مقتل متظاهر سوداني وسط تظاهرات حاشدة في ذكرى الانقلاب

قتل متظاهر سوداني دهسا بعربة تابعة لقوات الأمن أول أمس الثلاثاء خلال تظاهرات شارك فيها الآلاف في الخرطوم وعدة مدن أخرى في الذكرى الأولى للانقلاب الذي قاده الجيش.
وقالت لجنة الأطباء المركزية، وهي نقابة موالية لأنصار الديموقراطية، إن مواطنا “قتل دهسا بعربة تابعة لقوات الانقلاب” في مدينة أم درمان المجاورة للخرطوم.
وبذلك يرتفع إلى 119 عدد القتلى الذين سقطوا جراء القمع في عام واحد، فيما دعت السفارات الغربية العسكريين إلى عدم إطلاق النار على الحشود.
وعلى الرغم من انقطاع الاتصال بالانترنت الذي أعيد في وقت متأخر من بعد الظهر، سار المتظاهرون منذ الصباح على وقع هتافات “العسكر إلى الثكنات” و”سلطة مدنية” في شوارع الخرطوم وضواحيها حيث كانت العديد من الطرق ما زالت مغلقة في المساء.
وقد بدأ الجانبان مبكرا في التحرك: أقام المتظاهرون متاريس لإبطاء تقدم قوات الأمن التي قامت من جهتها بإغلاق كل الجسور التي تربط بين ضفتي نهر النيل فبي العاصمة السودانية لمنع المحتجين من الوصول الى القصر الجمهوري، مقر الفريق أول عبد الفتاح البرهان قائد انقلاب 25 أكتوبر 2021.
في محيط ذلك القصر، أطلقت الشرطة بعد الظهر قنابل الغاز في محاولة لتفريق الحشود، بحسب ما قال شهود.
وتظاهر الآلاف كذلك في شوارع مدن ود مدني والأبيض (جنوب العاصمة) والقضارف وبورسودان في الشرق وعطبرة في الشمال ونيالا في جنوب غرب دارفور.
ومرة أخرى كرر المتظاهرون شعارهم الرئيسي “لا تفاوض ولا شراكة مع الانقلابيين”.
في مثل هذا اليوم من العام الماضي، تراجع قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان عن كل التعهدات التي قطعها قبل عامين بتقاسم السلطة مع المدنيين تمهيدا لانتخابات حرة في السودان.
عند الفجر، أمر يومها باعتقال كل القادة السياسيين والوزراء المدنيين في الحكومة، واستأثر الجيش بالسلطة.
ومنذ ذلك الحين، ينقطع الاتصال بالإنترنت في الوقت الذي ينظم فيه أي تحرك ضد الانقلاب، كما هي الحال الثلاثاء.
وقال متظاهر في الخرطوم لفرانس برس “نحن نتظاهر منذ عام وسمح لنا ذلك باحتواء الانقلاب الذي لم ينجح في الحصول على اعتراف دولي أو اقليمي”.
وعلى بعد خطوات قليلة قال متظاهر آخر بفخر “هذه أول مرة يفشل انقلاب في التحرك إلى الأمام خطوة واحدة على مدى عام كامل”.
ومنذ عام، يتحدى أنصار الديموقراطية القمع كل أسبوع وينزلون إلى الشوارع للاحتجاج والدعوة إلى “عودة العسكر إلى الثكنات”. وخلال هذه الفترة، قتل 118 متظاهرا أثناء مطالبات بعودة السلطة إلى المدنيين، وهو شرط رئيسي يضعه المانحون الدوليون لاستئناف مساعداتهم المالية التي علقت احتجاجا على الانقلاب.
بات الوضع الاقتصادي في السودان كارثيا.
بين تضخم يزيد عن المئة في المئة ونقص في المواد الغذائية، أصبح ثلث السودانيين البالغ عددهم 45 مليونا يعانون من الجوع، وهو رقم يزيد بنسبة 50% عن العام الماضي، بحسب برنامج الأغذية العالمي.
ووفق البرنامج، ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية بنسبة 137%، ما جعل العائلات تخصص “أكثر من ثلثي دخلها للغذاء”.
وإضافة إلى قلق السودانيين الأول، وهو تدهور قوتهم الشرائية، يخشى كثيرون – بعد ثلاث سنوات على ثورة العام 2019 – عودة الدكتاتورية القائمة على التحالف بين الإسلاميين والعسكريين.
فمنذ الانقلاب، استعاد العديد من أنصار البشير مناصبهم، وخصوصا في القضاء الذي يحاكم أمامه حاليا الدكتاتور السابق.
وفوق كل هذا، تسود ضبابية في ما يتعلق بالوضع السياسي في البلاد، ويستبعد المراقبون والمحل لون أي إمكانية لإجراء الانتخابات التي وعدت السلطات الحالية بتنظيمها في صيف 2023.
وليس هناك أي وجه سياسي على استعداد للانضمام إلى حكومة مدنية يعد بها باستمرار الفريق البرهان. كما لم تسفر الوساطات الدولية أو المبادرات المحلية عن نتائج.
وقال موفد الأمم المتحدة إلى السودان فولكر برثيس السبت إن البلد “لا يملك ترف المناورات السياسية”، مضيفا “يتعين على الفاعلين السياسيين أن ينحوا خلافاتهم جانبا وأن يركزوا على مصلحة السودانيين”.
وتظاهر آلاف من السودانيين الجمعة تحت شعار ” لا للحكم العسكري” واحتفالا بالذكرى الـ 58 لأول “ثورة” على السلطة العسكرية في بلد هيمن عليه العسكريون بشكل شبه متواصل منذ استقلاله.
وتؤكد الكتلة الديموقراطية أن “مسيرات الخامس والعشرين من أكتوبر ستكون بداية نهاية عهد الانقلابيين بلا رجعة، وإعلان دستور السودان المدني الديموقراطي”.
ودعت السفارات الغربية الاثنين السلطات إلى “احترام حرية الرأي وحق التجمع السلمي”. كما طالبت بـ”عدم استخدام القوة” في بيان دان “مقتل متظاهر الأحد”.
ومع تعبئة قوات الأمن لمواجهة التظاهرات، يرى خبراء أن الفراغ الأمني في عدد من الولايات فتح الباب أمام نزاعات قبلية دامية.
وأسفرت تلك الاشتباكات التي تجرى غالبا بأسلحة أتوتوماتيكية بسبب نزاعات على الماء والكلأ والأرض، عن مقتل 600 شخص منذ مطلع العام، ونزوح أكثر من 210 آلاف، وفق الأمم المتحدة.
وأعلن الجيش السوداني الاثنين تعيين قائد عسكري جديد لولاية النيل الأزرق في السودان التي شهدت نهاية الأسبوع الماضي اشتباكات قبلية دامية أوقعت قرابة 250 قتيلا، وفق بعض التقارير، بحسب ما ذكرت الاثنين الأمم المتحدة.

أ.ف.ب

Related posts

Top