في خضم الحجر الصحي الإجباري، المفروض تطبيقه بسبب وباء فيروس كورونا المستجد، كإجراء لا يمكن تجاوزه لمواجهة انتشار هذا الوباء الذي يهز العالم، اختار أغلب مسؤولي الرياضة الوطنية فرض حجر آخر، يثير الكثير من الاستغراب.
الحجر الذي نعنيه هنا يخص مبدأ التواصل، المفروض ان يتحول إلى سلوك أساسي وعادي في التعامل مع المحيط العام، وخاصة وسائل الإعلام ومختلف المتدخلين، تنويرا للرأي العام واحتراما لواجب المسؤولية.
وعندما نخص بالذكر مسؤولي الرياضة، فنعني أساسا رؤساء الجامعات الرياضية، المفروض أن يشكلوا أداة لتحريك عجلة الحركة الرياضية عموما.
فباستثناء جامعة كرة القدم التي عقدت اجتماعات عن بعد، وأصدرت بلاغات وهيأت مشاريع واقتراحات في أفق استئناف المنافسات، فباقي الجامعات تعيش في سبات عميق، لا طير يطير ولا وحش يسير.
منذ عدة شهور، لم نعد نسمع شيئا عن باقي الجامعات الرياضية، لم يصدروا بلاغات، لم يتحدثوا عن وضعية النوع الرياضي الذي يشرفون على تسييره، ولم يفصحوا عن المشاريع التي ينوون تطبقوها قصد التخفيف من واقع الأزمة على الأندية والفرق التابعة لها، كما لم يعلنوا عن اي تواصل مع الأبطال المطلوب منهم الحفاظ على الحد الأدنى من الإعداد البدني استعدادا لاستئناف المباريات.
صحيح أن هناك أزمة مالية ناتجة عن تلكؤ الوزارة الوصية في الإفراج عن المنح السنوية، وغياب موارد أخرى تمكن من تخفيف الآثار السلبية لغياب الإمكانيات الضرورية، لأي نشاط رياضي، إلا أن هذا كله ليس مبررا للجمود الكلي والانغلاق التام، وعدم التفاعل مع هذه الوضعية، لا بالإيجاب ولا بالسلب.
فكان حريا بمسؤولي هذه الجامعات استغلال وسائل التواصل الاجتماعي المتاحة للعموم وبالمجان، قصد التواصل مع الرأي العام، ومع الأندية والممارسين بصفة عامة، تواصل عن طريق فيديو مصور، أو حتى إصدار بلاغات مكتوبة، وعقد اجتماعات عن بعد، مع أعضاء المكتب التنفيذي، وغيرها من الإجراءات المفروض اتباعها انطلاقا من واجب المسؤولية.
مثل هذه المبادرات كان من الممكن أن تطرح القضايا الأساسية لهذه الأنواع الرياضية، واستعراض مشاكلها وأيضا طرح مشكل المنح المتوقفة منذ مدة طويلة، والأكيد أن طرح هذه القضايا أمام أنظار الرأي العام، يمكن أن يساهم في إيجاد حلول. وطرح مقاربات جديدة، تساهم في معالجة الإشكالات التي تعاني الرياضة الوطنية عموما.
إنه حجر تواصلي لم تفرضه السلطات العمومية، بل جاء نتيجة تحجر فكري غير مقبول ولا مستساغ، في زمن التواصل والانتشار الواسع والتأثير الكبير للوسائل المتاحة بمختلف الأنواع والأشكال.
محمد الروحلي