تلفزيوننا في رمضان

خلال شهر رمضان يحضر موضوع البرمجة التلفزيونية ضمن أبرز مواضيع الحديث بين المواطنين، بالإضافة إلى مناقشات الإعلاميين والنقاد والفنانين، وهو ما يحصل هذه السنة فيما يتبادله الناس بينهم من أحاديث.
بداية، يصعب إجراء تقييم موضوعي وشامل لكل ما تقدمه قنواتنا الوطنية قبل أن يكتمل الشهر الفضيل، وبالتالي حتى يكون التقييم للعمل برمته، وليس فيه أي تجزيء أو انتقائية، لكن مع ذلك يمكن استعراض بعض الاتجاهات الأولية من تقييمات المشاهدين، ومما تتناقله مجالس الحديث في أمسيات السمر الرمضاني.
إن مختلف الأعمال الرمضانية نجحت في إبراز وجوه متألقة على مستوى الممثلين المغاربة من الجنسين، ويبدو أن الدراما الوطنية ربحت بالفعل طاقات مهمة للمستقبل، وهذه أبرز ملاحظة يتفق حولها الكثير من المتابعين.
من جهة ثانية، وباستثناء إشراك ممثلين من مصر والجزائر في بعض الأعمال المعروضة، وهو ما يستحق بدوره حديثا خاصا وبحثا في القيمة المضافة، فإن مختلف ما يقدم، يكاد يشترك في غياب الجدة، وصار الاختلاف في العناوين وفي الوجوه لا يعني بالضرورة اختلافا في المضامين والرؤى.
الملاحظة الأولية الثالثة، تكمن في مواصلة افتقادنا إلى كتابة تلفزيونية تكون قائمة على صنعة حقيقية في الأفكار، وفي الحكي، وفي البناء الدرامي، وفي الأسلوب، وفي المعجم اللغوي المستعمل، وفي الرسائل والأفكار المراد الترويج لها.
لدينا فعلا مشكلة حقيقية في الكتابة التلفزيونية، بكل ما يعنيه ذلك من إبداعية، وحرفية وقدرة على رسم الحكايات والتخييل.
من جهة ثانية، لقد حمل جينيريك الأعمال المقدمة في رمضان هذه السنة الكثير من الأسماء نفسها على صعيد شركات تنفيذ الإنتاج، وبالرغم من الجهد الذي بذلته بعض هذه الشركات بفضل اعتمادها على فنانين وتقنيين متميزين، فإن بعضها لا صلة تربطه بهذا الميدان في الحقيقة، كما أن ما تتداوله الصحف الوطنية والمواقع الإلكترونية حول بعض هذه الشركات، وحول طرق الحصول على المشاريع والصفقات من قنواتنا الوطنية، يفرض اليوم طرح موضوع الحكامة الجيدة والشفافية في هذا المجال، وإعمال إجراءات محاربة الريع والفساد، وعبر تنظيم هذه العلاقة المتشعبة مع شركات الإنتاج، وتكريس الاستحقاق وتكافؤ الفرص والشفافية وتطبيق القانون وفرض احترام دفاتر التحملات ومقتضيات قانون الصفقات مثلا، يمكن فعلا إنجاز الكثير من الإصلاحات في الميدان.
إن التقييم الموضوعي للإنتاجات الرمضانية لن يتحقق بالخطاب الشعبوي المركز على نشر أرقام وكلفة الإنتاج، وترويجها بشكل سطحي وغارق في البؤس، لأن صناعة التلفزيون تقوم أيضا على المال، ولكن المطلوب اليوم هو الحرص على تطبيق القانون، وإعمال تكافؤ الفرص بين الفنانين وشركات الإنتاج، والتشديد في الجودة وفي قوة المضامين.
وبالنسبة للفنانين المغاربة، فالعديدون منهم يستحقون التنويه والإشادة على تألقهم هذه المرة، وهناك فعلا بعض الأعمال نالت تقدير المشاهدين والمتابعين عكس أخرى عانقت الرداءة ورفضت الافتراق عنها.
[email protected]

Top