الملك يضع الأصبع على الجرح

مثل خطاب الملك بمناسبة ثورة الملك والشعب وعيد الشباب لحظة إنصات كبيرة لنبض المجتمع، وتفاعل قوي مع مطالبه…
الخطاب الملكي احتفى إذن بالشباب، كما أنه جاء مركزا على قضيتين كبيرتين، ربط بينهما بشكل جدلي، وهما الشباب والتعليم، وكانت الإشارة واضحة، أن أجيال الشباب يجب أن تمتلك تكوينا عاليا وجيدا حتى تنجح في بناء مغرب المستقبل.
إن الاستعراض الملكي لقضايا ومشاكل الشباب، كما المقاربة المطلوبة لمعالجة ذلك، كانا شموليين، حيث شدد جلالة الملك على أن شبابنا يتطلع إلى إيجاد الظروف المثلى التي تساعده على تحقيق الذات، وتحمل المسؤولية، ويحذوه الطموح المشروع إلى تحقيق اندماج أفضل على الصعيدين الاجتماعي والمهني، ولا سيما عبر خلق آفاق أوسع لفرص الشغل، كما لفت الملك إلى أنه، بموازاة ذلك، يتعين توفير الظروف الملائمة للولوج إلى السكن والصحة، ومختلف خدمات القرب (…)، ثم أضاف أنه إذا كان شبابنا يتطلع بكل مشروعية إلى القيام بدوره الهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فإنه يرغب كذلك في الانخراط في مجالات الإبداع الفني والثقافي..
التوجيه الملكي القائم على هذه المقاربة الشمولية يؤكد أولا استعجالية الانكباب على مختلف قضايا الشباب، وخاصة ما يتعلق بالشغل والتعليم، وثانيا يؤكد على أن المسؤولية هنا جماعية، وليست فقط حكومية، ومن ثم، فإن قضايا الشباب اليوم، هي من ضمن أبرز أولويات الدخول المرتقب، وهي كذلك إشارة لابد للحكومة أن تلتقطها، وتعمل على تنزيلها في أقرب وقت، ليس فقط من خلال الآليات المؤسساتية والتنظيمية، وإنما أساسا من خلال الإجراءات العملية والملموسة.
من جهة ثانية، وبعد كل ما قيل وكتب في الفترة الأخيرة عن واقعنا التعليمي وعن المخطط الاستعجالي وسواه، فقد جاء الخطاب الملكي صريحا وصارما في الدعوة إلى التعاطي مع قضايا التربية والتعليم كأسبقية وطنية حقيقية وذات استعجال.
لم يعد مقبولا ترك التراجع يتواصل، وأعداد الضحايا من أطفالنا وشبابنا ترتفع، حيث نبه جلالة الملك إلى أن منظومة التعليم تسائلنا اليوم، مؤكدا أن هذه المنظومة «لا ينبغي أن تضمن فقط حق الولوج العادل والمنصف، القائم على المساواة، إلى المدرسة والجامعة لجميع أبنائنا، وإنما يتعين أن تخولهم أيضا الحق في الاستفادة من تعليم موفور الجدوى والجاذبية، وملائم للحياة التي تنتظرهم».
ولقد استعرض جلالة الملك قضايا الإطار القانوني والدستوري لإصلاح التعليم، بالإضافة إلى مضامين الإصلاح والحاجة إلى تغيير البرامج والمناهج والأهداف، كما نبه إلى جوانب التدبير، وشدد على محورية التربية على القيم في كل مخطط إصلاحي حقيقي…
الملك وضع أصبعه على الجرح في قضايا الشباب، وفي قضايا التعليم، ودعا إلى التغيير بعمق، وباستعجال، أي إلى استنفار كل الجهود بسرعة من أجل مغرب المستقبل، ومن أجل إنجاح ثورة مجتمعية جديدة تقوم على الشباب والتعليم…
[email protected]

Top