أكدت النائبة نادية تهامي باسم فريق التقدم والاشتراكية في المناقشة العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2022
أن مشروع قانون المالية لهذه السنة لا يترجم حقيقة طموحات الحكومة الكبيرة، سواء التي عبرت عنها في البرنامج الحكومي أو التي عبرت عنها مكوناتها خلال حملاتها الانتخابية؛
وشددت نادية التهامي على أن مشروع قانون المالية لسنة 2022 يظل دون الطموحات المنتظرة من المغاربة، ولا يعدو أن يكون استمرارا في نفس توجه الحكومة السابقة والقائم على إنعاش الاقتصاد الوطني، من خلال مساعدة المقاولات في استرجاع أنشطتها والحفاظ على مناصب الشغل وخلق مناصب جديدة، وإصلاح القطاع العام وتعزيز آليات الحكامة، ما يعني أن الحكومة الحالية لم تخرج عن هذا النهج كما سابقتها.
فيما يلي النص الكامل لمداخلة النائبة نادية تهامي:
السيدة الوزيرة المحترمة؛
السيد الوزير المحترم؛
السيدات والسادة النواب المحترمين؛
السيدات والسادة الأطر المحترمين؛
اسمحوا لي أن أتقدم ببعض الملاحظات، التي سجلها فريقنا، فريق التقدم والاشتراكية، على مشروع قانون المالية، والتي سبق للسيد النائب رشيد حموني، رئيس الفريق أن أثار الكثير منها؛
ومن هذه الملاحظات، أن مشروع قانون المالية للسنة المالية 2022، هو استمرار في نفس توجه الحكومة السابقة والقائم على إنعاش الاقتصاد الوطني، من خلال مساعدة المقاولات في استرجاع أنشطتها والحفاظ على مناصب الشغل وخلق مناصب جديدة، وإصلاح القطاع العام وتعزيز آليات الحكامة، وعلى العموم فهذه هي التوجهات العامة التي أصر جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، على أن تعطى لها الأولوية في البرامج الحكومية، وبالتالي فالحكومة الحالية لم تخرج عن هذا النهج كما سابقتها؛
كما أن تنزيل الإصلاح الجبائي التي تمت المصادقة على مضامينه في الولاية السابقة، والتي من المفترض أن تجد ترجمتها في مشاريع قوانين المالية التي ستعدها هذه الحكومة خلال ولايتها الحالية، وهو مالم نجد له أثر في هذا المشروع إلا في بعض الإجراءات المحتشمة جدا، والتي لا تأثير كبير لها على موارد خزينة الدولة؛
وفي هذا السياق، فإن مشروع قانون المالية لسنة 2022، لجأت فيه الحكومة إلى الحلول السهلة،دون إبداع إجراءات وتدابير جديدة والتي من شأنها إغناء مداخيل الخزينة، من جهة، وإحداث تحول نوعي من شأنه توسيع الوعاء الضريبي؛
وبمجرد الدخول في الأجرأة العملية للأوراش المعلنة من طرف الحكومة على أرض الواقع، ستظهر المشاكل وتبرز التناقضات، لدرجة أننا لا نجد التلاؤم اللازم بين الأهداف والتوجهات المعلن عنها بوضوح من جهة، وبين وسائل العمل المعبــأة من جهة أخرى؛
فوسائل العمل التي تم اعتمادها في مشروع قانون المالية 2022، مازالت خاضعة للمنطق الضيق والآني المستنــد إلى العديد من “المناورات الميزانياتية”، مع الإرتكان إلى الحلول السهلة؛
فالتجأت الحكومة إلى الزيادة في الرسوم الجمركية على عدد من المنتجات الاستهلاكية، من ضمنها منتجات صناعية وغذائية. وهو ماسيساهم في رفع أسعار عدد من المنتجات الاستهلاكية التي تقبل عليها الطبقة المتوسطة، على وجه الخصوص، وهو ما يعني إثقال كاهل أسر هذه الطبقة بزيادات مالية إضافية. دون مراعاة الضربات التي تلقتها هذه الطبقةبفعل جائحة كورونا على امتداد سنتين؛
صحيح أن هناك مجهود مالي كبير فيما الاستثمار العمومي الذي رصدت له الحكومة 245 مليار درهم،فإننا نسجل في المقابل سوء توزيع لهذه الاستثمارات على المستوى المجالي، فبحسب جهة التوطين ووفق مشروع مالية2022. تحتل جهة الرباط سلا القنيطرة المرتبة الأولى باستثمارات بلغت 8.27 مليار درهم، يعني أكثر من 39 % من الاستثمارات المبرمجة ثم جهة الدار البيضاء ب 5.65 مليار درهم أي بنسبة 27 % ثم جهة الداخلة وادي الذهب ب 2 مليار درهم أي ما يقارب 10 % وأخيرا جهة طنجة تطوان الحسيمة ب 1.87 مليار درهم من الاستثمارات المبرمجة؛
