الدوري السوبر ينهار بعد “الانتصار على الجشع”

انهار الدوري السوبر الأوروبي مثل “قصر من الورق” وبات مصيره في مهب الريح بعد 48 ساعة فقط على إطلاقه، وذلك بعد “الانتصار على الجشع” نتيجة قرار الأندية الإنجليزية الستة الانسحاب من مخططاته رضوخا لضغوطات المسؤولين الكرويين والسياسيين والجمهور على السواء.
“الدزينة القذرة” التي تحدث عنها بسخط رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة السلوفيني ألكسندر تشيفيرين باتت الآن نصف دزينة بانسحاب أندية مانشستر سيتي وتشلسي ومانشستر يونايتد وأرسنال وليفربول، ما دفع بالمؤسسين للتوجه إلى “إعادة هيكلة” البطولة شبه المغلقة المنافسة لدوري الأبطال.
وفي ظل تقارير تحدثت مساء الاثنين عن توجه كل من برشلونة وأتلتيكو مدريد الإسبانيين للانسحاب أيضا، يتبين أن المؤسسين الـ12 لم يدرسوا خطوتهم بشكل كاف ولم يتوقعوا بأن تكون ردة فعل الجمهور بشكل خاص غاضبة إلى هذه الحد.
وبحسب مجريات الأمور، يبدو المشروع “السوبر سخيف” بحسب ما وصفته صحيفة “ماركا” الإسبانية بعد قرار الأندية الإنجليزية الستة كأنه ولد ميتا، و”المشروع انهار” بحسب النسخة الإلكترونية لصحيفة “توتوسبورت” الإيطالية.
لقد انهار الدوري السوبر “مثل قصر من الورق” وفقا لصحيفة “ليكيب” الفرنسية، معتبرة أن “المتمردين أساءوا تقدير حجم العاصفة التي أحدثوها” وأن “المقاومة الأقوى جاءت من إنجلترا”.
وبالفعل، لم تتوقع الأندية الإنجليزية أن تكون ردة فعل جماهيرها حيال هذا المشروع الذي كان من المفترض أن يدر عليها أموالا طائلة، وبينها تشيلسي الذي دخل الثلاثاء مباراته في الدوري الممتاز ضد برايتون (0-0) على وقع الاحتجاجات خارج ملعبه “ستامفورد بريدج” اعتراضا على مشاركة النادي اللندني في إطلاق الدوري السوبر.
ووضع قرابة ألف مشجع لأندية إنكليزية عدة خصومتهم في الدوري الممتاز جانبا وشاركوا في هذه التظاهرة الاحتجاجية ضد “الانشقاق” عن الكرة الأوروبية، ورفعت لافتات كتب عليها “لترقد كرة القدم بسلام 1863-2021″، و”أسست من قبل الفقراء، سرقت من قبل الأثرياء”، و”رومان افعل ما هو صحيح” في رسالة إلى مالك تشيلسي الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش.
وحتى قبل بداية المباراة التي تأخر موعد انطلاقها 15 دقيقة بسبب إقفال الطريق أمام حافلة الفريق، وجه لاعبو برايتون رسالة احتجاجية لمضيفيهم من خلال ارتداء قمصان خلال الإحماء كتب عليها مع شعار مسابقة دوري الأبطال “كرة القدم من أجل الجمهور” و”استحقوها” أي المشاركة في دوري الأبطال عوضا عن حجز مقعد سنوي لـ15 ناديا مؤسسا لدوري السوبر بغض النظر عن نتائجها في الدوري المحلي.
ورأت “ليكيب” أنه “مع السبل التوسعية للدوري الإنجليزي الممتاز، فإن إنكلترا التي هي مهد اللعبة، جعلت مشروع الدوري السوبر ممكنا “.
لكن إنجلترا التي تتغنى “في ارتباطها بفكرة أن النادي هو أولا وقبل كل شيء مولود من مجتمع الطبقة العاملة في نهاية القرن التاسع عشر”، كانت أيضا “الأكثر تأثيرا في إسقاط مشروع الخونة+ أو الأوغاد الـ12 أو المتآمرين”، بحسب “ليكيب” التي استندت في نعتها إلى ما صدر من عناوين في الصحافة الإنجليزية.

