يستهلك المغاربة مشروب الشاي بكثرة، ويعتبر الشاي من المواد الاستهلاكية الأساسية لدى الأسر المغربية، فبدون الشاي لا تحلو اللقاءات العائلية ولا جلسات السمر بين الأصدقاء في أغلب مناطق المغرب. وبالنظر إلى الإقبال الكبير على استهلاك الشاي، خاصة الشاي الأخضر، تشهد هذه التجارة تنافسا كبيرا فيما بين الشركات والفاعلين المستوردين لهذه المادة من جمهورية الصين الشعبية التي تعتبر المصدر الأول للشاي الأخضر المستهلك بالمغرب. وبحسب الأرقام الدورية التي تصدر عن مكتب الصرف فإن تجارة الشاي تشهد تطورا متزايدا من حيث الكميات المستوردة ومن حيث قيمتها. إذ بلغ حجم استيراد المغرب من منتوج الشاي خلال سنة 2017 ما يناهز 72 ألف و587 طن بقيمة 2 ملايير و142 مليون و435 ألف درهم، في مقابل 67 ألف و586 طن بقيمة مليار 958 مليون و42 ألف درهم خلال سنة 2016. وبالإضافة إلى ذلك فإن عادات استهلاك الشاي لدى المغرب مترسخة عبر الزمن وترتبط هذه العادات بالفوائد الصحية للشاي، إذ تشير بحوث ودراسات علمية أن للشاي فوائد صحية مهمة أبرزها مقاومة بعض الأمراض المزمنة ومنها بعض أنواع من مرض السرطان.
في الآونة الأخيرة أثير الجدل حول وجود مواد سامة وبقايا المبيدات الحشرية في بعض أنواع الشاي المسوق بالمغرب، خاصة بعد تناول الموضوع من قبل عدد واسع من وسائل الإعلام، وهو ما دفع بالمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، ليخرج بتوضيحات أكد فيها عدم وجود أي مواد سامة في الشاي المسوق بالمغرب، مشيرا إلى أن عمليات المراقبة التي يقوم بها تمكن من التأكد من أن الشاي المستورد يستوفي الشروط المحددة في المعايير الوطنية والدولية ويتوفر على الضمانات الصحية اللازمة. وأضاف أنه في حالة ما تبين أثناء المراقبة أن الشاي غير مطابق لهذه المعايير، فإن مصالح المكتب لا تسمح بدخوله إلى السوق الوطني وبالتالي يتم إرجاعه.
في هذا الملف تتناول «بيان اليوم» المعايير المفروضة في استيراد هذه المادة الحيوية والمشروب الأكثر استهلاكا لدى المغاربة، فضلا عن المبيدات المستعملة في معالجة الشاي، وكذا الفوائد الصحية لتناول الشاي، ثم المعطيات والأرقام المتعلقة بقطاع الشاي بالمغرب.
وتجدر الإشارة إلى أننا في بيان اليوم، ونحن بصدد إعداد هذا الملف، حاولنا مرارا الاتصال ببعض الفاعلين والمستثمرين المغاربة الذين يملكون علامات تجارية في السوق الوطنية، دون جدوى.
قصة الشاي
يعود اكتشاف الشاي إلى الصينيين منذ ما يقارب 5 آلاف سنة، وبحسب الموقع الرسمي لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، فقد بدأت قصة الشاي ليصبح أكثر المشروبات استهلاكا في العالم بعد الماء، منذ ما يقرب من 5 آلاف سنة. واستنادا إلى “قصص الفلكلور”، يورد المصدر نفسه، فإن “بضع أوراق من نبات الشاي تطايرت بالصدفة إلى وعاء كان أحد أباطرة الصين يغلي فيه ماء، ففاحت رائحة الشاي الزكية وأغرت الإمبراطور بشربه”. وهكذا وبعد هذه الواقعة، يضيف الموقع الرسمي لمنظمة الأغذية والزراعة “الفاو”، ولدت ثقافة الشاي التي بدأت في آسيا وانتشرت إلى أوروبا في القرن السابع عشر، عندما قامت البلدان الأوروبية بإقامة مزارع شاسعة للشاي في مستعمراتها الاستوائية. ويحتاج العالم في الوقت الراهن أكثر من أربعة ملايين طن من الشاي لتغطية الطلب السنوي، وهو طلب يعرف تزايدا سنة بعد أخرى. وتزرع أرواق “Camellia sinensis” التي يتم إنتاج الشاي منها، في أكثر من 50 بلدا، غير أن أغلب مزارع الشاي تتواجد في أربعة بلدان وهي الصين والهند وكينيا وسريلانكا. ويحتاج نبات الشاي ما بين سنتين إلى ثلاث سنوات لكي ينضج، ويستمر في الإنتاج بعد ذلك لأكثر من ثلاثين عاما، ولا يحتاج لاستثمارات كبيرة.
