أكد السفير الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، أن الالتزامات المتخذة في إطار الميثاق العالمي حول الهجرة لا يمكن أن يكون لها تأثير فعلي على حياة الأطفال والشباب المهاجرين إلا إذا تم تنفيذها بشكل “آلي وشمولي”.
وأوضح هلال الذي كان يتحدث يوم الجمعة الماضي، بأكادير في إطار الجلسة الأخيرة من الورشة الدولية حول الأطفال والشباب المهاجرين، المنظمة في إطار الرئاسة الألمانية – المغربية المشتركة للمنتدى العالمي للهجرة والتنمية لسنتي 2017-2018 أنه من الضروري أن تتم الأعمال الموظفة في هذا السياق في إطار من التنسيق والتشاور مع مختلف الفاعلين المعنيين على مستوى الحكومة والمنظمات الجهوية والفرعية، ووكالات الأمم المتحدة، والفاعلين في المجتمع المدني، وكذا مع القطاع الخاص، والأطفال والشباب أنفسهم.
فعلى امتداد يومين من أشغال هذه الورشة الدولية، انكب ممثلو مختلف هذه الأطراف على التداول حول تحديد الرهانات ذات الأولوية بالنسبة للأطفال والشباب المهاجرين، من قبيل الاندماج الاجتماعي، والخصاص في الحماية، والولوج إلى الخدمات، ولسوق الشغل وغيرها.
وستفضي الخلاصات التي سيتم التوصل إليها من خلال هذه المناقشات إلى صياغة أرضية تساعد على تبادل الممارسات الفضلى والحلول الكفيلة بتوجيه الأطراف المعنية الجهوية والوطنية والمحلية في أفق تطبيق ميثاق عالمي حول الهجرات المؤمنة والقانونية، والذي من المنتظر المصادقة عليه بمناسبة انعقاد المؤتمر الدولي حول الهجرة الذي ستحتضنه مدينة مراكش يومي 10 و11 دجنبر القادم.
وفي هذا السياق أعرب الدبلوماسي المغربي، الذي ترأس الجلسة الخاصة بـ “الشراكات من أجل ولفائدة الأطفال والشباب المهاجرين”، عن ارتياحه لتملك الشباب المهاجر لحقوقهم وقضاياهم، وهذا ما يجعلهم، في نظره، مؤهلين لإشراكهم في أية استراتيجية تخص حمايتهم والرقي بأوضاعهم.
ومن جهتهم أكد عدد من المتدخلين الذين يمثلون مجموعة من الدول والمنظمات في هذه الجلسة على أهمية الشراكات والاستثمارات، إلى جانب آليات التتبع من أجل تنزيل مقتضيات الميثاق من المستوى العالمي إلى المستوى الوطني.
وقد شكل افتتاح هذه الورشة فرصة لاستعراض النموذج المغربي في ما يتعلق بتدبير قضايا الهجرة واللجوء والذي أتاحت المملكة بفضله الفرصة للاجئين ولأبنائهم لاستعادة كرامتهم والمساهمة في خلق الثروة، وذلك عن طريق برنامج للاندماج مع الاستفادة من التكوين المهني والمساعدة القانونية والولوج إلى التعليم والخدمات الصحية.
وتمت المصادقة على هذا الميثاق العالمي حول الهجرات المؤمنة والقانونية بمناسبة انعقاد المؤتمر الدولي حول الهجرة الذي ستحتضنه مدينة مراكش يومي 10 و 11 دجنبر القادم.
وقبل ذلك، ستحتضن مراكش أشغال المنتدى العالمي للهجرة والتنمية أيام 5، 6 و7 دجنبر 2018، الذي سيلتئم تحت شعار “الوفاء بالالتزامات الدولية لتحرير طاقات المهاجرين من أجل التنمية”، وذلك بعد مضي سنة على انعقاد منتدى برلين سنة 2017، حيث سيتصادف انعقاد منتدى مراكش مع الذكرى السنوية للسياسة الوطنية حول الهجرة واللجوء التي أعلن عنها جلالة الملك محمد السادس سنة 2013.
وحسب المنظمين، فإن ورشة أكادير تتأسس على تجارب الشباب المهاجرين، والسلطات المحلية والوطنية، والممارسين والخبراء والقطاع الخاص والمجموعة الدولية، حيث سيساهم فيها الشباب بوصفهم فاعلين نشطين، وخبراء وقادة رأي، وذلك في إطار جلسات عمومية، وكذا في إطار مجموعات صغيرة موازية للنقاش، فضلا عن أشكال أخرى من التبادل والمناقشة غير الرسمية.
