الحكومة ترفض التراجع عن قرار تسقيف أسعار المحروقات السائلة

جدد لحسن الداودي الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة، التأكيد على أن الحكومة لن تتراجع عن قرار تسقيف أسعار المحروقات السائلة، وهو قرار كسلطة تنفيذية تملك صلاحية اتخاذه، لكنها تحبذ أن يتم اعتماده بشكل توافقي مع المهنيين موزعي المحروقات (أصحاب محطات توزيع الوقود).
وقال الداودي خلال مشاركته في ندوة علمية حول قطاع المحروقات مساء يوم الجمعة الماضي بالرباط، إن “هدف التسقيف متفق عليه بنسبة 99 في المائة، ذلك أن اللقاءات التي عقدت بين الحكومة والشركات أسفرت عن قبول هذه الأخيرة التسقيف من الناحية المبدئية، و تبقى فقط بعض التدقيقات التي تتعلق بهامش الربح سيتم بحثها في لقاء هذا الأسبوع، مشيرا أن التسقيف ألأحادي بيد الحكومة لكنها تسعى أن يتم التوصل إلى تسقيف متوافق عليه يحدد الربح في هوامش معينة”.
وشدد على أن الحكومة لا تستهدف من وراء إقرار التسقيف أرباح الشركات ولكن تستهدف الأسعار بحيث يكون الربح في حدود معينة وليس على حساب المستهلك، موضحا في هذا الصدد أن المشكل لا يرتبط بالمنافسة التي لا يشكو منها قطاع المحروقات، حيث إن كل الشركات بما فيها أصغر واحدة فيها، تستورد.
وقال إنه يجب الوقوف على الإشكاليات المطروحة، فالمنافسة لم تؤدي إلى خفض الأسعار بل تم استغلالها لرفعها والذي أدى الثمن هو المستهلك، إذ اعتبرت الشركات أنه جاءت المناسبة لرفع الأسعار والحصول على أرباح إضافية “الكل يريد أن يربح أكثر وبلغ، هامش الربح لدى شركات في بعض الحالات 2,13 درهما في اللتر الواحد”، يشير المسؤول الحكومي.
وأعلن أن الحكومة حاليا تتجه إلى تقوية المنافسة، ورفعت في هذا الصدد طلبا جديدا لمجلس المنافسة لإنجاز دراسة جديدة حول التنافسية، معلنا أن وزير الطاقة والمعادن عزيز الرباح، رخص حاليا ل ـ10 شركات جديدة، على أساس شروط جديدة، حيث يمنح الترخيص على أساس التوفر على 10 محطات بدل 30 محطة في السابق، مشيرا إلى أن المنافسة غير موجودة بالنسبة لمادة الفيول، إذ أن نسبة 80 في المائة تحوزها شركة واحدة في السوق، وكذا بالنسبة لمادة الكيروزين التي تحوز 60 في المائة منها في السوق شركة واحدة.
وبخصوص مضامين التقرير الأخير الصادر عن مجلس المنافسة بشأن رأيه في قرار التسقيف، جدد الوزير التأكيد على أن ما تضمنه التقرير يبقى رأيا للمجلس تم اللجوء إليه بصفته مؤسسة وطنية، وهو ليس مفروضا على الحكومة التي تسير نحو التسقيف يكون متوافقا عليه يمتد تنفيذه على مدى 4 أو 5 سنوات.
وبشأن مرحلة ما بعد التوصل إلى اتفاق، أشار إلى أن الحكومة ستراقب إن كان هامش الربح الذي سيحدد سيتم تطبيقه بشكل إرادي أم يلزم فرضه بالقانون، مستطردا بالقول: “يجب أن يطبق على أرض الواقع والقانون سيبقى ورقة في يد الحكومة ستستعملها في الوقت المناسب”.
وبخصوص شركة لاسامير، أبدى الوزير أسفه لعدم استغلال القيمة المضافة لما توفره على مستوى التكرير الذي يتم دفع العملة الصعبة حاليا لفائدة شركات بالخارج، معتبرا أن الاستثمار في المجال بإحداث مصفاة جديدة مكلف وفي المقابل لن يشغل يدا عاملة كبيرة،  
