عيد العرش…

يخلد المغرب يومه السبت الذكرى الثالثة والعشرين لعبد العرش، وهو المناسبة الوطنية المجسدة لرسوخ الملكية وعراقتها، وأيضا المجسدة للترابط القوي بين العرش والشعب.
قبل ثلاثة وعشرين سنة من اليوم، مثل تولي الملك محمد السادس العرش نفسا شعبيا قويا، وأسس لعهد جديد أبرزت كل فئات شعبنا حماسها له، وهو ما ساهمت في تمتينه العديد من المبادرات الملكية والأوراش الإصلاحية المنصتة لتطلعات المغربيات والمغاربة.
كل المراقبين لشأننا الوطني توقفوا في العقدين الأخيرين عند إصرار جلالة الملك على الإختيار الديموقراطي واحترام المؤسسات، وحتى أثناء التصدي لتداعيات جائحة كورونا لم يتردد جلالة الملك في جعل بلادنا تنظم الاستحقاقات الانتخابية، انتصارا، بالذات، للخيار الديمقراطي .
العهد الجديد ارتبط كذلك بالحرص الملكي على العناية بالأوضاع الإجتماعية، والسعي لتحقيق العدالة الإجتماعية وتحسين ظروف حياة الناس ومحاربة الفقر.
من جهة أخرى، كرس العهد الملكي الجديد أولوية قضية الوحدة الترابية للبلاد، وتميزت الدبلوماسية، بقيادة جلالة الملك، بالحزم والمقاربة الهجومية والوضوح، وهو ما أفضى إلى مراكمة العديد من المكاسب الدبلوماسية والقانونية والميدانية لصالح الموقف الوطني المغربي…
وعلاوة على هذه الجوانب، فإن الإرادة الملكية برزت أيضا خلال مكافحة الوباء وآثاره السلبية، وكذلك لمواجهة انعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية، وفي تدبير توتر العلاقات مع شركاء أوروبيين في العام المنصرم، وكل هذا مثل مؤشرات إيجابية عززت استقرار المملكة وتميزها السياسي العام.
الشعب المغربي  يفهم ذكرى عيد العرش ضمن هذه الرؤية، ويفهمها مناسبة تعبر عن التحام عريق بين الشعب ومؤسسته الملكية، ولهذا هو يثق فيها، وأيضا يتمسك بالنفس الشعبي الواسع الذي ارتبط ببداية العهد الجديد قبل ثلاثة وعشرين سنة.
وعندما تلف شعبنا اليوم الكثير من المعضلات الاجتماعية ( غلاء الأسعار، ارتفاع أثمنة المحروقات، تدني القدرة الشرائية وتمدد دوائر الفقر، الجفاف وندرة الماء، مخاطر التوترات الدولية والإقليمية وانعكاساتها على المغرب…)، ويضاف كل ذلك لصمت الحكومة الحالية وتماطلها، وارتهانها للوبيات المصالح والريع، فإن المغربيات والمغاربة يلوذون بثقتهم في الملكية، وبالحماس والتفاؤل اللذان كرستهما انطلاقة العهد الجديد، ويتساءلون عمن يسعى اليوم  لجر شعبنا نحو اليأس، وإلى… العدم.
لقد حققت بلادنا العديد من المنجزات والمكاسب فعلا، ولكن الأوضاع الحالية، خصوصا في المجالات الاجتماعية والديمقراطية، تبعث على القلق والانشغال، وتجعل من واجب الحكومة، أساسا، أن تعيد لشعبنا تفاؤله وحماسه، وأن تعيد الثقة لديه في وطنه وفي … المستقبل.
عيد العرش ليس ذكرى في الأرشيف أو في مقررات التاريخ، ولكنه مناسبة وطنية سنوية تمتلك امتدادا راهنيا، ويجب أن يحتفى بها وتقرأ ضمن واقع اليوم، أي هنا والآن، ومن ثم يجب العمل لصيانة وتمتين ثقة شعبنا في وطنه، وفي مؤسسات بلاده، وفي المستقبل، وأن تقدم الحكومة أجوبة عملية ملموسة عن التطلعات الإجتماعية والتنموية والديمقراطية لشعبنا، ولكي تبقى لعيد العرش قوة الامتداد في الزمن، ودلالة الراهنية والارتباط ببناء المغرب الديمقراطي المتقدم.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

الوسوم ,

Related posts

Top