احتفل السعوديون أول أمس الخميس بحماسة بعيدهم الوطني, الذي يبقى مع ذلك موضع انتقاد من جانب المتشددين من المشائخ الذين يعتبرون أن الأعياد الإسلامية وحدها تستحق الاحتفال بها. وجاب عشرات الآلاف من الشبان في مساء يوم الخميس، بسياراتهم شوارع المدن الرئيسية في المملكة حاملين رايات بلادهم ومطلقين العنان لأصوات الزمامير في احد الاستعراضات الوطنية النادرة المسموح بها في السعودية.
كما شارك آخرون في وقت متأخر ليلا في لقاءات ثقافية واحتفالات بالألعاب النارية التي تضاعفت أعدادها على مر السنوات الأخيرة, وسط رغبة سياسية معلنة بزيادة الاهتمام بهذا العيد الوطني.
ويتذكر السعوديون في هذا اليوم تأسيس المملكة العربية السعودية المعاصرة العام 1932 على يد الملك عبد العزيز بن سعود الذي أمضى 20 سنة في العمل على توحيد مختلف المناطق الشاسعة التي تتالف منها السعودية بعقده تحالفات قبلية بعد صراعات داخلية دامية.
وبدأ الاحتفال الرسمي بهذه الذكرى في العام 2005, بعد فترة وجيزة على تسلم الملك عبد الله بن عبد العزيز عرش المملكة خلفا للملك الراحل فهد.
ووجه في حينها المحافظون المتدينون في السعودية انتقادات لهذا القرار, معتبرين ان الاعياد الدينية وحدها تستحق الاحتفاء بها.
وخلال يوم العطلة هذا, لا يبدأ السعوديون بالاحتفالات إلا بعد الغروب, في ظل درجات حرارة مرتفعة تلامس الأربعين درجة مئوية نهاية سبتمبر.
وفي المساء, تتشكل المواكب السيارة, التي تستقلها في بعض الاحيان نساء – في بلد لا تزال القيادة ممنوعة عليهن. وتعج المحال التجارية بالحركة شانها شان الطرقات.
وهذه المظاهر تعتبر طارئة على السعودية, المملكة المحافظة التي تمنع تنظيم الحفلات الموسيقية ودور السينما واحتفالات عامة أخرى.
ورأى الصحافي السعودي عبد الله الشهري في مقال نشرته صحيفة «سعودي غازيت»، إنه «من السخيف رؤية بعض السعوديين يستمرون في الجدل بشان إمكان الاحتفال بالعيد الوطني من عدمه».
وأضاف «على مدى عقود, جرى حرماننا من ميزة الاحتفال بعيدنا الوطني خشية أن يكون ذلك مناقضا لتعاليم الإسلام».
وشدد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز في المناسبة على الأسس التي بنى عليها والده المملكة.
وقال في تصريح بثته شاشات التلفزيون المحلية «إننا قيادة وشعبا نعتز بهذه الذكرى ونعتز قبل ذلك بهذه الثوابت التي جعلت المملكة دولة إسلامية بكل ما تعنيه هذه الكلمة في كل أمورها».
وأضاف «جاء النظام الأساسي للحكم ليثبت ذلك, وهذه الثوابت والقرار الصائب العظيم لمؤسس هذه الدولة (…) بأن جعل دستورها الإسلام وما أتى به كتاب الله وسنة نبيه».
وبدأ الشبان بالاحتفال منذ مساء الأربعاء. وعززت الشرطة من انتشارها في شارع العليا الرئيسي في الرياض, تفاديا لحصول زحمة سير ولطرد الشبان المتجمعين عند الأرصفة لمشاهدة مرور مواكب السيارات.
وفي جدة غرب المملكة, قامت المحال التجارية ببيع الإعلام السعودية الخضراء والبيضاء كما ازدانت بها شرفات المنازل والسيارات.
وفي الدمام, المدينة الكبيرة في المنطقة الشرقية، أعطت السلطات الإذن بمسيرة للسيارات المزينة بطول 60 كلم.
ويخشى البعض من تكرار أعمال العنف التي طبعت احتفالات العام الماضي حين قام شبان بتخريب محال تجارية في الخبر قرب الدمام.
ودعت السفارة الأميركية في الرياض رعاياها إلى الحذر وتجنب التجمعات الكبيرة للسعوديين التي قد ينتج عنها تجاوزات على رغم الأجواء الاحتفالية.