغ القانوني الخطير في قطاع يخلق بـ 12 ألف وكالة أكثر من 36 ألف منصب شغل مباشر، و50 ألف منصب شغل غير مباشر، بحظيرة سيارات تناهز 170 ألف مركبة، ما جعلنا نمثل طيلة الأربع سنوات الأخيرة 70 في المائة من نسبة مبيعات السيارات بالمغرب، برقم معاملات يفوق 200 مليار سنتيم.
رغم كل هذه الأرقام إلا أن جواب المتدخلين وتفاعلهم مع مشاكل هذا القطاع، تبين بشكل واضح أثناء أزمة كورونا، لقد قالوا لنا بالحرف: “أنتم قطاع لا نعرف عنكم شيئا، ولم نسمع عنكم إلا في أزمة كورونا”.
ومن جهة أخرى، يجب النظر إلى أن وكالات تأجير السيارات بالمغرب، هي واجهة من الواجهات السياحية الوطنية، وستزداد الحاجة إلى هذا القطاع أثناء تنظيم كأس أمم إفريقيا وكأس العالم، وهي فرصة للإشارة إلى دورنا في تلبية حاجة مغاربة العالم أثناء حلولهم بأرض الوطن في فصل الصيف، لهذا يجب أن تكون خدمات هذه الوكالات في المستوى، ومن ثم فإن الحركة السياحية ترتبط بالنقل السياحي وكراء السيارات بدون سائق.يبدو أن المهنيين لديهم ملاحظات أيضا على الضريبة؟
<أكيد، وهو المشكل الثالث الذي قدم المؤتمر الأخير توصية بشأنه، إن الضريبة تؤرق بال المهنيين. قبل سنة 2015، كنا نقتني السيارات بدون أداء الضريبة على القيمة المضافة (TVA، أي بدون احتساب الضريبة (Hors Taxe)، لكننا أصبحنا نقتني الآن السيارات مع احتساب الرسوم (TTC)، مثل كل المستهلكين الذاتيين.
وإلى جانب أداء الضريبة أثناء اقتناء السيارة، نؤدي الضريبة بعد بيعها أيضا، كما أننا نشتغل ونؤدي الضريبة، إذن نحن أمام ثلاثة ضرائب ضخمة. “وا بزاااف”.
وبما أن قطاع تأجير السيارات ينتمي مبدئيا إلى المجال السياحي فلماذا لا يتم فرض الضريبة السياحية علينا التي هي 12 في المائة وليس التجارية 30 في المائة؟
وبهذه المناسبة نطالب مرة أخرى بمراجعة هذه الضرائب وقيمتها الكبيرة، فنحن في حاجة إلى مصالحة ضريبية حقيقية لفتح صفحة جديدة.دخل دفتر التحملات الجديد المتعلق بكراء السيارات بدون سائق حيز التنفيذ منذ أبريل 2024، إلى أي حد استجاب لمستوى انتظاراكم وتطلعاتكم؟
دفتر التحملات هو نتيجة لمسلسل نضالي طويل امتد لأزيد من خمس سنوات، وذلك بعد تنظيم وقفة احتجاجية شهدت مشاركة ألف مهني، دفعت وزارة النقل، وقتها، إلى فتح باب الحوار، لمناقشة هذا الدفتر الذي لم يصل لمستوى تطلعاتنا المهنية أو الشخصية، ولا بد من الإشارة إلى أنه لم يتم تغييره منذ سنة 1997.
ودعني أشير إلى أن هذا الدفتر هو أضعف سند قانوني في القطاع، لأن المهنيين في حاجة إلى قانون ينشر في الجريدة الرسمية ليكون له طابعا إلزاميا، ويؤخذ بعين الاعتبار في المرافعات والأحكام القضائية.
ولم يحمل دفتر التحملات الجديد أي إضافة للمهنيين القدامى، بقدر ما سهل ولوج المستثمرين الجدد إلى مجال تأجير السيارات، فرغم رفع عدد المركبات من 5 إلى 7، إلا أن هذا الشرط جاء ليمتص غضب المهنيين ليس إلا، وذلك في ظل حذف الإجراء الميداني الخاص بمراقبة مقر الوكالة والسيارات للوقوف عند مدى مطابقة كل التجهيزات للتصميم المقدم، ثم الاستغناء عن خدمة الفاكس وتقني السيارات (mécanicienne automobile)، أي أن الإجراء الحالي يتحدد في تقديم الوثائق والتأشير عليها لمباشرة العمل بدون مراقبة أولية، إلى غيرها من الشروط التي تم حذفها.
والاقتراح الوحيد الذي تم قبوله للمهنيين يتعلق بإمكانية بيع السيارات بين الوكالات، بينما تم رفض اقتراح المراقبة التقنية للسيارات الجديدة خلال كل سنة بدل ستة أشهر، لاسيما أن الخواص يراقبون سياراتهم بعد 5 سنوات.
إجمالا، أرى بأن هذا الدفتر لم يخدم المهنيين القدامى، بل يصب في مصلحة المهنيين الجدد، باستثناء قبول بيع السيارات بين الوكالات خلال الخمس سنوات الأولى، وقلت للوزير أثناء مناقشة مضمون مشروع الدفتر، بأنه إذا كنتم لم تمنحوا هذا القطاع الدعم المادي المباشر خلال جائحة كورونا، فإنكم بقبولكم هذا المقترح تعوضونهم عن جزء قليل من الخسائر التي لحقتهم، خصوصا أن الأبناك لم تكن رحيمة بهم.يحتفظ المهينون بذكريات سيئة حول شركات التأمين والمؤسسات البنكية خلال وباء كورونا، هل أزمة الجائحة مستمرة في القطاع إلى حدود اليوم؟
< دعني أطلق على شركات التأمين والأبناك بـ”اللوبي الجشع”، الذي يستفيد بشكل شره ورهيب من مجهود المهنيين، ويتذكر أرباب وكالات تأجير السيارات السلوك “اللامهني” للأبناك التي لم تقم بأي إجراء يخفف من التداعيات الاقتصادية لكورونا على الشركات الملزمة بدفع الأقساط الشهرية للقروض.
ويتذكر الجميع كيف أن البنوك لم تؤجل لوكالات تأجير السيارات أي شطر من القروض، بل فرضت عليها زيادات بنسب تتراوح ما بين 12 و13 في المائة بعد قرار المهنيين تعليق دفع أقساط الديون، وتأكيدنا على أننا لا نستطيع أن نؤدي أي درهم، نظرا لتوقف الحركة في المطارات والموانئ الوطنية، وهكذا وضعوا طرقا غير قانونية للاسترجاع، لدرجة إصدار أحكام غيابية في عدة مدن بعيدة عن مقر وكالات تأجير السيارات، رغم أن المحاكم التجارية يجب أن تصدر أحكاما قضائية في حق الشركات في المدن التي توجد بها المقرات الرئيسية للوكالات، وليس البت بالدار البيضاء في ملفات وكالات بوجدة وفاس وتطوان، دون الحديث عن أن الأحكام التي تصدر بدون تبليغ المعني بالأمر، ويتم تنفيذ الحكم بدون علمه بالموضوع حتى.حاوره: يوسف الخيدر