خطاب الملك في نيويورك

عرض خطاب جلالة الملك أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أولويات ومحددات السياسة الخارجية للمغرب، وذكر بمواقف المملكة من مختلف القضايا المطروحة في الساحة الإقليمية والدولية، وشكل بذلك عنوان نجاح ديبلوماسي واضح، أضيفت إليه سلسلة اللقاءات التي أجراها

صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، الذي مثل جلالة الملك في نيويورك، وأيضا مختلف الاجتماعات والمشاورات التي حضرها الوفد المغربي على هامش أعمال الدورة 67 للجمعية العامة للأمم المتحدة التي من المقرر أن تكون اختتمت أمس الاثنين.
في نيويورك أعلن المغرب مواقفه الواضحة بشأن المأساة السورية، وفيما يتعلق بالوضع في مالي وفي بلدان الساحل والصحراء، كما ذكر بمواقفه المبدئية حول القضية الفلسطينية، وبشأن السلم في منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة، وأبرز تضامنه مع الشعوب الإفريقية ودعمه لها ولاستقرارها ووحدتها وتنميتها، ثم جدد التزامه الراسخ بمواصلة الإسهام في تدبير الأزمات، وفي حل النزاعات وتحقيق السلم والأمن الدوليين، فضلا عن تطوير الديبلوماسية الوقائية…
وانطلاقا من موقعه الحالي في مجلس الأمن الدولي، واعتبارا لعلاقاته المتميزة مع مختلف القوى الدولية العظمى، فقد كان المجتمع الدولي مهتما بالدور المغربي، ومتطلعا إلى إسهام المملكة في تحقيق أهداف الأمم المتحدة عبر العالم، وفي المقابل أبانت الديبلوماسية المغربية في الفترة الأخيرة عن دينامية ملحوظة، زكتها مضامين الخطاب الملكي في نيويورك، ومناشدة المملكة المجتمع الدولي بضرورة مكافحة كل أشكال التطرف والكراهية ورفض الآخر.
الخطاب الملكي المشار إليه لم يغفل كذلك توجيه رسائل واضحة وقوية إلى الجميع حول النزاع المفتعل في الأقاليم الجنوبية للمملكة، مجددا التزام المغرب واستعداده للتفاوض على أساس الضوابط التي وضعها مجلس الأمن، وبالمشاركة الفاعلة في المخطط الأممي لإيجاد حل سياسي متفاوض عليه، وذلك انطلاقا من مبادرة الحكم الذاتي التي لقيت التقدير والاهتمام من لدن المجتمع الدولي، وبما يضمن السيادة الترابية، والوحدة الوطنية للمملكة، ويمكن من لم الشمل، واحترام خصوصيات ساكنة هذه المنطقة.
وفي السياق نفسه، فقد شدد جلالة الملك على الضرورة الإستراتيجية لتفعيل اتحاد المغرب العربي، كتجمع إقليمي وحدوي، وذلك بما يستجيب للتطلعات المشروعة لشعوب المنطقة، وبما تمليه أيضا التحديات الأمنية والتنموية التي تواجه الدول المغاربية الخمس، وجدد التأكيد على سعي المغرب الدؤوب لتذليل العقبات التي من شأنها أن تعيق إعادة تفعيل هذا الطموح المغاربي، ومنها نزاع الصحراء المفتعل.
لقد رسم خطاب جلالة الملك في نيويورك إذن خارطة طريق بالتوجهات الكبرى للسياسة الخارجية المغربية، والرهان اليوم يتمثل في تعزيز حضور المملكة عبر العالم وفق محددات خارطة الطريق هذه، وأيضا استثمار الاهتمام الدولي الحالي بدور المملكة في حل عدد من النزاعات في العالم، من أجل إنجاح الأهداف الوطنية والتنموية للبلاد في علاقتها بمختلف أطراف المجتمع الدولي.
[email protected]

Top