أنواع الشاي
حدد المرسوم رقم 2.13.711 المتعلق بجودة الشاي الذي يتم تسويقه وبسلامته الصحية الذي صدر بتاريخ 4 مارس 2015 والمنشور في الجريدة الرسمية عدد 6348 بتاريخ 2 أبريل 2015، أنواع الشاي وصنفها في المادة الثانية منه إلى سبعة أنواع.
ويتعلق النوع الأول بالشاي الأخضر الأكثر استهلاكا لدى المغاربة، وهو المنتوج المحصل عليه، حصريا، من الأوراق الطرية أو الرؤوس الصغرى أو البراعم أو من النباتات من صنف camellia sinensis (Linnaeus) O.Kuntze التي يتم حفظها في حالة جيدة، وتحضيرها وتجفيفها بشكل مناسب، والتي لم تتعرض خصائصها المفيدة لأي نقص.
أما النوع الثاني فهو الشاي الأسود، وهو المنتوج المحصل عليه، حصريا، من النباتات الطرية camellia sinensis (Linnaeus) O.Kuntze عبر تخمير أوراقها وتهويتها وتجفيفها.
النوع الثالث هو “زهرة الشاي”، وهي منتوج يتم الحصول عليه انطلاقا من البراعم المزهرة التي يتم جنيها من الشجيرات من صنف “Thea”.
والنوع الرابع الذي يتعلق بالشاي الخالي من الكافيين، هو الشاي الذي يتم تخفيض نسبة المادة الكافيين فيه إلى نسبة لا تتجاوز 0.1 في المائة.
فيما يتعلق النوع الخامس بمستخلص الشاي أو الشاي القابل للذوبان، وهو المنتوج المحصل عليه عن طريق استخراج الشاي من الماء وتجفيف هذا المستخرج بعد تصفيته. ويجب ألا يحتوي مستخلص الشاي أو الشاي القابل للذوبان على نسبة تقل على 95 في المائة من المادة الجافة التي يجب أن تحتوي على نسبة من الكافيين تتراوح بين 3 و8 في المائة.
وإلى جانب هذه الأنواع يوجد نوع سادس ويتعلق الأمر بالشاي المنكه أو الشاي المنكه الخالي من الكافيين أو مستخلص الشاي المنكه أو الشاي المنكه القابل للذوبان، ويشمل هذا النوع الأنواع الخمسة السابقة والتي أضيفت إليها منكهات.
وأخيرا النوع السابع وهو الشاي المزيف والذي يتكون من بقايا أو كسور أو أجزاء متأتية من المنتوجات التي تم ذكرها سابقا أو من كل منتوج آخر يوحي بمظهر الشاي أو طعمه أو هما معا مهما تكن الوسيلة أو المادة المستعملة.
