قال رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، أول أمس الاثنين، إنه يتم العمل حاليا على إعداد البرنامج الوطني للمراكز القروية الصاعدة 2018-2021، الذي يهدف إلى تقليص آثار الهجرة القروية وتنظيم التنمية الترابية لهذه المراكز وتحسين مستوى عيش ساكنتها عبر تلبية الاحتياجات في مجال الإسكان والخدمات الاجتماعية والصحة والترفيه والتعليم.
وأبرز العثماني، في معرض رده على سؤال محوري حول “تنمية المناطق القروية والجبلية” خلال الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة بمجلس النواب، أنه في مجال إعداد التراب الوطني والتعمير يتم التركيز على تأهيل وتنمية المراكز القروية الصاعدة عبر إنجاز وثائق التعمير لفائدتها.
وأشار، في هذا السياق، إلى أن نسبة التغطية بوثائق التعمير بالمناطق القروية وصلت إلى 75 بالمائة وسيتم العمل على مضاعفة المجهود من أجل تغطية أكبر عدد ممكن من هذه المراكز، مضيفا أنه سيتم أيضا إطلاق برنامج المساعدة المعمارية لفائدة العالم القروي بتزويد الساكنة بالتصاميم المعمارية مجانا وإنجاز تصاميم إعادة هيكلة الدواوير.
وذكر العثماني بأن تنمية المناطق القروية والجبلية يحظى بأولوية خاصة لدى الحكومة لارتباطه بظروف عيش فئة هامة من المواطنين الذين يعيشون في هذه المناطق (تمثل ساكنة الوسط القروي 39.6 في المائة من مجموع ساكنة المغرب، إذ تبلغ 13.4 مليون نسمة حسب إحصاء 2014)، مشيرا إلى أن الحكومة تعهدت في برنامجها بتسريع تنمية العالم القروي ودعم التوازن المجالي من خلال جملة من التدابير والإجراءات الرامية إلى تحسين ظروف عيش ساكنة هذه المناطق وتحسين ولوجها إلى الخدمات الأساسية.
وسجل أنه إذا كانت قد حققت نتائج مهمة في كثير من المجالات كالطرق والماء الشروب والكهرباء، فإن تراكم الخصاص والعجز البنيوي الذي يعاني منه المجال القروي والجبلي منذ سنوات يستدعي مضاعفة الجهود من أجل تسريع وتيرة إنجاز البنيات التحية وتعزيز ولوج هذه المناطق إلى المرافق العمومية الحيوية، بما يمكن من فك العزلة عن الكثير من هذه المناطق وتحسين المستوى المعيشي لساكنتها.
وفي ما يتعلق بحصيلة المجهودات المبذولة في مجال التنمية القروية، يقول العثماني، فقد سجلت مؤشرات الاستفادة من البنيات الأساسية والولوج إلى الخدمات الاجتماعية نسبا جد مهمة في بعض المجالات الأساسية، بفضل البرامج الكبرى التي خصصت للعالم القروي، مشيرا في هذا الصدد إلى أنه في ما يخص برنامج تعميم التزود بالماء الصالح للشرب، فقد بلغ معدل تزويد العالم القروي حوالي 96 في المائة خلال سنة 2016، ومن المتوقع أن يرتفع هذا المعدل إلى 97 في المائة سنة 2018 بمبلغ استثمار قدره 925 مليون درهم.
مغاربة العالم
من جهة أخرى، أكد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، أن الحكومة اتخذت جملة من التدابير النوعية لإدماج مغاربة العالم في الدينامية الاقتصادية والاجتماعية لبلدهم الأم.
وقال العثماني، في معرض رده على سؤال حول “السياسة الحكومية المرتبطة بتسهيل اندماج المغاربة المقيمين بالخارج في النسيج الاقتصادي والاجتماعي لبلدهم الأصلي” خلال الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة بمجلس النواب، أنه على مستوى إدماج مغاربة العالم في النسيج الاقتصادي تعمل الحكومة على إرساء الآليات الرامية إلى تحفيز ومواكبة استثمارات مغاربة العالم داخل أرض الوطن.
