نجم رياضي آخر غادر هذا العالم، تاركا وراءه الكثير من الحزن، وآلام الفراق وحرقة البعاد، غادر عائلته وأصدقاءه وأحباءه، والوسط الذي نشأ وتربى وأبدع فيه، حيث قدم عطاء ات فوق عشب الملاعب، جعلته يصنف ضمن خانة نجوم زمانه.
غادرنا إلى أرض البقاء الراحل العربي شيشا، مخلفا وراءه سجلا حافلا بالعطاء، تاريخ كبير سواء كلاعب على أعلى مستوى، أو مؤطر وطني، أشرف على تدريب العديد من النجوم الذين حملوا القميص الوطني.
عن عمر يناهز 86 سنة، توفي الثلاثاء الماضي، واحد من النجوم المغاربة الذين أبدعوا بعالم الاحتراف الأوروبي.
كما حمل قميص المنتخب المغربي في عدة مناسبات، حيث كان من أبرز لاعبي المنتخب المغربي سنة 1957 بقيادة العربي بنمبارك وقاسم القاسيمي.
درب مجموعة من الأندية المغربية، كما خاض تجربة لا يستهان بها بدوريات أجنبية كالسعودية وبلجيكا وسويسرا، كان له رأي وازن عكسه بكثير من الكفاءة وبلغة فرنسية راقية، من خلال مقالات تحليلية معمقة حول رياضة كرة القدم، عمل على نشرها بمجموعة من الجرائد الوطنية الناطقة بالفرنسية، من بينها لوبينيون والمغرب والبيان.
شخصية رياضية بهذه القيمة، يعد رحيلها خسارة كبيرة، للرياضة الوطنية عموما، وكرة القدم على وجه الخصوص، وباستثناء ما تركه من كتابات شخصية، فإن تجربته الغنية سواء كمحترف على أعلى مستوى، أو كلاعب دولي متميز، أو مؤطر متمكن، لم تدون ولم ترصد بعيون المختص أو المؤلف، القادر على تأريخ عطاء واحد من نجوم كرة القدم الوطنية.
للأسف، مرة أخرى نتحدث بكثير من الحرقة، عن ضياع تجربة غنية، كان من الممكن أن تشكل مرجعا، ونبراسا يهتدى به سواء للجيل الحالي، أو الأجيال القادمة التي توجد في أمس الحاجة إلى الاطلاع على الأمثلة الناجحة.
قبل العربي شيشا، غادرتنا العديد من الشخصيات الوازنة.. أعطت الشيء الكثير للوطن، منها من أشرف على التسيير والتدبير في أصعب الظروف، ومنها من أطر وكون الأجيال، ومنها من حمل القميص الوطني بكثير من الحب والسخاء والعطاء الوفير، إلا أن هذا الرصيد الوطني الغني، ضاع برحيل أصحابها، دون أن يكتب أو يدون أو يؤرخ.
خسارة كبيرة تسائل الكثير من المؤسسات، أولها وزارة الشباب والرياضة، والجامعات الرياضية بمختلف الأنواع، التي يبدو وكأن الأمر لا يعنيها، نفس الملاحظة بالنسبة للأندية، المفروض أن تؤرخ من خلال عطاء من سيروا أو دربوا أو لعبوا، جزء كبير من تاريخها الطويل.
إنه نقص وتجاهل وعدم اكتراث كلي…سلوك مشترك بين كل المؤسسات التي ذكرناها، دون أن نعفي أيضا جمعيات الصحافة الرياضية، المفروض أن تبادر، وأن تعمل على تحسيس الجهات المفروض أن تتحمل مسؤوليتها، وذلك للحيلولة دون استمرار ضياع جزء كبير من تاريخ الرياضة الوطنية.
>محمد الروحلي