مراقبة صارمة
أكد المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية في جوابه على أسئلة “بيان اليوم” بخصوص المعايير المعتمدة في مراقبة جودة الشاي وسلامته الصحية، أن ضمان الجودة والسلامة الصحية للشاي، يعد من أولويات المكتب، وذلك من خلال المراقبة المنتظمة عند الاستيراد وداخل السوق الوطني وفقا للمعايير المحددة في القوانين الجاري بها العمل. وأصاف المكتب أن جميع أنواع الشاي المستورد يخضع للمراقبة من طرف المصالح الخارجية التابعة له والموجودة عند نقط العبور، حيث يتم تحديد الخصائص الكيميائية والبحث عن بقايا المبيدات وعن والمواد المضافة للشاي والغير مرخصة طبقا للقوانين الجاري بها العمل والتي تتمثل في المرسوم رقم 2.13.711 الصادر في 4 مارس 2015 المتعلق بجودة الشاي الذي يتم تسويقه وبسلامته الصحية، ثم قرار وزير الفلاحة والصيد البحري رقم 3231.15 الصادر في 2 أكتوبر 2015 والمتعلق بتحديد الخصائص الكيمائية للشاي، والتي تتضمن على سبيل المثال: نسبة الرماد، السليلوز، البوليفينول. بالإضافة إلى القرار الوزاري رقم 156.14 الصادر في 17 يناير 2014 المتعلق بتحديد الحدود القصوى المسموح بها لبقايا المواد المتعلقة بالصحة النباتية في المنتجات الأولية والمنتجات الغذائية أو عليها. وأكد المكتب أنه من أجل ضمان السلامة الصحية لأنواع الشاي المستوردة وتتبع مسارها وظروف تخزينها، يشترط على مستوردي هذه المواد التوفر على وحدات للتعبئة والتلفيف ومخازن مرخصة على المستوى الصحي من طرف هذا المكتب.
وتقوم المصالح الخارجية للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية والموجودة عند نقط العبور بالعديد من الإجراءات التي تدخل ضمن عملية المراقبة الصارمة، حيث تراقب هذه المصالح الوثائق المرافقة للسلع المستوردة والتي تهدف بالأساس إلى التحقق من محتوى وشكل الوثائق المرفقة بالشاي المستورد، كما تقوم بالمراقبة العينية والتي تهدف من خلالها إلى التحقق من مطابقة الوثائق وشروط الخزن والنقل ومراقبة عنونة المنتوج وكذا التأكد من سلامة وجودة المنتوج (منتوج غير فاسد أو ملوث)، زيادة على أنها تأخذ عينات من الشاي قصد التحليل المختبري، وتتم هذه المراقبة عبر أخذ عينة تمثيلية من كل دفعة من البضاعة المستورد ة لإجراء الفحوصات اللازمة وفقا للأنظمة المعمول بها.
وبحسب المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، فإن جميع أنواع الشاي المستوردة سواء المعلبة أو غير المعلبة، تخضع للمراقبة من طرف المصالح التابعة له وفقا للمعاير والشروط الصحية المنصوص عليها في النصوص القانونية والمناهج الموثقة المعمول بها في المراقبة عند الاستيراد.
وشدد المكتب على أن منتجات الشاي المستورد، يجب أن تكون مرفوقة بشهادات صحية تضمن جودتها وسلامتها الصحية وتكون ممنوحة من طرف المصالح الصحية للبلد المصدر. زيادة على ذلك، يتم تحديد البيانات الإلزامية الضرورية التي يجب أن توضع على مستوى عنونة الشاي المستورد المعلب أو غير المعلب طبقا للمرسوم رقم 2-12-389 الصادر في 22 أبريل 2013 والمتعلق بتحديد شروط وكيفيات عنونة المنتجات الغذائية. ووفقا للقانون رقم 07 -28 المتعلق بالسلامة الصحية للمواد الغذائية، يشترط على وحدات التعبئة والتلفيف لمادة الشاي وكذلك أماكن تخزين الشاي المستورد أن تكون مرخصة على المستوى الصحي من طرف المكتب.
الشاي في أرقام
قيمة الواردات سنة 2017: أزيد من 2.142 مليار درهم
قيمة الواردات سنة 2016: أزيد من 1.958 مليار درهم.
حجم الواردات يقدر بحوالي نحو 60 ألف طن.