وهذا معناه احتكار 4 جهات لما يزيد عن 76 % من هذه الاستثمارات العمومية، ويعني تكريس التفاوتات المجالية؛
أضف إلى ذلك عدم انعكاس هذه الاستثمارات العمومية على سوق الشغل. فمعدل البطالة اليوم ارتفع من 12.3 %إلى 12.8 % خلال السنة الجارية، وقد تصل هذه النسبة إلى ما يزيد عن 20 % بالنسبة لحاملي الشهادات العليا؛
وعلى العموم فنسبة النمو المتوقعة في 3.2 %حتى وإن تحققت باعتبار أنها مرتبطة بتوقعات لايقينية، فإنها لا تجيب ولن تحقق بشكل قطعي، الطموحات الاجتماعية الكبيرة، ولا تلائم الحاجيات المطلوبة في الاقتصاد الوطني؛
خاصة بالنسبة للأعداد الكبيرة لمناصب الشغل التي حددتها في 250 ألف منصب شغل ابتداء من السنتين المقبلتين، علما أن الاقتصاد الوطني، وفي أحسن الأحوال لا يتجاوز خلق 75 ألف منصب شغل، وفي الظروف العادية، فما بالك في ظل ظروف اقتصادية وطنية ودولية متقلبة بفعل جائحة كوفيد 19؛
وما يتحكم في النمو الاقتصادي هو محصول الحبوب، بحيث ما يجعل السنة جيدة أو ضعيفة في المغرب هي السماء، وليست الحكومة أو الدولة أو الخارج؛
كما التجأت الحكومة كذلك إلى الخوصصة، وتتوقع أن تجني منها حوالي 8 مليار درهم، وهنا نؤكد على حرصنا على عدم اختزال القطاع العمومي ضمن خوصصة مقاولات عمومية وتحويلها إلى شركات، ويجب الانتباه والحذر من أن تعاد تجربة “لاسامير”، وفي قطاعات استراتيجية بالنسبة لبلادنا؛
كذلك ما ستتبرع به الحكومة من إعفاءات ضريبية لعدد من القطاعات وعلى رأسها القطاع العقاري الذي سيستفيد من جملة من الإعفاءات والتخفيضات الضريبية، ولا مبرر لها اليوم، في وقت يحتاج فيه الاقتصاد الوطني إلى التعبئة والى تقديم تنازلات في هذه الفترة العصيبة على الأقل؛
وللإشارة فقد سبق للمجلس الأعلى للحسابات أن وجه انتقادات لسياسة الإعفاءات الضريبية، واعتبر في تقرير له حول النفقات الجبائية، أن هذه الامتيازات الضريبية لا تخضع لأي تقييم، أو تسقيف، أو مراجعة، وبالتالي لا يوجد أي مؤشر حول فعاليتها. بل ذهب التقرير إلى أن المبلغ الإجمالي للنفقات الجبائية، التي خضعت للتقييم، أصبح يفوق ميزانيات قطاعات وزارية مهمة، كالداخلية أو التجهيز، والنقل، أو الصحة. هذا كلام المجلس الأعلى للحسابات؛
السيدة الوزيرة المحترمة؛
السيد الوزير المحترم؛
أليس من العدالة الجبائية، أن يخضع أصحاب دخول رؤوس الأموال المنقولة للمساهمة؛
أليس من العدالة الجبائية أن تخضع الأرباح العقارية الضخمة كذلك للمساهمة؛
ونتساءل كذلك، عن فلسفة المشروع غير المبررة، من إعفاء الشركات المستثناة من الضريبة على الشركات بالنظر للأهداف الاجتماعية والاقتصادية التي أعلنت عنها الحكومة؛
هذا في الوقت الذي يخضع فيه دخل الطبقة المتوسطة من الموظفين على الخصوص،إلى الضريبة على الدخل والتي تصل إلى ما يزيد عن 38% ويتم اقتطاعها من المنبع. فالأجدر، أن يتم اتخاذ إجراءات موازية ومواكبة، على الأقل، فيما يخص الأعباء العائلية؛
وبالمقابل، يستفيد أصحاب مداخيل الأنشطة العقارية والزراعية والمهن الحرة من نظام التصريح الحر والمرن، لتخفيض التزاماتهم الجبائية؛
ناهيك عن الامتيازات الضريبية الممنوحة سنويا لأصحاب المصالح، هذا دون الحديث عن ظاهرة التملص الضريبي الشائعة في بلادنا، بالرغم من بعض الإجراءات المحتشمة التي أقرها المشروع من أجل مطاردة المتهربين ضريبيا؛
كنا نتمنى أن يكون مشروع قانون المالية لهذه السنة، مشروعا مغايرا ويترجم حقيقة طموحات الحكومة الكبيرة، سواء التي عبرت عنها في البرنامج الحكومي أوالتي عبرت عنها مكوناتها خلال حملاتها الانتخابية؛
لكن مع الأسف، جاء هذا المشروع دون الطموحات المنتظرة من المغاربة.