الجزائر تفضل التصعيد وترفض اليد الممدودة للمغرب

قصر المرادية يقرر إعادة  النظر في العلاقات وتكثيف المراقبة الأمنية على الحدود

بنعبد الله:  قادة الجزائر وصلوا أقصى درجات “الحمق” وفقدان الصواب وبلغوا مرحلة متقدمة من التيه ويرفضون فتح أي صفحة جديدة مع المغرب

على بعد حوالي ثلاثة أسابيع على دعوة جلالة الملك محمد السادس الجزائر إلى تجاوز الخلافات المفتعلة والمستمرة لحوالي أربعة عقود، اختار قصر المرادية الجنوح للتصعيد مع المغرب وقرر إعادة النظر في العلاقات مع المغرب.

الرئاسة الجزائرية قالت في بيان لها إنها “ستعيد النظر في العلاقات بين البلدين” وستكثف المراقبة الأمنية على الحدود الغربية.

القرار الجزائري المبني على حسابات أخرى، لا يجرؤ قصر المرادية على ذكرها، اتخذ خلال اجتماع استثنائي للمجلس الأعلى للأمن برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون، وخصص لتقييم الوضع العام في الجزائر عقب الحرائق الضخمة التي اجتاحت شمال البلاد وأودت بحياة 90 شخصا على الأقل.

البيان الرئاسي الموجه للاستهلاك الداخلي يؤكد من حيث لا يدري كاتبوه أن الجزائر ماضية في سياسة تصدير أزماتها الداخلية من خلال  خلق “وهم” اسمه العدو الخارجي، المتآمر ضدها، يتمثل، حسب خرف قيادتها التي بلغت فعلا سن الخرف، في “المغرب وإسرائيل”.

حالة الاختناق الداخلي والإفلاس الاقتصادي لجارتنا الشرقية لم تعد تخفى على أحد، فالتقارير الدولية تضع جارتنا الشرقية في ذيل ترتيب دول العالم على أكثر من صعيد، وخاصة على مستوى تدبير شؤونها الداخلية بدليل أنها لم تستطع إطفاء حريق اقترفته أيدي جنرالاتها من أجل إلهاء شعب القبائل واحتواء مطالبه، بل والانتقام من شبابه وإطاراته المناضلة من أجل الحرية والعيش الكريم والاستفادة من أدنى شروط الحياة في دولة تعيش فوق بحر من البترول والغاز.

لا يملك قصر المرادية الذي يحركه الجنرالات سوى الاتهامات دون تقديم أدلة. وقد سارعت حركة “ماك”، إلى رفض الاتهامات ودعت إلى إجراء تحقيق دولي في الحرائق التي تجتاح الجزائر وجريمة قتل وإحراق الشاب جمال، نافية أي مسؤولية عن الكوارث ومعتبرة أن هناك يدا للسلطات في ما حصل.

ويرى متابعون أن القرار الجزائري فاقد للصواب، وسيزيد من تدهور العلاقات المضطربة أساسا بين الجزائر والرباط.

بهذا الخصوص، قال الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، محمد نبيل بنعبد الله، إن القادة الجزائريين وصلوا إلى أقصى درجات “الحمق” وفقدان الصواب.

وأضاف نبيل  بنعبد الله، في تصريح لبيان اليوم، إنه “في الوقت الذي يستمر فيه المغرب في سياسة اليد الممدودة كما يدل على ذلك الخطاب الملكي الأخير، تستمر الجزائر، مرة أخرى، في تعنتها، مخترعة  أسطورة العدو المغربي المتدخل في شؤونها”.

وأوضح بنعبد الله أن “قادة الجزائر بلغوا مرحلة متقدمة من التيه ولا يريدون فتح أي صفحة جديدة مع المغرب”، معبرا عن “أسفه الشديد لهذا الواقع الذي يوجدون فيه”.

 من جانبه، قال عبد العزيز قرقاري، أستاذ العلوم السياسية بكلية السويسي بالرباط،  إنه لفهم التصريحات العدائية للسلطة الجزائرية يجب الرجوع لأحداث سجلها التاريخ حيث “أراد الراحل بومدين أن يجعل الدول المغاربية تحقق فكرة الضباط الأحرار ذات الارتباط بنهج الرئيس المصري عبد الناصر، وذلك بقلب كل أنظمة الحكم بها وتحويلها إلى أنظمة عسكرية”.

هذا الحلم الذي لم يتحقق، يقول الأستاذ عبد العزيز قرقاري في تصريح لبيان اليوم، دفع بومدين  للتفكير في زعزعة المنطقة، حيث عمل على خلق كيان وهمي بغاية خلق نوع من اللاستقرار، وترسيخ عقيدة العداء الدائم للمغرب التي نشهدها اليوم لدى قادة الجيش الجزائري، ولو اقتضى الأمر اللجوء إلى الكذب والتلفيق.

نفس الأمر أكده العباس الوردي أستاذ القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي – الرباط، الذي قال إن بيان الرئاسة الجزائرية الذي يدعي دعم  المغرب لـ “الماك” و”رشاد” يجب أن يكون مبنيا على دليل، معتبرا أن الحرائق تجتاح العالم ومن بينها المغرب، ومشددا على أن الجزائر تدعم على ترابها “كيانا وهميا” في إشارة إلى جبهة البوليساريو.

وتذهب كل ردود الفعل التي خلفها بيان الرئاسة الجزائرية إلى التأكيد على أن الخرجة الأخيرة ليست غريبة بل كانت منتظرة، بدليل وجود إشارات عديدة سابقة على أن النظام العسكري الجزائري يسير نحو تصعيد حدة التوتر مع المغرب.

وكان آخرها  الخرجات الجزائرية الرسمية وغير الرسمية عقب خطاب العرش الذي يبدو أن مضامينه كانت مفاجئة لنظام العسكر الجزائري، حيث بدد جلالة الملك محمد السادس  الهواجس في الجزائر، ونأى بالمنطقة عن مجرى الاضطرابات والعنف غير المحمودة عواقبه التي ستضر أكثر باستقرار المنطقة.

مصطفى السالكي

فنن العفاني

Related posts

Top