عدد علامات الشاي بالمغرب: أزيد من 300 نوع وعلامة
عدد المستوردين المغاربة: أزيد من 50 مستوردا
معدل استهلاك الفرد المغربي يقارب 2 كيلوغرامات سنويا
شروط الجودة
حددت مجموعة من القوانين الشروط والكيفيات التي من شأنها أن تحسن من شروط ضمان جودة الشاي، ومنها المرسوم رقم 2.13.711 المتعلق بجودة الشاي الذي يتم تسويقه وبسلامته الصحية، والذي ينص في مادته الثالثة على أن «يكون الشاي، مهما بلغت مرحلة تسويقه ضمن السلسلة الغذائية، نظيفا وخاليا من الأوساخ ومن المواد الغريبة». وشددت نفس المادة على أن يتوفر الشاي، عندما يتم فحصه عن طريق استعمال الحواس، على خصائص الشاي ومظهره ولونه وطعمه ويجب ألا يتم استنفاذه مليا أو جزئيا. كما يجب أن يستجيب الشاي للخصائص الكيمائية المحددة بقرار من السلطة الحكومية المكلفة بالفلاحة، مع وجوب مراعاة نسبة الملوثات وبقايا المواد المتعلقة بالصحة النباتية الموجودة في الشاي وفق مقتضيات النصوص التنظيمية الجاري بها العمل. ونصت المادة الثالثة من المرسوم كذلك، على أنه لا يجب أن يحتوي الشاي المنكه أو الشاي المنكه الخالي من الكافيين أو مستخلص الشاي المنكه أو الشاي المكه القابل للذوبان على منكهات باستثناء مستحضرات منكهة أو مواد منكهة طبيعية أو شبيهة بالمواد الطبيعية. كما لا يجب أن يحتوي على منكهات تثير طعم الشاي، باستثناء المنكهات المستخلصة من الشاي.
وبخصوص التلفيف، نصت المادة الرابعة من المرسوم نفسه، على ضرورة أن يتم تلفيف الشاي أو توضيبه في حاويات مغلقة نظيفة وجافة. ويجب أن يستجيب للخصائص والمتطلبات المحددة طبقا لمقتضيات المادة 53 من المرسوم رقم 2.10.473 خاصة ما يتعلق بتلفيفه وتوضيبه.
وحدد المرسوم معايير العنونة المتعلقة بالشاي، حيث أشارت المادة الخامسة من المرسوم، إلى ضرورة عنونة الشاي، عبر مختلف مراحل تسويقه، بما يتطابق مع مقتضيات المرسوم رقم 2.12.389. وفي حالة الشاي المنكه أو الشاي المنكه الخالي من الكافيين أو مستخلص الشاي المنكه أو الشاي المنكه القابل للذوبان يجب إضافة طبيعة المنكه أو المنكهات المضافة إلى تسمية البيع.
أما عندما يختلف بلد منشأ الشاي عن البلد الذي يأتي منه، فقد نصت المادة الخامسة من المرسوم رقم 2.13.711 المتعلق بجودة الشاي الذي يتم تسويقه وبسلامته الصحية، على ضرورة الإشارة إلى ذلك في العنونة. وفي حالة الشاي الملفف، تجب الإشارة إلى ذلك في بطاقة العنونة ضمن نفس المجال المرئي الذي تكتب فيه البيانات الإلزامية الأخرى المنصوص عليها في المادة 11 من المرسوم رقم 2.12.389 باستعمال نفس مقاسات الحروف.
وورد في المادة السادسة من المرسوم رقم 2.13.711، أنه عندما يتم عرض خليط من الشاي في السوق تختلف بلدان منشئه مع الإشارة، في تسمية البيع، إلى بلد المنشأ من هذه البلدان أو بكل وسيلة أخرى في بطاقة عنوان الخليط المذكور، يجب أن يتبع بلد المنشأ هذا، ببيان بلد منشأ باقي مكونات هذا الخليط ونسبها. كما يجب أن تكتب هذه البيانات على بطاقة العنونة بحروف ذات نفس المقاييس ونفس الشكل. وحدد المرسوم ذاته في المادة السابعة منه، الشروط والمعايير التي يجب أن تتوفر في مؤسسات ومقاولات إنتاج الشاي أو معالجته أو تحويله أو تلفيفه أو توضيبه أو نقله أو توزيعه أو تخزينه أو حفظه، حيث يفرض أن تحصل هذه المؤسسات والمقاولات على التراخيص على المستوى الصحي، طبقا لمقتضيات المرسوم رقم 2.10.473. كما يفرض على مستغلي هذه المؤسسات أو المقاولات ضمان تتبع منتجاتهم طبقا لمقتضيات المادة 75 من المرسوم رقم 2.10.473.
