تقف الفلسطينية فدوى أمام حظيرة مواش مدمرة ولوح شمسي مهشم بعدما أطلق الجيش الإسرائيلي جرافاته لاقتلاع الخيم المنصوبة في بلدة حمصة التي أقامتها نحو عشر عائلات بدوية وتعتبرها الدولة العبرية “غير قانونية”.
وتقول “أتى العسكريون قبل 30 دقيقة وأمرونا بالمغادرة”، فيما تمتد في الأفق حقول شاسعة محروثة ينبت فيها العشب الأخضر في شمال غور الأردن حيث تنتشر تجمعات خيم للسكان البدو.
وتقول فدوى “نخشى أن يعودوا ليدمروا كل شيء مجددا” بعد مغادرة الجنود المكان، مشيرة إلى أنهم جاؤوا في غياب زوجها أبو عواد الذي كان في مكان آخر في الوادي.
وما أن وصل فريق وكالة فرانس برس إلى المخيم حيث يتواجد أبو عواد، حضرت آليتان للجيش الإسرائيلي وترجل منها عسكريون مسلحون.
وقال أحدهم “أنتم في منطقة عسكرية مغلقة لا يحق لكم التواجد هنا. سنصادر سيارتكم”.
ولم يقع الفريق خلال جولته في الحقول على أي لوحة أو لافتة تشير بوضوح إلى أن “المنطقة عسكرية”.
وبعد التفاوض معهم أبعدت سيارات الوكالة واضطر الفريق إلى الوصول إلى الخيم مشيا.
ويقع غور الأردن، وهو شريط استراتيجي يمتد من بحيرة طبرية وصولا إلى البحر الميت، في الجزء الأكبر منه، في المنطقة “ج” في الضفة الغربية التي تسيطر عليها إسرائيل وتسعى إلى ضمها.
ولبناء أي منشأة في الوادي، ينبغي للفلسطينيين الاستحصال على إذن من الجيش الإسرائيلي. لكن البدو يؤكدون أنهم يعيشون على أراضيهم منذ قبل الاحتلال الإسرائيلي في العام 1967 وأنهم لا يحتاجون تاليا إلى تراخيص.
وفي الأشهر الأخيرة، دفع الجيش ببدو حمصة إلى مغادرة موقعهم، بذريعة أنه واقع في “منطقة عسكرية مغلقة”،. لكن أبو عواد يعتبر أن هذه حجة لطرد الفلسطينيين.
ويؤكد الرجل الجالس على العشب وهو يأكل السلطة مع جبن مصنوع من حليب الماعز الطازج، “هذه ليست منطقة عسكرية فعلا. نحن هنا، والعسكريون يجرون تدريبات بعيدا جدا منا. هذه الأراضي لنا، يأتي الجنود هنا كغزاة، لكننا لن نغادر”.
وما إن يغادر الجنود، يصل الى المكان إسرائيليان هما بوما وشوشي: الأول فقد ابنه خلال الاحتلال الإسرائيلي للبنان فيما الثاني عسكري سابق في سلاح الجو. وكانا يحملان الألعاب والملابس الجديدة لأطفال يمرحون على مسافة قريبة على تل ترابي.
ويقول شوشي “نحمل أيضا شوادر مقاومة للمياه لحماية الخيم، لكن بسبب تواجد الجنود تركناها في مكان آخر، وسيعمد البدو إلى أخذها ليلا ونقلها إلى المخيم على ظهور الحمير”.
وتحصل عمليات كر وفر بين الجيش الإسرائيلي والبدو في المنطقة.
ويعمد العسكريون إلى جرف الخيم والألواح الشمسية وحظائر المواشي. ويخفي البدو الذين يحصلون على مساعدات من أطراف مانحة ومن السلطة الفلسطينية، معدات لبناء المخيمات مجددا بعد هدمها.
في حمصة، تؤكد العائلات أنها تقف حاجزا أمام الاستيطان الإسرائيلي في غور الأردن. ويقيم أكثر من 475 ألف مستوطن إسرائيلي في الضفة الغربية.
وقال المسؤول في السلطة الفلسطينية معتز بشارات خلال زيارة للموقع “تريد إسرائيل أن يغادر الفلسطينيون أراضيهم (…) ليستقدموا مستوطنين”.
ويضيف “سندافع عن أراضينا وسلاحنا هنا هو وجودهم”، في إشارة الى أبو عواد وأبو فريج، وهو بدوي آخر كان يدخن بشكل متواصل وهو جالس على الأرض في انتظار مجيء العسكريين مجددا…وقد جاؤوا بعد يومين، وجرفوا مجددا الخيم كلها.
> أ.ف.ب