وقد حضر الجلسة الافتتاحية لورشة أكادير على الخصوص الكاتب العام للوزارة المنتدبة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، الحبيب ندير، الذي يتولى أيضا مهام الرئيس الشريك للمنتدى العالمي للهجرة والتنمية بالنسبة للمغرب، ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إدريس اليزمي، ومدير البرامج لدى منظمة “اليونسيف” تيد شيبان، ومديرة الأرضية الدولية من اجل التعاون حول المهاجرين بدون وثائق ميشال لوفوي، إضافة إلى ممثل عن منظمة الأمم المتحدة للأطفال والشباب.
***
إطلاق مشروع جديد للنهوض بحقوق الأطفال المهاجرين في المغرب
تم يوم الخميس الماضي، إطلاق مشروع جديد موجه للنهوض بحقوق الأطفال المهاجرين في المغرب، وذلك من طرف الوزارة المنتدبة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، وبدعم من منظمة الـ”يونيسيف”، ومندوبية الاتحاد الأوربي. وقد تم الإعلان عن هذا المشروع الذي يحمل اسم “هجرة وحماية” بمناسبة انعقاد الورشة الدولية المخصصة للتداول حول مصير الأطفال والشباب المهاجرين في أكادير، المندرجة في إطار الرئاسة الألمانية – المغربية المشتركة للمنتدى العالمي للهجرة والتنمية لسنتي 2017-2018، والتي تتميز بمشاركة ممثلين عن عدد من الحكومات، والمنظمات الدولية، والمجتمع المدني، والباحثين، وكذا مجموعة من الأطفال والشباب المهاجرين.وخلال جلسة خصصت لتقديمه، تم الإعلان عن رصد غلاف مالي لهذا المشروع بقيمة 4 .2 مليون أورو، وسيستفيد منه 2000 طفل مهاجر، (منهم المصحوبين بأوليائهم وغير المصحوبين)، حيث سيكون بإمكانهم الولوج المنصف لخدمات التعليم والعلاجات الصحية، والتكفل الاجتماعي والقانوني، والإيواء المناسب والمستعجل. وصرحت سفيرة الاتحاد الأوربي لدى المغرب، كلاوديا فييداي، بهذه المناسبة أن المغرب “انخرط في سياسة إنسانية للهجرة، والتي عبر الاتحاد عن سعادته بدعمها”. وعلى هامش الورشة الدولية لأكادير المنظمة على مدى يومين (21 و22 يونيو الجاري) تحت شعار “الأطفال والشباب المهاجرون: نحو تفعيل حلول مستدامة”، أطلقت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة حملتها العالمية لحماية الأطفال المشردين، والتي تهدف إلى التحفيز على اتخاذ مواقف وإجراءات إيجابية إزاء الأطفال المهاجرين واللاجئين، وذلك بمناسبة تنظيم كأس العالم في كرة القدم. واستنادا إلى بلاغ للمنظمة، فإن عشق كرة القدم يعتبر بمثابة عامل مساعد على إدماج الأطفال المهاجرين واللاجئين، وذلك على اعتبار أن الرياضة من عناصر الوحدة بين الشعوب، حيث أن حب اللعب يجمع بين أناس من آفاق متعددة ومختلفة، ويبرهن على أن أوجه التشابه بين الناس تتجاوز مكامن الاختلاف في ما بينهم. وقد تم بالمناسبة بث شريط يحكي عن صداقة بين طفل مغربي وطفل مهاجر من إفريقيا جنوب الصحراء يجمعهما حب كرة القدم، حيث ينضم إليهما النجم السابق لكرة القدم المغربية يوسف حجي. كما تم بالمناسبة ذاتها إطلاق نداء من طرف منظمة اليونسيف لجميع شركائها وللاعبي كرة القدم وللمعجبين بهم من اجل الانخراط في هذه المبادرة الانسانية.
****
كافالييري: الاستراتيجية المغربية تضمن الكرامة الإنسانية للاجئين
أكد ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالمغرب جون بول كافالييري، يوم الأربعاء الماضي، بالرباط، أن الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء المعتمدة من قبل المغرب تمكن اللاجئين من استعادة كرامتهم والمساهمة في خلق الثروة.
وأوضح كافالييري، خلال ندوة صحافية نظمت بمناسبة اليوم العالمي للاجئين، أن ” أزيد من 5 آلاف شخص ينحدرون من ثلاثين بلدا، وخاصة من سورية واليمن وجمهورية الكونغو الديمقراطية والعراق وفلسطين، وجدوا ملجأ لهم في المغرب ويتمتعون بحرية الحركة في كافة أنحاء تراب البلاد”.
