لاحظ المتتبعون للشأن الرياضي عامة والكروي على الخصوص، تسيبا غير مسبوق بدأت تعرفه الندوات الصحفية، ما يجعل الكثير من القلق، يخيم بظلاله على الأجواء العامة، لندوات ذات طابع مهني، تحولت للأسف إلى فضاء للتراشق، وتصفية الحسابات، والهجومات المجانية.
فالكثير من الأسئلة التي أصبحت تطرح خلال الندوات، تزيغ عن المنهجية المتعارف عليه، مما بدأ يثير استغراب المتدخلين، وبصفة خاصة المدربين، نظرا لافتقادها الشروط المهنية المتعارف عليها، وطنيا ودوليا.
بالإضافة إلى طريقة طرح الأسئلة خلال الندوات، بدأ الترويج لسلوك مرفوض أصحابه بعض الصحفيين، حولوا منصة الصحافة إلى فضاء للإعلان عن الانتماء لهذا الفريق أو ذاك، والتعبير عن لحظات فرح بتسجيل هدف، لا تشاهد حتى خلال مباريات المنتخبات الوطنية، بل بلغ الأمر مداه بمنصة مركب محمد الخامس بمدينة الدار البيضاء، عندما تم تقسيم المنصة إلى جهة خاصة بـ “الصحفيين الرجاويين”، وأخرى تقتصر على نظرائهم “الوداديين”، انقسام بدأ يتطور إلى حدوث، التنمر والإساءة التي تصل أحيانا إلى حدود الاصطدامات المباشرة بين الزملاء.
قليل هم المدربون الذين عبروا عن رفضهم لأسلوب، غير مهني في طريقة طرح الأسئلة، أسلوب غارق في التعصب وحتى الشوفينية، في ضرب صارخ لأخلاقيات المهنية، مع العلم أن هناك من المدربين، من يفضل تجاوز المضايقات، تجنبا لتبعات هو في غنى عنها.
سبق لعبد الهادي السكيتيوي المدرب الحالي لحسنية أكادير، أن عبر عن استغرابه للطرق التي بدأت تطرح بها بعض الأسئلة، نفس الرفض عبر عنه مؤخرا عبد الحق بنشيخة مدرب الدفاع الحسني الجديدي، ووليد الركراكي بطل إفريقيا والمغرب مع الوداد البيضاوي، وأيضا منير الجعواني مدرب مولودية وجدة، هذا الأخير ذهب بعيدا في انتقاده، عندما طالب بضرورة تقديم البطاقة المهنية للتمكين من حضور الندوات، محملا المهنيين مسؤولية تأطير، اللقاءات الصحفية التي تعقب مباريات البطولة والكأس.
ما يحدث خلال الندوات ومنصات الصحافة، مجرد جزء بسيط، مما يطبع المشهد عادة من تجاوزات واختلالات وسلوكات مشينة، بل فوضى غير مسبوقة في تاريخ الصحافة الرياضية الوطنية، عرفت تطورا مهنيا لافتا بفضل عطاءات أجيال من الصحفيين، ممن أسسوا لقواعد صحافة وطنية محترمة، وساهموا في جعل الإعلامي الرياضي فاعلا محترما، يحظى بتقدير الوسط ككل.
إنه منحى خطير دخلته للأسف الصحافة الرياضية المغربية خلال السنوات الأخيرة، أثر بالفعل على الصورة المفروض الحفاظ عليها أصحاب المهنة، صورة من المفروض أن يطبعها الاحترام والتقدير، وتحميها الشروط المهنية وأخلاقياتها.
أمام هذه الانفلاتات والتجاوزات المخيفة، والخروج المتوالي والصارخ عن شروط المهنة، بدأ يطرح التساؤل بخصوص الأسباب الرئيسية، وراء هذا الانحراف بدأت تعرفه المهنة، ومن يتحمل المسؤولية المباشرة وغير المباشرة فيما يحدث من تجاوزات.
الواقع أن المسؤوليات مشتركة، إلى درجة يصعب تحديدها في هذه العجالة، مسؤوليات يبدأ من كيفية الحصول على الترخيص، مرورا بالمنهجية المتبعة في طرق التكوين داخل المعاهد الخاصة، وما يسمى بالملاءمة، وصول إلى هيكلة المنابر والمؤسسات، وعدم حرص أصحابها على أخلاقيات المهنة.
هناك أيضا جوانب أخرى، من بينها حدوث تجاوزات من طرف أشخاص لا تكوين لهم، بلا انتماء مؤسساتي، بل مجرد دخلاء على المهنة، وإطارها الوظيفي…
كل هذا الجوانب من الجوانب المرتبطة بالمجال، تتطلب بحثا ودراسة وتعميقا للنقاش، قصد الوصول إلى تشخيص عميق لازمة حقيقة تعصف بقطاع يسجل تراجعا مهولا….
>محمد الروحلي