جعفر هيكل طبيب اختصاصي في الطب الوقائي والتغذية:
قال جعفر هيكل الطبيب الاختصاصي في الطب الوقائي والتغذية، إن الشاي الأخضر مفيد للصحة بالنظر إلى أنه يحتوي على مكونات مضادة للأكسدة، وأكد هيكل في حديثه مع «بيان اليوم»، أن البحوث العلمية الحديثة المتعلقة بالفوائد الصحية للشاي الأخضر تؤكد أنه مشروب يساعد على تجميد ومقاومة بعض الأمراض المزمنة كأنواع من السرطان. وأشار إلى أن الشاي الأخضر له دور وقائي، غير أن الحديث عنه واستهلاكه يرتبط بمشكلتين اثنتين، تتعلق الأولى بظروف جمعه وإنتاجه والتي يجب أن تراعى فيها الشروط الصحية والحرص على عدم تلوث الشاي، وخصوصا عند استعمال المبيدات الحشرية التي يمكن أن تؤثر على جودته وعلى صحة المستهلكين، وشدد على أن استعمال هذه المبيدات لا يقتصر على الشاي فقط بل يمتد إلى العديد من المنتجات الغذائية كالخضروات والفواكه.
أما المشكلة الثانية فتتعلق بالعادات المرافقة لاستهلاك الشاي الأخضر عند أغلب المغاربة، الذين يتناولون الشاي مع كميات مهمة من السكر، حيث نبه في هذا الصدد إلى المخاطر الصحية للإكثار من استعمال السكر عند تحضير الشاي، وأوضح أنه من الأحسن تناول الشاي مع كمية قليلة من السكر، مشيرا أنه من الأفضل تناول الشاي بدون سكر.
وفي جانب آخر، أضاف أن الجدل الذي يثار حول الشاي ومكوناته، يكتنفه الكثير من الغموض، خصوصا أن بعض الإشاعات تجد طريقها إلى الانتشار بسرعة، والتي تصدر عن جهات وأشخاص غير متخصصين، ما يزيد من اللبس والجدل، وأكد جعفر هيكل في السياق ذاته، أن المصالح المختصة المكلفة بمراقبة المنتجات الغذائية التي يستوردها المغرب من الخارج ومن ضمنها منتوج الشاي، تقوم بدورها في هذا الصدد، وقال «لا أعتقد أن المصالح المكلفة ستسمح بدخول منتوجات ملوثة ومضرة بالصحة».
مبيدات حشرية
كشف تحقيق أنجزته المجلة الأسبوعية Telquel في عددها 800، بتاريخ 23 فبراير 2018، أن الشاي الذي يستهلكه المغاربة تتواجد به نسب عالية من المبيدات الحشرية، وبعضها يشكل خطرا على صحة المستهلك، وأوضحت المجلة التي أخضعت 11 علامة من الشاي المستهلك بالمغرب لتحاليل مخبرية أنجزها مختبر أوروبي مستقل، أن العينات التي تم تحليلها تتضمن نسبا عالية من مخلفات المبيدات الحشرية تتجاوز نسبتها في بعض الحالات أكثر من مائة مرة مقارنة مع المعايير التي يفرضها الاتحاد الأوروبي. وكشفت المجلة في تحقيقها أن المغرب يعتمد المعايير الصينية لمعدلات بقايا المبيدات الحشرية العالقة بالشاي، في مقابل المعايير الأوروبية الأكثر صرامة؛ لذلك فإن الشاي المغربي لا يسمح بتسويقه ولا استهلاكه في مجال الاتحاد الأوروبي.
