تغيير بقيادة المغرب…

 بعد سنوات من سيطرة عيسى حياتو واللوبي الذي يدور في فلكه، انتصر أخيرا مطلب التغيير، بعد أن راهنت الأغلبية الساحقة من الاتحادات الأفريقية على مشروع إصلاحي يهدف إلى تطوير كرة القدم الإفريقية على جميع المستويات.
وقد تبين من خلال النتائج المحققة، والأصوات المعبر عنها، والأسماء الفائزة، أن رهان التغيير داخل الكونفدرالية الأفريقية قادته جهات من وسط القارة، بدعم من الرئيس الجديد للاتحاد الدولي للعبة (الفيفا) السويسري جياني ايفانتينو، وهو الرجل الذي يريد بالفعل العمل مع اتحادات قارية قوية، منفتحة على المستقبل بعقليات جديدة وأطر جديدة، واقتلاع رموز الفساد التي عششت في أكثر من اتحاد قاري، وأوله الكونفدرالية الأفريقية لكرة القدم.
والمغرب كان دائما أول بلد طالب بالتغيير، خصوصا وأنه عانى في أكثر من مرة من حيف قرارات “الكاف”، وللوصول إلى تحقيق هذا الهدف، كان لابد من عقد تحالفات وكسب المؤيدين وتحسيس رجالات أفريقيا الحقيقيين بضرورة التغيير، وصدق النوايا، وهذا ما يفسر التحرك المغربي خلال السنتين الأخيرتين على أكثر من مستوى، والزيارات المتتالية لأكثر من 36 رئيسا لمقر الجامعة المغربية بالرباط، وعقد العديد من اتفاقيات الشراكة والتعاون، بالإضافة إلى زيارة رئيس (الفيفا) ورئيس (الكاف)، ليتحول المغرب في ظرف قياسي إلى عاصمة لكرة القدم الأفريقية.
وطبيعي أن تحرك فوزي لقجع وتعبيره الصريح على رهان الداخل في إطار مقاربة جديدة، استند على النجاح السياسي والاقتصادي الذي يحققه المغرب على الصعيد القاري، مما سهل عملية التجاوب وكسب ثقة 41 اتحادا قاريا، وهو ما يترجم عدد الأصوات التي هزم بها لقجع خصمه العنيد الجزائري محمد روراوة. وللوصول إلى الهدف، كان لابد من رئيس جديد قادر على كسب الثقة وقطع الطريق مع عهد الفساد وتبني نظام مؤسساتي نموذجي، وإحياء القارة السمراء المتحمسة والشغوفة بلعب كرة القدم، وتبني -كما جاء في برنامج لقجع الانتخابي- مشروع متقدم لتنمية كرة القدم الإفريقية التي تحتاج فعلا إلى دفعة قوية بخاصة على مستوى التأهيل البنيوي واللوجيستيكي والتدبير الاحترافي لتصبح قوة منافسة في محيطها الدولي.
   وقد رأت أسرة كرة القدم الأفريقية في الملغاشي أحمد أحمد، المرشح الأفضل، لترجمة كل هذه الرهانات المستقبلية، والأهداف الطموحة، والرئيس المستجيب لدعوات التغيير وخدمة الرياضة داخل قارة تتنفس كرة القدم.
والمؤكد أن إستراتيجية المغرب في قيادة التغيير من الداخل كانت جد ذكية، مما مكنه من إحداث التغيير المطلوب في هدوء تام، وبدون مخلفات وتداعيات سلبية قد تفجر (الكاف) من الداخل، فكان الاحتكام إلى الأسلوب الديمقراطي، وفي إطار قانوني “المؤتمر”، بعيدا عن كل تشهير أو تصفية حسابات علنية، ودون نشر الغسيل أمام الرأي العام القاري والدولي.
وحتى عندما جاءت نتائج التصويت مخالفة لكل التوقعات خاصة على مستوى الرئاسة، احتكم الجميع في الأخير لنتائجها، وقبلت كل الأطراف العملية دون ردود فعل سلبية أو طعن أو انتقام.
برافو لقجع، والمؤمل هو أن يتواصل العمل بنفس الجدية والوتيرة، من أجل جعل اسم المغرب دائما في مقدمة الإصلاح والتغيير داخل القارة، وجعل الرباط، أو الدار البيضاء، أو مراكش، عاصمة لكرة القدم الأفريقية، وفق مبدأ رابح رابح…             
محمد الروحلي

Related posts

Top