ما حصل في وقت متأخر من ليل الثلاثاء كان بالنسبة لصحيفة “دايلي ميرور” البريطانية “انتصارا للجماهير. انسحبت الأندية الإنجليزية الستة من الدوري السوبر وتركت البطولة في حالة يرثى لها”.
لقد “تعثر الدوري السوبر مع رضوخ الأندية لغضب الجماهير”، كما أشارت صحيفة “ذي تايمز” في نسختها الإلكترونية، متحدثة أيضا عن الدور الهام الذي لعبه المدربون واللاعبون والسياسيون في دفع الأندية الإنجليزية إلى الانسحاب.
وكان مانشستر سيتي السباق للانسحاب، وقال في بيان إنه “يمكن لنادي مانشستر سيتي لكرة القدم أن يؤكد أنه اتخذ رسميا إجراءات الانسحاب من المجموعة التي تطور خطط الدوري السوبر الأوروبي”.
وأعرب رئيس (ويفا) تشيفيرين عن “سروره” لقرار سيتي، قائلا في تصريحات أرسلها لوكالة فرانس برس “يسعدني أن أرحب بعودة سيتي إلى أسرة كرة القدم الأوروبية”، مشيدا بـ”الذكاء الكبير” و”الشجاعة” لهذا الانسحاب.
وكان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الذي عارض بشدة هذا الدوري، أول الرسميين الذين يعلقون على خبر انسحاب سيتي، قائلا على (تويتر) بأنه “القرار الصحيح تماما، مضيفا “آمل أن تحذو الأندية الأخرى المعنية بالدوري السوبر الأوروبي حذوهما” في إشارة منه أيضا إلى تشيلسي في ظل الحديث حينها عن إمكانية انسحابه قبل أن يتخذ لاحقا القرار بشكل رسمي.
ما حققه الدوري السوبر “إنجاز قياسي فريد” وفقا لصحيفة “لاغازيتا ديلو سبورت” الإيطالية لأنه في غضون 48 ساعة اتحد ضده “القادة السياسيون، البرلمان الأوروبي، المؤسسات الرياضية، كل الصحافة الدوري، المشجعون، والمدربون واللاعبون وحتى المؤسسات التي انضمت إلى المشروع”.

وبسخرية، رأت الصحف الإنجليزية أيضا أن الدوري السوبر تسبب بتوحيد المشجعين واللاعبين والسياسيين وحتى أفراد العائلة المالكة في إدانته.
وقادت “ذي صن” إحدى أكبر الصحف الشعبية في البلاد، عاصفة الاحتفالات بسبب انهيار المخطط “الكريه”، معنونة في صفحتها الأولى صرخة احتفالية “تشيريو، تشيريو، تشيريو”، مشيدا بما سمته “انتصار المشجعين”.
ووصفت صحيفة “دايلي ستار” منظمي الدوري بـ “المسخرة”، مستهزئة بهم لتسببهم بتوحيد عالم كرة القدم ضدهم، وأشادت أيضا بالمشجعين على العمل الجيد الذي قاموا به، في وقت تحدثت “دايلي مايل” عن “انتصار على الجشع”.
ورأت “دايلي ميرور” أن الخطوة أعطت “أملا جديدا لكرة القدم”، مستعينة بما أدلى به المدرب الإسباني لمانشستر سيتي بيب غوارديولا تعليقا على إطلاق الدوري السوبر بـ “أنها ليست رياضة إذا كان النجاح مضمونا”.
لكن “معنى هذين اليومين المجنونين ربما يتمثل الآن في عدم التوقف عند هذا الحد، بل يجب الاستفادة من حركة المؤشر في ميزان القوى، وتقديم مطالب أخرى يمكن أن تعيد اللعبة ومشجعيها إلى قلب منظمة كرة القدم”، بحسب “ليكيب” التي نشرت صور لفريق الدرجة الرابعة رومييي فاليير الذي تأهل الثلاثاء إلى نصف نهائي كأس فرنسا، مع تعليق “هذه هي كرة القدم”.

Related posts

Top