وأبرز أنه بالإضافة إلى التدابير المتخذة لتشجيع المستثمرين الممنوحة في إطار اتفاقيات أو عقود استثمار مبرمة مع الدولة، تم إعادة تفعيل “صندوق دعم استثمارات مغاربة العالم”، الذي يتولى إدارته الصندوق المركزي للضمان، مشيرا إلى أن هذه الآلية تسمح للمغاربة المقيمين في الخارج، الذين يرغبون في إنشاء مشروع استثماري، أو توسيع مشروع قائم، في قطاع الصناعة والخدمات والتعليم والفندقة والصحة، بالحصول على دعم وفق شروط معينة.
وأضاف أنه تم أيضا إطلاق مبادرة “الجهة 13 ” الخاصة بمغاربة العالم المقاولين والتي ستمكنهم من الولوج إلى الخدمات المختلفة المقدمة من طرف الاتحاد العام لمقاولات المغرب، كما ستوفر لهم، من خلال الفضاء الإلكتروني (www.membycgem.ma) إمكانية التواصل والتشبيك بينهم وبين مختلف الفاعلين الاقتصاديين بالمغرب، مشيرا إلى أن هذه الجهة تهدف إلى تشجيع رجال الأعمال المغاربة المقيمين بالخارج على الاستثمار في بلدهم الأصلي وإدماجهم في النسيج الاقتصادي المغربي وفق الأعراف المتوافق عليها في عالم الأعمال، مما سيساهم في تنمية التبادل الاقتصادي بين المملكة والخارج.
كما تم، حسب رئيس الحكومة، تنظيم اليوم الوطني للمهاجر، يوم 10 غشت 2017 حول استثمارات مغاربة العالم، تحت شعار “استثمارات مغاربة العالم: الفرص والتحديات”، والذي مكن من التعريف بالمؤهلات الاستثمارية التي تتوفر عليها المملكة على صعيد الجهات والأقاليم، مبرزا أن هذه التظاهرات شكلت فرصة للتواصل وتبادل الافكار حول موضوع الاستثمار.
على مستوى دمج مغاربة العالم في النسيج الاجتماعي الوطني، ذكر العثماني بتنظيم مجموعة من البرامج الثقافية والجامعية بأرض الوطن لفائدة الشباب أبناء المغاربة المقيمين بالخارج، أهمها المقامات الثقافية التي تنظم لفائدة الشباب والأطفال المغاربة المقيمين في الخارج لاطلاعهم على الثقافة المغربية وحضارة بلدهم الأم، مشيرا إلى أنه تم تنظيم، ما بين سنة 2013 وسنة 2017، ما يزيد عن 34 مقاما ثقافيا.
“إكرام”
وعن خطة “إكرام” أكد سعد الدين العثماني، أن تنزيل الخطة الحكومية للمساواة “إكرام” 2012-2016 أثمر دينامية حكومية وقطاعية أفضت إلى حصيلة هامة.
وأوضح العثماني، في معرض رده على سؤال محوري بمجلس النواب حول “المسألة النسائية بالمغرب” في إطار جلسة الأسئلة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة، أن هذه الحصيلة تتمثل في تحقيق 75 في المئة من الإجراءات المسطرة، معتبرا أنها مهمة باعتبار الطابع الهيكلي والمهيكل للإجراءات المفعلة.
وأضاف أن أهمية هذه الحصيلة تتمثل أيضا في أثرها على السياسات العمومية والتي أفرزت هاجس مأسسة المساواة على مستوى مجموعة من القطاعات عبر خلق اليات أو إطلاق استراتيجيات قطاعية تؤسس لثقافة التخطيط المدمج للنوع.
وأبرز أن الخطة الحكومية للمساواة الأولى “إكرام” 2012 -2016، التي أعدتها وزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، بتنسيق مع مختلف القطاعات الحكومية، تضمنت إجراءات دقيقة لتنزيل المساواة ومكافحة كل أشكال التمييز والعنف وتمكين النساء، من خلال ثمان مجالات أولوية و24 هدفا، و156 إجراء رئيسيا، وعددا من المؤشرات النوعية والكمية للتقييم.
وانطلاقا من التقييم الخاص بالخطة الحكومية للمساواة رقم 1، يوضح رئيس الحكومة، تم في المجلس الحكومي المنعقد بتاريخ 3 غشت 2017 اعتماد الخطة الحكومية للمساواة “إكرام 2” برسم الفترة الممتدة من 2021-2017، التي سيتم تنزيلها عبر تحقيق 24 هدفا وحوالي 100 إجراء، بهدف حماية النساء وتعزيز حقوقهن وتقوية فرص عملهن وتمكينهن اقتصاديا، ونشر مبادئ المساواة ومحاربة التمييز والصور النمطية.
