يشكو العديد من باعة الكتب المستعملة خلال الفترة الحالية بالخصوص، أي الفترة التي تتزامن مع الدخول المدرسي؛ من الإضرار بتجارتهم، بسبب قرار تغيير المقررات الدراسية سنة بعد أخرى.
هذا الضرر تتقاسمه معهم كذلك بعض الأسر التي لا قدرة لها على اقتناء المطبوعات في حلتها الجديدة، وبالتالي فهي عادة ما تلجأ إلى سوق الكتب المستعملة للبحث عن ضالتها.
إن منهجية تغيير محتويات المقررات الدراسية في كل موسم دراسي جديد، أحدث خللا، كان له انعكاس سلبي، من جهة على نشاط فئة معينة من التجار، هي فئة باعة الكتب المستعملة، ومن جهة أخرى على القدرة الشرائية لفئة عريضة من الأسر.
وكما يقال: مصائب قوم عند قوم فوائد، فلا شك أن التجديد المتواتر للمقررات الدراسية، يجعل ناعورة بعض المشتغلين عليها دائمة الدوران: اللجان العلمية، الناشرون، الرسامون، وغيرهم.
طبعا، التجديد أو التغيير، شيء مطلوب ومرغوب فيه، خصوصا إذا كان يتم بكيفية عقلانية ومدروسة، وبالأخص إذا كان يفي بالغرض العلمي والمعرفي الذي تم على أساسه.
ما هي الإضافة العلمية التي يمكن أن يضيفها تغيير مقرر دراسي ما، رغم أنه لا يمر على إخراجه إلى الوجود أكثر من سنة واحدة؟
لو كان الأمر يتعلق فقط باستدراك لأخطاء مطبعية وقعت في الطبعات السابقة؛ لهان الأمر، لكن أن يتم إحداث تغيير جذري في المقرر الدراسي برمته، فهذا يطرح عدة علامات استفهام.
هناك العديد من خبراء في علم البيداغوجيا وفي علم التربية كذلك، يشيرون إلى أنه لحد الآن لم يتوصل المسؤولون عن إقرار المناهج الدراسية، إلى إخراج مقررات متكاملة، هناك دائما نقص أو ثغرة ما في هذه المطبوعات الموجهة للدارس.
***
الأدباء المغاربة المعاصرون من جهتهم يشتكون من غياب نماذج من نصوصهم عن المقررات الدراسية، في الوقت الذين نجد وفرة كبيرة للنماذج المشرقية على الخصوص.
ولطالما ناضل اتحاد كتاب المغرب على مدى أعوام، لا بل سبق له أن وقع معاهدة مع وزارة التربية الوطنية؛ لأجل أن يكون للأدب المغربي نصيب من الحضور في الكتب المدرسية.
صحيح أنه في الآونة الأخيرة، صار يتم الالتفات إلى هذا الأدب، لكن ليس بتلك الدرجة التي يرجوها كل من له غيرة على أدبنا.
هناك من سيدعي أن هذا الأدب لم يفرز لنا إنتاجات قابلة لأن تلقن للنشء، وبهذا الصدد نستحضر الضجة التي أثيرت حين تم إقرار رواية محاولة عيش للكاتب المغربي محمد زفزاف؛ بإحدى المستويات التعليمية، فهناك من اعتبرها رواية إباحية، وبالتالي طالب بإلغائها من المناهج الدراسية، في حين أن الأمر يتعلق بعمل إبداعي، له خصوصياته، ويتطلب دراسته من جميع الجوانب، دراسة علمية.
هكذا، نلاحظ أن الكتبيين، أو بالأحرى باعة الكتب المستعملة، ليس وحدهم من يشتكون من الوضعية التي تشهدها المقررات الدراسية، بل حتى الأدباء ليسوا راضين عليها.
وبالتالي، يبدو أن عملية تغيير هذه المقررات ستتواصل، ربما سنة بعد أخرى كذلك.
عبد العالي بركات