أكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، السيد الحسن الداكي، اأول أمس الأربعاء بالرباط، على أهمية التأهيل المؤسساتي والبشري باعتباره مدخلا أساسيا للرفع من نجاعة الأداء القضائي. وأشار الداكي في كلمة بمناسبة افتتاح السنة القضائية الجديدة 2025، إلى أن رئاسة النيابة العامة عملت في هذا الإطار، على مراجعة هيكلها التنظيمي عبر إضافة قطب خاص بالتحديث ونظم المعلومات من أجل كسب رهان التطوير والتحديث والرقمنة.
وفي هذا الصدد، شدد المسؤول القضائي، في إطار نهج سبل تطوير أداء النيابة العامة، على أهمية مواصلة تنفيذ استراتيجية رئاسة النيابة العامة في مجال تنفيذ السياسة الجنائية من خلال العمل على تعزيز سيادة القانون من أجل ضمان أمن المجتمع واستقراره بما يكفل حماية حقوق وحريات الأفراد والرفع من مستوى الجاهزية للتصدي لمختلف أنواع الجرائم، وخاصة الخطيرة منها وتخليق الحياة العامة. كما شدد على الحرص على مضاعفة الجهود من أجل ضمان احترام الآجال المعقولة للبت في الشكايات والمحاضر، والعمل على تجويد مؤشرات قياس النجاعة وتعزيز القيم الأخلاقية في مجال العدالة الجنائية، في ضوء المخرجات والتوصيات التي تمخضت عن اللقاءات التنسيقية التي تم عقدها مع مختلف مكونات الشرطة القضائية.
وفضلا عن ذلك، دعا الداكي إلى تعزيز القدرات والكفاءات المهنية للموارد البشرية للنيابات العامة وباقي الأشخاص المنتمين للأجهزة المكلفة بإنفاذ القانون ومواصلة تعزيز دور النيابة العامة في مجال تشجيع الاستثمار وخلق مناخ أعمال آمن. كما حث على دعم الجهود المبذولة من قبل المسؤولين القضائيين بالنيابات العامة في سبيل وضع برامج عمل مندمجة ومنسجمة مع مقومات السياسة الجنائية ومواصلة المساهمة الفاعلة للنيابة العامة في الخطط والاستراتيجيات الوطنية الرامية إلى القضاء على العنف ضد النساء والأطفال، فضلا عن التفعيل الأمثل للتواصل مع الرأي العام بشأن القضايا التي تثير اهتمامه ومواصلة الحرص على تفعيل المؤسسات القانونية لتعزيز التواصل المهني بين المسؤولين القضائيين وباقي الشركاء في منظومة العدالة من السادة النقباء ورؤساء الهيئات المهنية. وفي هذا الصدد، حرص المسؤول القضائي على التأكيد على مواصلة العمل من أجل تعزيز الآليات المناسبة لاشتغال النيابات العامة وخاصة ما يتعلق بالمنظومة التشريعية، داعيا إلى الإسراع في إخراج القانون الجنائي والمسطرة الجنائية والنصوص المنظمة للمهن القانونية والقضائية.
كما دعا إلى تعزيز الآليات المؤسساتية المساعدة لضمان حقوق الفئات الهشة بمختلف أصنافها، والزيادة في عدد مراكز الإيواء وتعزيز البرامج الحمائية للنساء والأطفال ضحايا العنف مع إيلاء الأهمية اللازمة للأفراد ضحايا الاتجار بالبشر والتسريع بإخراج مشروع القانون المتعلق بالوكالة الوطنية لحماية الطفولة إلى حيز الوجود، والذي يعتبر لامحالة “لبنة متميزة للعناية بأطفالنا وإعادة إدماجهم في بيئتهم الطبيعية”.
وبخصوص العنصر البشري الذي سيبقى برأيه قطب الرحى في كل عمل مؤسساتي، طالب السيد الداكي بتعزيز الموارد البشرية للنيابة العامة، وذلك من خلال تعزيز صفوفها بعدد كاف من القضاة يقدر بحوالي 1000 وأيضا من أطر كتابة الضبط المؤهلين. وفي هذا السياق، أعرب الداكي عن العزم الأكيد للسير قدما في بذل كل الجهود لتجسيد الانخراط التام في تحمل المسؤولية وفق ما تمليه التوجيهات الملكية السامية الرامية إلى تقوية صرح العدالة.
من جانبه، أكد الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، محمد عبد النباوي، أن قضاة المملكة بتوا سنة 2024 في 4.466.727 قضية، أي بنسبة 103 في المئة من القضايا المسجلة وبنسبة 88,5 في المئة من مجموع القضايا الرائجة. وقال عبد النباوي، في كلمة بمناسبة افتتاح السنة القضائية الجديدة 2025، إن مجموع القضايا الرائجة بمحاكم المملكة خلال السنة المنصرمة ناهز 5.052.086 قضية، مبرزا أن عدد القضايا التي تخلفت بلغ 577.851 قضية، أي أن المخلف تقلص بـ 142.760 قضية.
وشدد المسؤول القضائي على أن المجلس يؤمن بأن “الانتقال الرقمي ليس خيارا متاحا، ولكنه ضرورة آنية ترهن مستقبل العدالة”، مبرزا أن كل تأخير في تحقيقه سيؤثر على سير المنظومة العدلية في القادم من الأيام.
وعلى صعيد متصل، أشار عبد النباوي إلى أن المجلس الذي ما زال يواصل دراسة الوضعيات الاجتماعية والمهنية للقضاة، ويسعى إلى تحسينها، يهتم بنفس المستوى لتخليق المنظومة القضائية، وينهج في سبيل ذلك مقاربات متنوعة انطلاقا من مقاربة التحسيس والتأطير، التي تقوم بها، بكثير من الفعالية، لجنة الأخلاقيات بالمجلس ومستشاري الأخلاقيات.
وأبرز في السياق ذاته، أن سنة 2024 تميزت بإنهاء المجلس للمرحلة الأولى لمخططه الاستراتيجي بشأن تأطير المشهد الجمعوي للقضاة، مضيفا أن المجلس يعمل حاليا بمشاركة الجمعيات المهنية للقضاة على صياغة وثيقة مرجعية للتواصل بين الجمعيات القضائية ومؤسسات السلطة القضائية مبنية على احترام الدستور والقانون ومراعاة الأعراف والتقاليد القضائية التليدة.
وجرى بمناسبة افتتاح السنة القضائية الجديدة، بحضور على الخصوص، وزراء ومسؤولين حكوميين وقضائيين، توقيع مذكرة تفاهم مع المجلس الأعلى للعدالة بالمملكة البلجيكية. كما تم تسليم أوسمة ملكية أنعم بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس على عدد من القضاة.
الداكي يدعو للتأهيل المؤسساتي وعبد النباوي يشدد على الانتقال الرقمي لرفع نجاعة الأداء
الوسوم