وبالعودة إلى الدستور الغذائي لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، فإنه يحدد الحد الأقصى لمستوى ملوث معين في سلعة غذائية أو علفية ما يعني التركيز الأقصى من تلك المادة التي توصي هيئة الدستور الغذائي بالسماح بها قانونا في تلك السلعة. ويضيف المصدر ذاته أن العديد من الملوثات موجود بصورة طبيعية، لذلك من المستحيل فرض حظر كامل على تلك المواد. وبهدف حماية صحة البشر، يعمل الدستور الغذائي على إبقاء تلك المستويات عند أدنى حد ممكن لها بناء على الأدلة العلمية السليمة. وتقوم لجنة الدستور الغذائي المعنية بالملوثات في الأغذية بتحديد المستويات القصوى المسموح بها أو المستويات المرجعية للملوثات والعوامل السمية التي تحدث طبيعيا في الأغذية والأعلاف. كما تعد كذلك قوائم بالأولويات للملوثات والعوامل السمية التي تحدث بصورة طبيعية، لأجل تقييم المخاطر من قبل لجنة الخبراء المشتركة المعنية بالمواد المضافة إلى الأغذية.
وتقول منظمة «الفاو» إن أشجار الشاي تحارب مجموعة من الأعداء الطبيعيين، كالفطر والبكتيريا والحشرات، لذلك وسعيا وراء زيادة الإنتاج، يستخدم مزارعو الشاي مجموعة من الكيماويات والمبيدات التي تكافح الآفات، ولكنها قد تضر المستهلك إذا ظلت كمية كبيرة منها على الأوراق عند تصنيعها. وتضيف أن «صغار المنتجين الذين يجدون صعوبة في أغلب الأحيان في الامتثال لمجموعة معايير السلامة بشأن استخدام المبيدات، يميلون إلى استخدام كيماويات رخيصة الثمن، وهو ما يعني عادة أنها أصناف قديمة، حيث أنه في كثير من الأحيان لم تقم الشركات المصنعة بتحديث الخطوط التوجيهية الخاصة بكيفية الامتثال لمعايير السلامة الحديثة».
وأوضحت أنه، في سنة 2012، وبعد عشر سنوات من العمل المنسق، عملت مجموعة العمل الحكومية الدولية للشاي التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة، وهي من الأجهزة الفرعية المنبثقة عن لجنة مشكلات السلع، على إبرام اتفاقية تنسق معايير استخدام المبيدات، وتجعل إنتاج الشاي أكثر أمنا بالنسبة للمستهلكين. وأشارت إلى أن اللوائح الصارمة تشكل ضغطا على صغار المنتجين، حيث إن الاستهلاك العالمي يتزايد بمعدلات كبيرة، تصل إلى نحو 5 في المائة سنويا. وقد أدى ذلك، بحسب المنظمة، إلى زيادة ملموسة في الإنتاج والصادرات والاستهلاك، ورفع أسعار الأسواق إلى أرقام قياسية، وفي المقابل ظهرت بعض المشكلات، منها أن البلدان المنتجة للشاي، يصعب عليها الامتثال للقواعد الصارمة التي تحدد كمية الكيماويات التي تظل عالقة بأوراق الشاي بعد قطفها.
حيل الاستيراد
بالإضافة إلى الجدل القائم حول جودة الشاي، يعمد بعض المستوردين، إلى التلاعب في عمليات تعبئة الشاي، وفي هذا الإطار، سبق لمصالح الجمارك أن حجزت خلال السنة الماضية، بأحد الموانئ المغربية أزيد من 60 حاوية محملة بالشاي المستورد من الصين، بعدما لاحظت وجود تلاعبات في نوعية الشاي وعلب التعبئة المصرح بها، إذ يعمد بعض المستوردين إلى التصريح بنوعية من الشاي التي تفرض عليها رسوم استيراد أقل من التي تفرض على نوعية أخرى أحسن جودة. وهو ما دفع مصالح الجمارك إلى حجز هذه السلع، حيث فرضت غرامات مالية على المستوردين، في إطار المصالحة الحبية المتبعة في هذه الحالات حتى يتمكنوا من إخراج سلعهم وترويجها، أو إحالتها على المزاد العلني (المناقصة) في حالة رفض المستورد أداء الغرامات المفروضة في الآجال المحددة، تفعيلا لمقتضيات مدونة الجمارك بشأن السلع المحجوزة والتي لا يجب أن تفوق مدة حجزها ستين يوما.
