المخطط التشريعي

كشفت العديد من المصادر الإعلامية عن مضامين المخطط التشريعي الذي تعتزم الحكومة تفعيله طيلة ولايتها الحالية، وقد أعلن رئيس الحكومة أول أمس في مستهل أشغال مجلس الحكومة عن «الانتهاء من إعداد المخطط التشريعي»، منوها بمجهود الأمانة العامة للحكومة بهذا الصدد.
إن النصوص التشريعية والتنظيمية تحتل مكانة جوهرية في مسلسل تنزيل مضامين الدستور الجديد، وفي تنفيذ البرنامج الحكومي، وأيضا في تحسين أداء الحكومة، وهذا يقتضي اليوم تعبئة كل الجهود من أجل إخراج هذه القوانين في الوقت المناسب، وبالجودة الضرورية لضمان تفعيل ديمقراطي سليم لمقتضيات الدستور الجديد.
قد يبدو للمراقبين أن النصوص المطلوب اليوم إنجازها، وبالنظر للآجال المحددة لذلك، كثيرة، لكن من المؤكد أيضا أن الجميع اليوم يدرك أن الولاية التشريعية الحالية هي ولاية تأسيسية، هدفها تنزيل كامل الترتيبات المتضمنة في الدستور الجديد وإدماجها في المنظومة القانونية والمؤسساتية الوطنية، وهذا ما يجعل مسؤولية ذلك مطروحة على كل مكونات المشهد البرلماني والحزبي في بلادنا.
من جهة ثانية، يكاد يتفق الجميع على وجود نوع من التأخير في الإعلان عن المخطط التشريعي من لدن الحكومة، كما أن طول المدة التي استغرقها الجدل المتعلق بقانون التعيين في المناصب العليا، جعل الكثيرين يتخوفون من عجز الحكومة والمؤسسة التشريعية على إكمال إخراج النصوص الكثيرة جدا المطلوب إنجازها قبل نهاية الولاية في 2016، لكن هذا المعطى، وبدل أن يقود إلى ترويج التشكيك من الآن، يجب أن يقود إلى إذكاء وعي جماعي وسط طبقتنا السياسية الوطنية كلها بأهمية النجاح في إنهاء هذا الورش الحيوي والمهيكل لمستقبل بلادنا.
وعلى الصعيد نفسه، وبدلا من التيه في جدل عقيم حول من تولى إعداد مسودة هذا النص أو ذاك، ومن تنازل لذاك، فإن الأساس اليوم أن المخطط سيقدم باسم الحكومة، ورئيس الحكومة هو من أعلن أول أمس عن الانتهاء من إعداده، ويبقى على البرلمانيين، أغلبية ومعارضة، أن ينكبوا على تحليل المشاريع والنصوص المحالة عليهم، ودراستها بعمق، والدفاع عن تعديلاتهم ومقترحاتهم بقوة ومعرفة، مع الحرص أولا وقبل كل شيء على استكمال إنجاز هذه النصوص وإخراجها إلى الوجود لأن البلاد في حاجة قصوى إليها.
وبالنسبة للأولويات، فإن القوانين ذات الصلة بالسير العام لمؤسسات الدولة، وبتنظيم الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وبالحكامة، تعتبر أساسية اليوم، ويجب تسريع وتيرة إعدادها، بالإضافة إلى أن القوانين المتعلقة بالأمازيغية، وبالمناصفة والمساواة، وبالصحافة والإعلام، وبالتخليق ومحاربة الفساد هي الأخرى لا تخلو من أهمية، وسيكون صدورها بمثابة إشارة سياسية قوية من لدن الحكومة بشأن عدم التراجع عن المكاسب المتعلقة بالتعدد اللغوي والثقافي، الهوية، الحريات، المساواة، محاربة الفساد وغيرها، وكل هذا من شأنه أن يكرس نفسا إيجابيا في المجتمع، ويؤكد أن بلادنا مصرة على إنجاح تحولها الديمقراطي المتميز.
[email protected]

Top