مدينة مراكش على إيقاع الدورة السادسة عشرة للمهرجان الدولي للفيلم

تعيش مدينة مراكش على إيقاع الدورة السادسة عشرة للمهرجان الدولي للفيلم، والذي انطلق يوم الجمعة الماضي ويتواصل حتى العاشر من دجنبر الجاري.
و كما جرت العادة، تميز حفل الافتتاح بحضور مجموعة من الأسماء الفنية المغربية، والدولية، من بينها أصدقاء للمهرجان وآخرون تتاح لهم الفرصة للمرة الأولى كي يصاحبوا المهرجان في رحلته  التي تتميز بالإثارة ومتعة اكتشاف جديد الفن السابع على أيدي مخرجين جدد متألقين، سيكون لهم موطئ قدم في المشهد السينمائي العالمي، في حضور أسماء لامعة متمرسة على رأسها هذه السنة، المخرج والمنتج المجري بيلا تار، والذي يخلف، المخرج الأمريكي فرانسيس فورد كوبولا، في رئاسة لجنة تحكيم المهرجان.
وتضم اللجنة، المخرج الدنماركي بيلي أوغست والممثل الاسترالي جايسن كلارك والممثلة الكندية سوزان كليمان والممثلة الهندية كالكي كوشلين والفنانة المغربية فاطمة هراندي.
و قد قال سمو الأمير مولاي رشيد رئيس مؤسسة المهرجان، بهذا الصدد أن: ” انتقاء لجنة تحكيم برئاسة المخرج الكبير بيلا تار، تعتبر مرآة تعكس جودة أفلام المسابقة الرسمية، حيث تندثر جميع الحدود”، مضيفاً أن “كل ذلك يساهم في تعزيز قناعتي العميقة بأن السينما في خدمة الإنسانية، بوصفها رافعة للتقارب ولاكتشاف الآخر”.
وأكد رئيس المهرجان أن روح المهرجان الدولي للفيلم بمراكش تتلخص في “العزم الأكيد لدعم وتعزيز رؤية جديدة للعالم حيث يتم تقاسم المسؤوليات، وتتبدد الفوارق والاختلافات، ليفسح المجال لإرادة مشتركة تستهدف الإسهام في بناء مستقبل أفضل “.
وصرح المخرج الكبير بيلا تار، في كلمة بمناسبة انطلاق الدورة “أعتقد أن الجميع هنا جاء لأننا نحب السينما.. جميعنا يؤمن بقوة الصورة.. نؤمن بالإنسان وكرامته والكرامة لكافة الكائنات. أتمنى أن نحتفي بكل هذا على الشاشة ونرى أفلاما جميلة.”
وجدير بالذكر أن يوم السبت، استؤنفت فعاليات الدورة بشكل رسمي، وكان حافلا بالعديد من الأنشطة والعروض السينمائية والفقرات المتميزة من بينها انطلاق عروض المسابقة الرسمية متزامنا مع عروض السينما الروسية، وتم تكريم المخرج الإيراني الراحل عباس كياروستامي، في حضور عدد مهم من النجوم، تم استقبال نجل المخرج الراحل، صديق المهرجان الذي شارك فيه سنة 2005، عندما تم تقديم مجموعة من أعماله، ثم ترأس لجنة تحكيم المسابقة الرسمية سنة 2009، فيما عاد لتقديم دروس الماستر كلاس في الدورة السابقة من المهرجان، وكانت التفاتة كريمة من المهرجان تنم عن الوفاء لهذا السينمائي الصديق الذي خلف مدرسة سينمائية ضمت العديد من الأفلام من بينها:
ومن بين أهم أعماله فيلم “التقرير” سنة 1977، و”عبر أشجار الزيون” سنة 1994، و”ستحملنا الرياح” سنة 1999، و”عشرة على عشرة” سنة 2004، و”نسخة مصادق عليها ” سنة 2009، و”مثل شخص وقع في الحب” سنة 2012.
 يذكر بأنه سيتم خلال الدورة السادسة عشرة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش تكريم عدد من المخرجين والممثلين من مختلف البلدان، من بينهم الممثل عبد الرحيم التونسي (عبد الرؤوف)، والمخرج والمنتج الراحل عبد الله المصباحي من المغرب.
وشهدت صبيحة السبت أيضا عقد لقاء بين لجنة التحكيم بكامل أعضاءها وممثلي الصحافة المغربية والدولية وجمهور النقاد والمهتمين.
وكشف رئيس لجنة تحكيم الدورة المخرج المجري بيلا تار، خلال الندوة الصحفية، عن طريقته في الحكم على الافلام والتي تتمثل في مشاهدة أولية وعادية، ثم العودة الى مشاهدتها مرة ثانية بتمعن، من اجل فهم مضمونها أكثر والتدقيق في اداء الممثلين، وسائر العناصر الأخرى التي تتدخل في صناعة الفيلم.