وأوضح أن 62 في المائة من اللاجئين في المغرب هم من النساء والأطفال، مشيرا إلى أن “واقع منح وضع قانوني للاجئين من شأنه أن يضمن لهم حماية ضد العودة القسرية إلى بلدانهم ويتيح لهم الولوج إلى الخدمات الأساسية والعلاجات الطبية”.
وأبرز أن اللاجئين أضحى بمقدورهم، بحكم التعايش مع المغاربة في أزيد من 50 مدينة عبر أنحاء المملكة، الاعتماد على أنفسهم من دون تعريض أسرهم لتصرفات محفوفة بالمخاطر.
كما أشاد بالدور البناء الذي قام به المغرب خلال المفاوضات التي أطلقتها منظمة الأمم المتحدة بشأن الهجرة، تمهيدا للتوقيع على اتفاق عالمي حول الهجرة، مبرزا التجربة الرائدة للمملكة في مجال الهجرة واللجوء.
من جهة أخرى، تميزت هذه الندوة الصحفية بتقديم التقرير السنوي بعنوان “الاتجاهات العالمية” والذي نشر بمناسبة اليوم العالمي للاجئين.
وكشف هذا التقرير أن هناك 68.5 مليون شخص في عداد اللاجئين والنازحين مع نهاية سنة 2017، مشيرا إلى أن عدد النازحين داخل بلدانهم يبلغ 40 مليون شخص أي أدنى بقليل من 40.3 مليون المسجل في عام 2016.
****
المغرب مستمر في تدبير ملف الهجرة على الصعيدين القاري والدولي
أشاد المشاركون في ندوة دولية، نظمت يوم الجمعة الماضي بوجدة حول “الهجرة الدولية: العمق الإفريقي للمغرب وأسئلة العولمة”، بالسياسة المغربية في مجال الهجرة، واصفين هذه السياسة بالنموذج الذي يحتذى.
كما أبرز المشاركون في هذا الملتقى، الذي نظم بمبادرة من جامعة محمد الأول بشراكة مع وزارة الثقافة والاتصال، الدور الرائد الذي يضطلع به المغرب في هذا المجال وانخراطه في تدبير ملف الهجرة على الصعيدين القاري والدولي.
وفي كلمة بالمناسبة، أكدت إيرين باسيني، ممثلة بعثة المنظمة الدولية للهجرة بالرباط، أنه في ما يتعلق بتدبير الهجرة، فإن المغرب يعد اليوم مثالا بالنسبة للعديد من البلدان، وليس في إفريقيا فحسب.
وذكرت، في هذا الصدد، بأن المغرب يتوفر على استراتيجية وطنية للهجرة واللجوء تتوزع على 11 برنامجا للعمل يهم العديد من قطاعات الحياة المجتمعية.
وتابعت أن هذه الاستراتيجية إنسانية، شاملة وتحترم حقوق الإنسان، وتتماشى مع التزامات المملكة على الصعيد الدولي، مشيرة إلى أن المنظمة الدولية للهجرة عملت على تقديم الدعم والمواكبة للحكومة المغربية في تنفيذ هذه الاستراتيجية.
وعلى الصعيد الدولي، تضيف المتحدثة، ينخرط المغرب في قضية الهجرة، لا سيما عبر مشاركته في الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة وكذلك بالنظر إلى رئاسته المشتركة للمنتدى العالمي للهجرة والتنمية الذي تنعقد دورته الحادية عشرة بمراكش في دجنبر المقبل.
وقالت إن المغرب نشيط للغاية في تدبير ظاهرة الهجرة على صعيد القارة الإفريقية، لافتة إلى أن المملكة كلفت بضمان تنسيق شؤون الهجرة بالاتحاد الإفريقي.
من جهة أخرى، أفادت إيريني باسيني بأنه من أصل سبعة ملايير من ساكنة الأرض، يوجد مليار في وضع تنقل في الوقت الراهن، ما يعادل شخصا واحدا من أصل سبعة.
واعتبرت أن هذا التدفق في الهجرة يفرض على الدول تقديم جواب منسق ومتشاور بشأنه وإنساني، مشيرة إلى أن الهجرة تظل نافعة بالنسبة للبلدان المرسلة والمستقبلة على السواء ويمكن أن تضطلع بدور محوري في التحولات الهيكلية للقارة الإفريقية على الخصوص.
