التواصل الناجع… العمل الميداني من أجل الطمأنة..

فيروس كورونا أحدث رجة حقيقية في كل العالم، وقلب الكثير من الأوضاع والمعادلات، ويشهد المجتمع الدولي اليوم استنفارًا حقيقيًا، كما أن أجواء الخوف تسود وسط كل الشعوب، وكل هذا يلاحظه الجميع وتنقله مختلف وسائل الإعلام.
شعبنا ليس استثناء، وكل فئات المواطنين منشغلة بالأمر،  وينتشر الخوف لديها، وهذا يقتضي بداية وقبل أي شيء طمأنة الناس والتواصل معهم على مدار الساعة، وتحسيسهم بأشكال الوقاية.
اليوم أمام حجم اللاثقة الذي يعشش في نفسيات وعقول المغاربة، صار اللاتصديق هو السائد، وبعض الأوساط” الفايسبوكية” يبدو أنها لن تثق إلا إذا تأكد بالفعل، لا قدر الله، وجود الفيروس فوق ترابنا، وهو ما لا نتمناه لشعبنا وبلادنا، وفي نفس الوقت هذه البيئة(الرافضة)تفرض على السلطات العمومية المختصة بلورة مخطط تواصلي أكثر نجاعة وحرفية وحضورًا، بما في ذلك عبر مواقع التواصل الإجتماعي وفي كل مجالس الناس والفضاءات التي يرتادونها، والجواب على الانشغالات والأسئلة التي تطرح وسط شبعنا يوميا، لمحاصرة التشكيك واللاثقة، ولتمتين الطمأنة والتحسيس والإقناع.
اليوم يمتلك المغاربة قدرة المقارنة والقياس، ووسائل التواصل والإعلام تجعل كل الوقائع من كل بقاع الكرة الأرضية قريبة ومتاحة، ولهذا يجب السعي لإقناعهم أن بلادنا لها الإمكانيات التقنية والطبية واللوجيستيكية والقانونية والبشرية اللازمة للوقاية، ولمواجهة الوباء.
وقبل كل هذا يجب أن تتوفر للمغاربة المعلومة الصحيحة والمؤكدة والمقنعة في الوقت الحقيقي لتطرد الشائعات والأخبار المغلوطة من العقول.
إن التواصل المطلوب ليس هو تهديد من يروج الشائعات أو استعراض الفصول القانونية التي يمكن ان تطبق في حق المتورطين في ذلك، والتواصل الناجح  هو أيضا عدم نشر خطابات متناقضة من لدن جهتين حكوميتين، ولكن  التواصل المطلوب هو  أن تتولى جهة رسمية واحدة لديها المعرفة والاختصاص وحدها تدبير التواصل مع الرأي العام الوطني، وأن تكون رهن إشارة وسائل الإعلام الوطنية على مدار الساعة، وان تجند هي نفسها خبراء وأطر لتأمين انسياب المعلومة عبر كل مواقع التواصل الإجتماعي والمنصات الإخبارية، وأن تشرف على مخططات التواصل والتوعية التي يمكن ان تقوم بها موسسات وطنية أخرى في نطاق تدخلاتها الخاصة ومجالات عملها، وبالتالي أن تصدر المعلومة موحدة ومؤكدة وبشكل دائم وفي كل مستويات العلاقة مع المواطنين.
مواجهة الإشاعات وطمأنة الناس وإقناعهم وتوعيتهم لا تكون من خلال بلاغات باردة أو  تصريحات لا تقول شيئا أو فقط من خلال تهديد الناس بتطبيق قوانين زجرية، وإنما من خلال استعراض المعلومات الصحيحة بشكل مستمر، والجواب على الأسئلة الرائجة وسط الناس والانشغالات المعبر عنها يوميا فيما بينهم، وأيضا استعراض جاهزية المصالح العمومية لمواجهة الوباء وتداعياته، وبالتالي جعل المغاربة يطمئنون لمؤسسات بلادهم وللمنظومة الصحية الوطنية، ولجاهزية الدولة لحمايتهم من الأوبئة والفيروسات.
من جهة أخرى، لا بد كذلك أن يقترن المخطط التواصلي الناجع والفعال بإجراءات ملموسة وعملية في الميدان لمواجهة اللوبيات التي لا تتردد اليوم في الإغتناء على حساب خوف المواطنين، وأحاديث كثيرة تروج اليوم في الدار البيضاء وخارجها بشأن هذا الجشع، وهو  بالذات الذي يزيد من خوف الناس ورعبهم ويفشل كل عمليات التواصل والطمأنة.
إن إشعاع الطمأنينة وسط شعبنا وتوعيته وإقناعه أمر مهم وواجب، ومن شأن ذلك جعل بلادنا تتفادي التداعيات الكارثية المحتملة لمثل هذه الأجواء، كما أن التعامل بصرامة مع لوبيات الجشع وكارتيلات الاغتناء على حساب خوف الناس وصحتهم، من شأنه كذلك بعث إشارات الاطمئنان للمواطنين بكون الدولة حريصة على صحتهم وأمنهم الصحي.
إن بلادنا بامكانها أن تنجح في تجاوز هذه الكارثة العالمية، وأن تتفادى التسبب في أي مس بالحياة الاقتصادية، إن على مستوى الجاذبية السياحية أو استقبال الاستثمارات، أو أيضا إقبال الناس على ممارسة حياتهم وأنشطتهم بشكل عادي وآمن.
لنفسر  إذن للناس بشكل ناجع وعلمي وفعال، ولنراقب ما يقترفه لوبيات الاغتناء غير المشروع، ولننصت لحكايات الناس يوميا في كل مجالس الحديث بهذا الخصوص، ولنتواصل معهم حول هذه الانشغالات اليومية الملموسة بالذات، والمهم لنسعى من أجل تعزيز ثقة المغاربة في بلادهم وفي مؤسساتها الصحية والإدارية.

محتات الرقاص

[email protected]

Related posts

Top