وتتوزع أنواع الشاي المستورد بين ثلاث نوعيات، منها نوع أول يفرض عليه رسم استيراد بـ 30 درهما للكيلوغرام، والنوع الثاني يفرض عليه رسم استيراد بـ 20 درهما، ثم النوع الثالث الذي يفرض عليه رسم الاستيراد بـ 10 دراهم.
حيل الاستيراد التي يلجأ إليها بعض مستوردي الشاي من الصين، يؤكد أحد المهنيين أنها منتشرة في أكثر من منطقة بالرغم من المجهودات التي تقوم بها مصالح الجمارك والمصالح المرتبطة بها، وقليل من المرات التي تحجز فيها مصالح الجمارك السلع التي تم التلاعب فيها. وتتم عملية التلاعب عبر تعبئة نوعية جيدة من الشاي في علب خاصة بنوعية أقل جودة، وذلك قصد احتساب رسوم أقل وفق المعايير التي تحتسب على النوعية الأقل جودة. وتتسبب هذه الحيل في تحملات إضافية للمستوردين، في حال ضبطهم، حيث يضطرون إلى فك الحجز عن السلع بأداء الغرامات التي تحتسبها مصالح الجمارك، فضلا عن رسوم الخدمة التي تحتسبها شركات المناولة بالميناء، والتي تقدر بنحو ألف درهم عن كل يوم من بقاء السلع بالميناء، بالإضافة إلى الشركة المالكة للحاويات التي تحتسي بدورها ألف درهم مغربي عن كل يوم، ما يعني أن المهنيين الذين تم حجز سلعهم يؤدون مبلغا بألفي درهم عن كل يوم من الحجز.
خوصصة القطاع
في شهر أبريل من سنة 2002 تم تحويل المكتب الوطني للشاي والسكر التابع للدولة المغربية، الذي أحدث سنة 1959، إلى شركة مساهمة بقرار من مجلس النواب تمهيدا لخوصصته وفتح المجال أمام شركات المنافسة الخاصة. بعد ذلك، وفي سنة 2003، تم إدراج الشركة المغربية للشاي والسكر، المتخصصة في استيراد وتحفيظ وتخزين وتسويق الشاي والسكر ومنتوجات أخرى ومواد غذائية، ضمن لائحة المقاولات القابلة للتفويت، وتم إطلاق طلب عروض في أبريل 2006. وفي شهر يوليوز من سنة 2006، اتخذت لجنة تحويل المقاولات العمومية القابلة للتفويت (التمليك)، وهي لجنة محدثة بمقتضى قانون التخصيص، قرارا بتمكين الشركة القابضة المغربية التجارية والمالية (هولماركوم)، وهي مجموعة مملوكة لعائلة بنصالح، من اقتناء إجمالي رأسمال الشركة المغربية للشاي والسكر (سوماطيس)، المكتب الوطني للشاي والسكر سابقا، مقابل قيمة 539 مليون درهم، لتتسلم مجموعة هولماركوم بشكل رسمي، الشركة المغربية للشاي والسكر، مع مطلع شتنبر 2006.
وكان من بين الشركات الكبرى التي تقدمت بطلباتها للحصول على صفقة طلب العروض، فاعلون من العيار الثقيل في المجال الاقتصادي، كمجموعة «ميلود الشعبي»، و»كوزيمار» التي تملكها مجموعة «أونا» حينها قبل أن يتم تفويتها في سنوات لاحقة، ومجموعة «هولماركوم» المملوكة لعائلة بنصالح، وشركة «سافولا» السعودية وشركات أخرى، غير أن الصفقة في نهاية المطاف رست على مجموعة «هولماركوم».
وكانت حدة التنافس كبيرة وحجم المتقدمين للحصول على الصفقة أكبر، وهو ما يبين حيوية قطاع استيراد الشاي بالمغرب، لكونه يدر أرباحا كبيرة وسوقا واعدة في توسع مستمر، كما أن حجم سوق الشاي بالمغرب في ارتفاع مستمر حسب ما تبينه تقارير بهذا الشأن، إذ ارتفعت مشتريات المغرب من 200 35 إلى 100 57 طنا من عام 2000 إلى 2010. وتضيف التقارير أن المغرب يستهلك ما يزيد عن 100 مليار سنتم من الشاي الأخضر الصيني سنويا.
حسن انفلوس