ينصح علماء الاجتماع والمتخصصون في شؤون الأسرة والعلاقات الاجتماعية الأسر بتقليص الولائم الرمضانية وتقنين وجبات موائد الإفطار خلال شهر الصيام، بما يزيح عبئا عن ميزانياتهم المالية، خصوصا وأن جائحة كورونا قد أفقدت أغلبهم مصادر رزقهم نتيجة الحجر الصحي الشامل.
وتنصح المختصة في شؤون الأسرة والكاتبة التربوية الفلسطينية إباء أبوطه بوضع خطة مالية بالتشاور مع أفراد العائلة، ووضع قائمة الاحتياجات، وعدم الانجرار وراء الإعلانات أو التنزيلات.
وأكدت على أن تشمل الخطة تقنين وجبات مائدة الإفطار، وتحديد كمية الحلويات، مما يعود بالنفع على الصحة الجسدية والمقدرة المالية للأفراد، مشيرة إلى أنه يمكن استبدال الحلويات والمشروبات الرمضانية وصنع وصفات منزلية يمكن اختيارها من الإنترنت.
وقالت أبوطه إن “استقبال رمضان في ظل كورونا ينبغي أن يُهندس هندسة ذاتية على جميع الأصعدة، فحتى لو توافرت لدينا الأفكار لاستغلاله من دون التهيئة النفسية فلن تؤتي الأفكار أُكُلها، لأن الجائحة أربكتنا على الصعيد الشخصي والاجتماعي”.
وأضافت أن تقليص الولائم الرمضانية بسبب كورونا يزيح عبئا عن الموازنة المالية للعائلات خاصة وأن جل العائلات قد تلتجئ إلى التداين على خلفية فقدانها لمواطن شغلها بسبب جائحة كورونا.
نصحت ثريا التباسي نائبة رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك بتونس بترشيد الاستهلاك خلال هذا الشهر لتزامنه مع جائحة كورونا داعية إلى الاقبال على الأطباق الصحية والتقليص من الولائم الرمضانية.
وقالت التباسي “يجب تقديم المهم عن الأهم وترشيد نفقات النسق الاستهلاكي بما يتلاءم والمقدرة الشرائية للأفراد”. وأوضحت التباسي أن الأفراد يعانون من الفراغ بسبب الحجر المنزلي وهو ما دفعهم إلى تعويضه بالإقبال المفرط على تنويع الأطباق وزيادة الاستهلاك على حساب مقدرتهم الشرائية وقد يقعوا فريسة للديون.
بدوره أكد الدكتور هاني حسن، المتخصص في شؤون الأسرة والعلاقات الاجتماعية أن معدل إنفاق الأسرة منذ بداية شهر رمضان يصل إلى أكثر من 80 في المئة من دخلها، مشيرا إلى أن أكثر من 60 في المئة من الدخل ينفق بسبب العادات الشرائية للزوجات، مما يدفع الزوج للاستدانة.
وقال حسن إن ارتفاع أسعار المواد الغذائية يزيد الفجوة بين احتياجات الأسرة الرئيسية، وما تفرضه عادات المجتمع من العيش في مستوى لا يمكن للأسرة البسيطة التنازل عنه، كالولائم والعزائم خلال شهر رمضان وأيام العيد، وهي متطلبات ترهق ميزانية الأسرة.
ودعا حسن إلى وضع خطة مالية واضحة وقابلة للقياس لشهر رمضان تجنبا لفقد السيطرة على الموارد المالية، على أن تتضمن احتياجات المنزل، لا ما يفرضه العرف الاجتماعي للاحتفال بالشهر الكريم.
وأشار المختصون إلى أن نفقات غالبية الأسر تزداد خلال شهر رمضان، إلا أن هناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها خفض تلك النفقات والاستمتاع برمضان في المنزل. ونصحوا بالتخلي عن فكرة التخزين التي تصيب الأسرة بالشره الشرائي، حيث تقوم أغلب النساء بشراء احتياجاتهن في رمضان واحتياجات العيد وما بعد العيد، معتبرين ذلك من أهم الأخطاء التي يمكن الوقوع فيها.