وفي معرض حديثها عن موضوع ملتقى وجدة الدولي، أبرزت باسيني أن هذا النوع من المبادرات من شأنه أن يشجع على فهم أمثل لقضايا الهجرة والمهاجرين.
وبدوره، أشاد الباحث السنغالي مامادو منيان ضيوف، منسق المنظمة الإفريقية للتربية على المواطنة والتنمية المستدامة والتضامن، بسياسة المغرب في مجال الهجرة، مبرزا الدبلوماسية التضامنية والإفريقية للمملكة.
وقال “إذا تبنت جميع البلدان الإفريقية هذا النهج، فبدون شك ستكون هناك وسائل يمكن أن تعزز الوحدة الإفريقية وخيارات التنمية الذاتية للقارة الإفريقية وتسهل كذلك حركة الأشخاص والسلع”.
كما أكد أن الهجرة تعد معطى إنسانيا وسلوكا طبيعيا، معتبرا أن ملتقى وجدة منح الإمكانية للتداول بشأن قضايا الهجرة مع مختلف الفاعلين والمؤسسات.
وفي افتتاح هذه الندوة الدولية، أكد رئيس جامعة محمد الأول محمد بنقدور أنه بفضل توجيهات جلالة الملك محمد السادس، أصبحت المملكة تضطلع بدور ريادي في تدبير تدفقات الهجرة على الصعيد العالمي بشكل عام، لا سيما في إفريقيا وفي الفضاء الأورو متوسطي.
وقال، في كلمة تليت بالنيابة عنه، إنه في إطار الاحترام التام لالتزاماته الدولية، خاض المغرب رهان تبني سياسة وطنية رائدة في المنطقة، إنسانية في مقاربتها ومسؤولة في خطواتها، وتراعي حقوق المهاجرين واللاجئين تمام المراعاة من حيث مقاصدها.
كما شدد على أن المملكة تبنت في تعاملها مع ظاهرة الهجرة مقاربة إنسانية وإدماجية بناء على إطار عام للتعاون مع فاعلين محليين ودوليين في هذا المجال وعلى سياسة وطنية واضحة المعالم، لافتا إلى أن هذا الملتقى الدولي يتوخى تفعيل مساهمة الجامعة في تعميق المعرفة بالهجرة ومواكبة التوجهات الدولية والوطنية في هذا المجال.
من جانبه، قال والي جهة الشرق، عامل عمالة وجدة أنجاد معاذ الجامعي إنه انطلاقا من مبدأ التضامن المغربي الإفريقي والتضامن جنوب – جنوب، وبمبادرة ملكية سامية فقد تم سن استراتيجية وطنية للهجرة واللجوء في نونبر 2013.
وتابع، في كلمة تليت بالنيابة عنه، أنه في إطار هذه الاستراتيجية يتمتع المهاجرون الذين ينحدرون في غالبيتهم من بلدان الساحل وجنوب الصحراء من كافة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على غرار نظرائهم المغاربة من غير أي تمييز أو نقص، ما جعل المغرب مثالا يحتذى في هذا الشأن.
وفي سياق ذي صلة، أشار الوالي إلى أن 30 في المئة من مغاربة العالم ينحدرون من جهة الشرق، ما يعد رصيدا بشريا ومعرفيا واستثماريا مهما يجب توظيفه في المجهود التنموي للجهة التي تعرف نهضة غير مسبوقة منذ أن أعلن صاحب الجلالة الملك محمد السادس عن مبادرة ملكية لتنمية الجهة في 18 مارس 2003.
من جهته، توقف رئيس مجلس جهة الشرق عبد النبي بعيوي عند جهود وتجربة المغرب في معالجة ظاهرة الهجرة في بعديها القانوني والإنساني، مشيرا إلى أن المملكة أصبحت تمثل نموذجا من خلال سياستها الإنسانية في الهجرة والتنمية. ولم يفت السيد بعيوي، في الكلمة التي تليت بالنيابة عنه، أن يؤكد سعي مجلس الجهة إلى الانخراط، مع باقي الشركاء المؤسساتيين المحليين والجهويين والوطنيين والدوليين، في عملية إرساء آليات دائمة للتشاور والتنسيق قصد بلورة وتنفيذ برامج ومشاريع مشتركة في مجال الهجرة.
إلى ذلك، بحث المشاركون في هذه الندوة مختلف الجوانب المتعلقة بظاهرة الهجرة ، استنادا إلى دراسات علمية وأبحاث ميدانية وتقارير وطنية ودولية تعكس حقيقة وانعكاسات وواقع الهجرة الدولية وآفاقها المستقبلية.