وتتضمن هذه الخطة، التي تم إعدادها وفق مقاربة تشاركية، أربعة محاور موضوعاتية، وثلاثة محاور عرضانية، إضافة إلى محور داعم، و24 هدفا ونحو 100 إجراء.
وتهم محاور الخطة تقوية فرص عمل النساء وتمكينهن اقتصاديا، وحقوق النساء في علاقتها بالأسرة، ومشاركة النساء في اتخاذ القرار، وحماية النساء وتعزيز حقوقهن، إضافة إلى محور نشر مبادئ المساواة ومحاربة التمييز والصور النمطية المبنية على النوع الاجتماعي، ومحور إدماج النوع في جميع السياسات والبرامج الحكومية، والتنزيل الترابي لأهداف الخطة الحكومية إكرام 2، فضلا عن المحور الداعم المتمثل في تتبع وتقييم تنفيذ الخطة الحكومية للمساواة «إكرام 2».
وبخصوص موقع المسألة النسائية في خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان (2018-2021)، سجل العثماني أن هذه الخطة الوطنية اشتملت على جملة من التدابير التي تهم النهوض بحقوق المرأة وحمايتها.
العنف ضد النساء
قال رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، إن خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان 2018-2021 تتضمن تعزيز حماية النساء ضد العنف على مستوى التشريع والسياسة الجنائية الوطنية.
وأوضح العثماني في معرض رده على سؤال محوري بمجلس النواب حول “المسألة النسائية بالمغرب” في إطار جلسة الأسئلة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة، أن هذه الخطة الوطنية تشمل أيضا الإسراع بإصدار القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، وتعزيز الضمانات القانونية المتعلقة بتجريم التحرش الجنسي.
وأضاف أن من بين التدابير التي اشتملت عليها الخطة الوطنية، والتي تهم النهوض بحقوق المرأة وحمايتها، صيانة الكرامة الإنسانية للمرأة في وسائل الإعلام ووضع تدابير زجرية في حالة انتهاكها، وتعزيز آليات الرصد والتتبع لحماية النساء ضحايا العنف وطنيا وجهويا ومحليا.
وذكر بالمجهودات التي تقوم بها الحكومة لمحاربة العنف ضد النساء، والمتمثلة على الخصوص في إعداد مشروع قانون لمحاربة العنف ضد النساء ووضعه في مسطرة المصادقة، وإعداد الاستراتيجية الوطنية الثانية لمحاربة العنف ضد النساء، مشيرا إلى أنه تجسيدا لتوجهات الخطة الحكومية للمساواة “إكرام 2” 2017 -2021، تم تخصيص مجال خاص بمحاربة العنف والتمييز بتدابير مهمة لمختلف القطاعات الحكومية.
وتهدف هذه التدابير، على الخصوص، إلى توحيد الرؤية الاستراتيجية لمواجهة الظاهرة وطنيا وجهويا ومحليا، والقيام بتدابير حمائية ووقائية قبلية من جميع أشكال العنف والتمييز وتقديم الدعم والمواكبة للنساء ضحايا العنف، إضافة إلى دعم مراكز الاستماع والتوجيه القانوني للنساء ضحايا العنف.
وأشار في هذا الصدد إلى إحداث خلايا مؤسساتية على مستوى المحاكم والمستشفيات ومصالح الشرطة والدرك الملكي لتقديم مجموعة من الخدمات المتكاملة والفعالة للنساء ضحايا العنف من استقبال واستماع وتوجيه وإرشاد، إضافة إلى إحداث فضاءات إضافية متعددة الوظائف للنساء، حيث تم سنة 2015 إحداث 40 فضاء متعدد الوظائف.
وتتمحور مجهودات الحكومة في مجال محاربة العنف ضد النساء، يضيف السيد العثماني، أيضا حول الحملات الوطنية التحسيسية لوقف العنف ضد النساء، التي تندرج ضمن أهم التدابير الوقائية والتوعوية في مجال مناهضة العنف ضد النساء.
وأبرز أن هذه الحملات التحسيسية اعتمدت في السنوات الأخيرة بعدين جديدين يتمثلان في انخراط كل مكونات القطب الاجتماعي وتبني المقاربة الجهوية بامتياز، مع التركيز على موضوعات جديدة لم يسبق التطرق إليها من قبل.