وفيما يخص الأزمة التي تعيشها الشركة، جدد التأكيد على واجب تحفظ الحكومة على الإدلاء برأي بخصوص ملف يوجد أمام القضاء، لكن في المقابل شدد على أن الشركة بذمتها أكثر من 40 مليار درهم، وأن الحكومة رفعت دعوى قضائية بالخارج ضد المعني لاسترجاع ما بذمته من ديون.
هذا ولم يفت المسؤول الحكومي أن يبدي نوعا من التفاؤل حيال أسعار النفط في السوق العالمية وتأثيرها على ألأسعار في المغرب، توقع المسؤول الحكومي أن تنخفض الأسعار في السوق العالمية أو تحافظ على سعرها الحالي بالنظر لانخفاض نسبة النمو لدى دولة الصين كأكبر زبون لهذه المادة، مما يعني خفض الطلب وارتفاع العرض، فضلا عن لجوء الولايات المتحدة الأمريكية إلى إنتاج النفط من الصخور النفطية.
من جهته، عبر سفيان الحسيني عن الجامعة الوطنية لأرباب وتجار ومسيري محطات الوقود بالمغرب، رئيس مكتب محطات إفريقيا، عن نوع من الحيف الذي تعرض له أصحاب المحطات، حيث وجهت لهم اتهامات على مستوى رفع أسعار المحروقات، رغم أنهم الحلقة الصغيرة، مبرزا أن هامش الربح الذي يحققه المهنيون على هذا المستوى يبقى جد محدود.
ولم يفت عضو الجامعة الوطنية لأرباب وتجار ومسيري محطات الوقود بالمغرب، أن ينبه إلى حساسية الموضوع والذي تحكم في الجدل المثار حوله، تضارب المصالح السياسية قائلا: إن موضوع ملأ الدنيا وشغل الناس وما شهده من تدافع واحتدام”.
واعتبر أن أربا المحطات يتحملون الكثير على المستوى المالي، ذلك أن الدولة فرضت عليهم الاستثمار الضخم من أجل المخزون الاستراتيجي الوطني، والذي كلف لحدود الآن أزيد من 200 مليار درهم، فضلا فرض ضرائب عالية عليهم، قائلا” إن الارتفاع الحاد للتضريب المقرر على هذه المادة الحيوية والمقصود بها الضريبة على الاستهلاك والضريبة على القيمة المضافة التي تصل إلى حدود 40 في المائة من الثمن، ما يعني ذلك أن لتر 1 من المحروقات ولو تم استيرداه مجانا فإنه سيصل إلى المستهلك بأربعة (4) دراهم للتر، هذا نتيجة التضريب المرتفع عدا ارتفاع تكلفة النقل”.
واستغل الحسيني المناسبة، داعيا الحكومة إلى حماية هذه المحطات من الإغلاق، فبصفتها من فئة المقاولات الصغيرة والمتوسطة فهي تشغل أكثر من 30 ألف عامل، لكنها باتت مهددة بالإغلاق نتيجة العدد الهائل من المحطات بفعل منح التراخيص للعشرات من الشركات الموزعة، مشددا على ضرورة إجراء دراسة تسبق التحرير الكلي للقطاع، وذلك حتى لا يؤدي الأمر إلى إعادة إنتاج تجربة المخادع الهاتفية والتي أغلقت كلها وتسببت في ضياع 50 ألف منصب شغل نتيجة إلغاء شرط المنافسة.
وأضاف لافتا في هذا الصدد إلى أن هذا ما يتخوف منه أصحاب المحطات، خاصة وأن التجربة الفرنسية لازالت ماثلة أمامهم، حيث أن المواطن الفرسي أصبح مطالبا بصرف أزيد من 15 دقيقة للوصول إلى أقرب محطة من محل سكناه أو عمله وفي هذا إضرار بالاقتصاد والمستهلك وبأصحاب المحطات.
مجددا التأكيد على أن الجامعة تعبر عن رغبتها في التحرير وأنها مع كل منافسة معقلنة ومشروعة وفي إطار إستراتيجية تحافظ على الأمن الطاقي والخدماتي في مستويات عالية، والتي أصحت المحطات المغربية اليوم تقدمها بمواصفات دولية تليق وتشرف صورة المغرب.

فنن العفاني

Related posts

Top