مضيفا أن العمل الذي يجعل المشاهد يشعر بأصالته ويتيح الفرصة لإدراك قوته والطاقة الإيجابية التي يتضمنها هو الذي يعقد مهمة أعضاء لجنة التحكيم المدعوين إلى تقاسم أعمال مخرجين تتباين ثقافة وتجربة وتاريخ كل منهم.
 وبالنسبة للمخرج الفرنسي برونو دومو ، فإنه من المدهش دائما أن يرى المرء تمازج الألوان وتقاطع نظرات العالم من خلال اكتشاف الأفلام ، مبرزا أنه “من الجيد تقاسم وجهات النظر والأحاسيس”.
 ورأى ان السينمائي منفتح ومنغلق في الوقت ذاته، وهو ما يعكس روحانية الرؤية السينمائية، موضحا “أننا كمخرجين منفتحون ومنغلقون لأن المخرج يراهن من خلال فيلمه على عالم وقصة وممثلين لنقل مشاعر المحبة وملامسة وجدان الجمهور”.  
وقالت الممثلة المغربية فاطمة هراندي أنها تشاهد الأفلام وتعيش قصتها، وتتأثر بها حسب نوعية ما تطرحه هذه الأفلام، وتحرك مشاعرها رغم معرفتها المسبقة كممثلة، بالخدع السينمائية وتقنيات التمثيل، التي يتم اعتمادها في صنع التأثير،  أما المخرج وكاتب السيناريو والمنتج الأرجنتيني ليساندرو ألونسون فقد قال إنه يسخر السينما باعتبارها “مبررا” لاكتشاف أمكنة وحيوات وشخصيات جديدة من خلال صور ومشاعر يسعى إلى التقاطها عبر كاميراه، وهذا ما سيعيشه خلال تجربته في مهرجان مراكش السينمائي، الذي يشارك فيه عدد مهم من الأفلام التي تمثل ثقافات مختلفة ومتنوعة، وكشفت الممثلة وكاتبة السيناريو الفرنسية، كالكي كويتشلن، أنها تحس بالعودة إلى سن الطفولة والبراءة واكتشاف السينما في كل مرة تشاهد فيلما جديدا، وقالت “إنني أبكي وأضحك وأستمتع … وهو ما يجعل طريقة مشاهدتي للأفلام لا تتغير على المستوى الانفعالي فيما تغيرت النظرة إلى صعوبة أداء الممثل واجتهاده التقني.
من جانبه، قال المخرج وكاتب السيناريو الدنماركي بيلي أوغست إنه يعتبر تجربة مشاهدة الأفلام تدريبا انطلاقا من قناعته أن السينما تتيح الولوج إلى روح الإنسان.
لافتا  الى أن مشاهدة الأفلام بالنسبة له عبارة عن ملامسة جوهر ما يحصل عبر العالم، لذلك فهو سعيد بهذه التجربة الجديدة في لجنة التحكيم، التي سيعتمد فيها ترجمة المشاعر التي تصل عبر الأفلام، لإختيار العمل الذي يستحق الفوز، فيما اعتبر الممثل الاسترالي جيسون كلارك أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار الظروف والميزانية التي تم تخصيصها لكل فيلم، وكذلك الوصول الى فكرة المخرج من خلال عمله، مع مراعاة الخلفيات والثقافات التي تم من داخلها انتاج هذه الأفلام.
وأضاف كلارك أنه يعشق الانغماس في قصة الفيلم والاستمتاع بأحداثها ، مشيرا إلى أن نظرته تنصب على الإخراج وعلى تشخيص الممثلين وعلى الصورة، وأنه تحدوه الرغبة أحيانا في إيقاف الصوت للاستمتاع بالصورة السينمائية للأعمال.

الممثلة الكندية سوزان كليمون، تحدثت عن التأثير والانطباع الأعمال النفسي الذي تخلفه لديها مشاهدة الأفلام السينمائية، وذلك من خلال ردود فعل تلقائية مختلفة، كالضحك والبكاء، لكن في نفس الوقت أكدت على أهمية مشاهدة أفلام المسابقة بنظرة مختلفة وعدم التأثر بها، من أجل إبعاد المشاعر عن قرار اللجنة النهائي.
وتعرض أفلام من 28 بلدا في البرنامج الرسمي للمهرجان، في فئات مختلفة، بينما يتنافس 14 فيلماً طويلاً على جائزة “النجمة الذهبية”. وفي سابقة من نوعها، سيقدم المهرجان الدولي للفيلم بمراكش عروضا بمدينة الرباط، من خلال باقة أفلام من مختلف الفقرات التي تشكل هوية المهرجان، حيث تبرمج هذه العروض في قاعة الفن السابع طيلة أيام المهرجان.
يُذكر أن فيلم “كثير كبير” للمخرج اللبناني ميرجان بوشعيا، كان الفائز العام الماضي بجائزة المهرجان.
> مبعوث بيان اليوم: سعيد الحبشي

Related posts

Top