وأكدوا على ضرورة تحديد المبلغ المطلوب لشراء احتياجات الأسرة مع تحديد عدد أفرادها، وإذا كنت ستستقبل ضيوفا خلال الشهر، لا بد من تحديد عددهم ومستوى الأكل الذي سيقدم لهم، مشيرين إلى أن ذلك يعد من أهم العوامل التي لا بد من أخذها في الاعتبار عند وضع خطة الشراء.
ونصحوا بإضفاء جو من البهجة على مائدة رمضان بالتركيز على اختيار مأكولات جديدة أو نادرًا ما تطبخها ربات البيوت على مدار العام، بكميات تتناسب مع عدد أفراد الأسرة، وأيضا بالتجديد في مكونات المقبلات وأطباق الشوربة، وحتى السلطات بإضافة الحبوب والأعشاب العطرية لها، والاهتمام بتوفير إضافة للخضروات لتعزيز مناعة الأسرة في مواجهة فايروس كورونا، واستبدال أطباق الحلوى المليئة بالسكر والدهون المضرة بالفاكهة.
وإذا كانت ربة البيت تجد في ميزانية المكسرات والحلويات ضغطا على ميزانية المنزل، اقترح الخبراء إمكانية الاستغناء عن بند آخر في ميزانية الشهر، ووضع هذه المكسرات بدلا منه. ويمكنها الاستغناء أيضا عن المشروبات الغازية والعصائر المصنعة ورقائق البطاطا، وتقليل عدد المرات التي تطلب فيها الطعام من خارج المنزل، فضلا عن أنه في الوقت الحالي يجب عليها توفير بنود مثل مستحضرات التعقيم ومواد التنظيف والتطهير.
ونصح الخبراء المرأة بأن لا تشتري المستلزمات الرمضانية دفعة واحدة في بداية الشهر الكريم، إذ تنخفض أسعارها بعد الأسبوع الأول وتراجع الطلب عليها.
كما اقترح أساتذة الاقتصاد تقسيم ما تحتاجه ربة البيت من هذه المستلزمات على أجزاء للأسابيع الأربعة وشراء حصتها كل أسبوع، مشيرين إلى وجوب توجيه المصاريف لإشباع الحاجات الأساسية في الأكل والشرب، ثم تأتي بعد ذلك الرغبات والمكملات.
وتقول الدكتورة سهى مهدي أستاذة الاقتصاد المصرية إنه للتخلص من الأزمة السنوية التي تحدث خلال شهر رمضان، لا بدّ أن تعلم ربة الأسرة كميات المواد الغذائية التي تحتاج إليها خلال هذا الشهر والتي لن تتغير بشكل كبير، لتجنّب الوقوع في الأزمات المالية.
ونصحت مهدي بضرورة عدم التورّط بعادات صرف فوق دخل الأسرة والابتعاد عن الديون خلال شهر رمضان والتقليل من الولائم الرمضانية ووضع الميزانية وفقاً للدخل الشهري. وأكّدت ضرورة استغلال العروض الرمضانية بذكاء من خلال وضع لائحة بحاجات الأسرة المختلفة مع حفظ أسعارها، ومن ثم شراء العروض الحقيقية التي يحتاج إليها البيت.
وكانت حكومات الدول العربية قد حظرت التجمعات المسائية للناس معا في وقت الإفطار حرصا على صحة الصائمين وتجنبا لانتقال عدوى فايروس كورونا كما نصح الخبراء بتقليل الولائم والزيارات العائلية وولائم الإفطار الجماعي، والاكتفاء بالمكالمات الهاتفية لتجديد أواصر الصداقة والتراحم الاجتماعي وذلك تجنبا لانتقال العدوى.