الاستمرار في التصدي للوباء…

تدبير السلطات لقرار إلزامية الجواز المتعلق بالتلقيح، والمقاربة الأمنية لتفريق الاحتجاجات في الأقاليم ضد التدبير الحكومي، وأيضا فجائية الإعلان عن هذه القرارات وعدم منح الناس الوقت الكافي للتأقلم معها، وضعف التواصل الحكومي مع الرأي العام الوطني، كل هذا يشكل تجليات قصور في أداء السلطات، ويقتضي تغيير الأسلوب والمقاربة، وقد طالب الكثيرون بذلك أكثر من مرة، وجرى تنبيه الحكومة إلى أهمية تواصلها مع الناس، وضرورة التوعية والتنوير والتعبئة وسط المجتمع وعبر الإعلام…
ولكن، في نفس الوقت، الركوب على هذا، والشروع في ترويج الخرافات والدجل والتيئيس وسط شعبنا، يعتبر مرفوضا، ويمثل خطرا على الصحة العامة في بلادنا.
ننطلق في هذا من رفض مبدئي لأي تهديد أو مس بصحة وسلامة شعبنا، ورفض إلحاق الضرر بالغير، وننطلق أيضا من كون بلادنا حققت، بالفعل، نجاحات مهمة في الحرب الكونية ضد الوباء، وبذلت تضحيات مالية ضخمة للتصدي لتداعيات الجائحة وتوفير اللقاحات، ويجب تمتين اليقظة لكسب المعركة بشكل كامل…
صحيح، أن الحالة الوبائية في المغرب تشهد استقرارا في الفترة الأخيرة، ولكن استحضار ما تشهده العديد من البلدان عبر العالم يجعل الضمانات غير متوفرة للمستقبل، ولا شيء يجعلنا اليوم في منأى عن التراجعات والنكسات لا قدر الله، وهو ما يحتم الاستمرار في الحذر، ومواصلة التقيد بالتدابير الاحترازية والوقاية، والوعي بأن الخطر لا زال قائما.
اليوم لا يملك العالم بأسره سوى التلقيح والوقاية كسلاحين لمواجهة الفيروس، وعدا هذا نكون بعيدين عن العلم والمنطق والإقناع…
ربما ارتباك قرارات الحكومة وفجائيتها، وأسلوب المباغتة في التدبير الحكومي، وصمت السلطات، وضعف الحوار السياسي العمومي بهذا الخصوص، وأيضا التشدد الأمني أحيانًا في التعاطي مع احتجاجات الشارع، كل هذا يجعل الشك والتراخي واليأس يتسرب إلى شعبنا، وتتنامى السلبية، وهنا تحضر الخرافات والشائعات، ويكون التدبير الحكومي المرتبك هو من شجعها في الواقع، ولكن، مع ذلك، يجب أن ننتصر للعلم، وأن نثق في الكفاءات العلمية الوطنية.
لنتذكر بداية زمن الجائحة، وحجم الهلع الذي ساد الكرة الأرضية بكاملها، ولنستحضر أعداد الضحايا، ولنعد الشريط من البداية، وسندرك حجم الجهد الوطني الذي بذلته بلادنا في مواجهة هذا الفيروس القاتل، وأيضا التعبئة والحضور الكبيرين للأطقم الطبية والكفاءات العلمية الوطنية، وهم يستحقون اليوم أن نثق فيهم وأن نثمن جهدهم ويقظتهم.
لا بد أن تطور الحكومة اليوم أداءها العام من حيث الإنصات لنبض المجتمع والحوار الصريح مع الرأي العام الوطني، أي تقوية العلاقة الديموقراطية، والتخفيف من حدة التوترات والاحتقانات، وفي نفس الوقت، يجب أن نثق في العلم، وأن نفكر أولا في سلامة شعبنا، وفِي حفظ الصحة العامة، وعدم إلحاق أي ضرر بالغير، ومن ثم أن نغلق الباب أمام الخرافة والدجل والإحباط والتيئيس، وهذه مسؤوليتنا كلنا من مواقعنا المختلفة، ومن الضروري تمتينها في سلوكنا المواطن، فرديا وجماعيا…

محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top