انبثقت بالمغرب خلال السنوات الأخيرة، مجموعة من الطاقات الشابة، التي برز اسمها في عالم الابتكار والاختراع، فكلما شاركت في مسابقات دولية ما، إلا وحصل عدد كبير منها على جوائز ذهبية، أو فضية.. رافعين الأعلام المغربية، في كل من دولة؛ كندا، والولايات المتحدة الأمريكية، وكوريا الجنوبية، وماليزيا.. إلى غيرها من الدول التي تستضيف منتديات عالمية، خاصة بأحدث الاختراعات والابتكارات.
المخترعون المغاربة، الذين جلهم شباب ينتمون إلى الجيل الجديد، استطاعوا أن يتوصلوا من خلال أبحاثهم، من داخل مختبرات الجامعات المغربية، عبر ربوع المملكة، إلى اختراعات حديثة، تواكب التطور العلمي والتكنولوجي الحديث، في مجال الطاقة البديلة، والتكنولوجيا، وكذا عالم السيارات، وصناعة المحركات..
وشكلت الجوائز التي حاز عليها ولا يزال المغاربة، في كبريات المسابقات العالمية، في ميدان الاختراع، حافزا ودافعا معنويا لهم، ما جعل المؤسسات المغربية، تنخرط، وتبادر بشكل تلقائي إلى تكريم هذه الطاقات، وتوفير الإمكانيات لها على قدر المستطاع. !
إلى جانب، هذا، يوشح جلالة الملك محمد السادس، في كل مناسبة وطنية، الشباب المغربي المخترع، وهو ما يشكل دافعا معنويا لباقي الطلبة، الذين يجتهدون في محاولة ابتكار واختراع أشياء جديدة، تنضاف إلى سلسلة الاختراعات السابقة للمغاربة.
واهتماما منها بالموضوع، تحاول بيان اليوم، طيلة أيام شهر رمضان، أن تقترب من هؤلاء المخترعين، واختراعاتهم الحديثة، بالإضافة إلى تتبع مساراتهم الدراسية، والجوائز التي حصدوها في مختلف الملتقيات الدولية، تعريفا منها بهذه الطاقات الشابة التي تستحق التشجيع والتنويه ودعمها معنويا، حتى تواصل مسارها في عالم الأبحاث العلمية بشكل ثابت.
- عادل وافدي.. مصمم سفينة “وحش البحار”
عادل وافدي مهندس مغربي الأصل، هاجر إلى دولة ألمانيا عام 1996، ولديه ألف سؤال وسؤال عن كيفية بناء السفن ؟؟.
في سنة 2011، سينجح وافدي، في تصميم سفينة Pacific Osprey العملاقة التي تعمل في مشاريع بناء توربينات الرياح لاستخراج الطاقة في عرض البحر، ثم تركيب آليات للتنقيب على البترول والغاز الطبيعي، بالإضافة إلى الربط بين المروحيات بآليات خيوط كهربائية.
مصمم السفينة الاستثنائية التي لا يوجد منها سوى نسختين في العالم، أوضح في إحدى اللقاءات الصحافية له، مع القناة الألمانية “دوتشيه فيليه”، أن طول السفينة يصل إلى 161 متر، وعرضها هو 49 متر، وعلوها التام يبلغ 35 متر، أما علو أقدامها (تتكون من ستة أقدام)، يصل إلى 100 متر.
وكشف وافدي، أن السفينة تستطيع حمل أزيد من 30 ألف طن، واصفا الوزن بـ”الهائل”، مبينا أن أحجام الرافعة فقط تزن 1500 طن، مشيرا إلى أن تكلفة الاختراع باهظة الثمن، مع رفضه ذكر القيمة بسبب “السر المهني”.
وقال المهندس المغربي في ذات اللقاء، “إن أحلامه كانت جد محدودة في المغرب، بعد تخرجه من المعهد العالي للضباط تخصص معدات البواخر، حيث حصل على عقد عمل مع شركة، عمل بداخلها مسؤول للمعدات داخل الباخرة، بالإضافة إلى اشتغاله في ورشة لبناء السفن المكلفة بالشركة”.
المصمم المغربي، كان دائم السؤال لمديره التقني، حول “كيف تصنع الباخرة ؟ ولماذا الهيكل بهذا الشكل ؟ وفي بعض الأوقات لم يكن يستطيع الاجابة على أسئلته ؟ وفي إحدى المرات أجابه مباشرة ‘إلا كنتي باغي تعرف هادشي سير أخويا درس ليك صناعة سفن'”، يحكي وافدي.
المشهد وفق المصمم المغربي، “ولد لي فكرة الذهاب إلى دولة ألمانيا وأنا في سن 21، بعدما استشرت مع والدي، حيث قال لي والدي، “أنت تعمل الآن بشكل قار، ويمكن لك أن تبني مستقبلك في بلدك، دون أن تحتاج للذهاب نحو دولة أخرى من أجل الدراسة من جديد ؟، قبل أن يستطرد قائلا، وإذا كانت لك الإرادة والعزيمة، فاذهب “، داعيا إياه إلى عدم الاحتجاج أو الندم في يوم من الأيام، محملا مسؤوليته في اتخاذ القرار.
وبعد أخذ ورد، قرر عادل وافدي، الهجرة بشكل رسمي، من أجل الدراسة مجددا، حيث أتمم دراسته، في إحدى الجامعات الألمانية، تخصص صناعة السفن والبواخر، متذكرا بين الفينة والأخرى، كلام والده الذي كان تحفيزيا بالنسبة له.
بعد طول مدة، ستتصل العائلة بالشاب عادل، من أجل إخباره، بوفاة والده، حيث تلقى الخبر بصدمة قوية، تطلبت منه الرجوع إلى المغرب، والمكوث به شهرين كاملين، قبل أن تدعوه أمه إلى الرجوع من أجل إتمام دراسته.
عادل رفض العودة مجددا إلى ألمانيا، واقترح العمل بالمغرب، من أجل التكفل بمصاريف العائلة، غير أن والدته رفضت الفكرة، وظلت تلح عليه في الرجوع، حيث شد الرحال ثانيا، ليتمم مشواره الدراسي الذي بدأه بعزم وإصرار، حيث تمكن من إعادة الفصول التي رسب فيها، قبل أن يتوج مشواره الدراسي في الأخير بتصميم “وحش البحار”.
> يوسف الخيدر