لا شك أن تاريخ مدارس المغرب، خاصة الثانويات، هو جزء من تاريخ البلاد الحافل بالأحداث. كما أن البحث في ذاكرة المدارس القديمة بالمملكة، قد ينبش في المتخيل الجميل لعدد من أفراد الأسرة التعليمية ولدى عدد من الأجيال التي تخرجت على أياديهم.
فالكثير من المغاربة، ستتحرك في دواخلهم ذكريات من زمن قد مضى، سواء تعلق الأمر بالتلاميذ، أو الذين عملوا بهذه المؤسسات.
ثانويات، منها التقنية والعلمية والأدبية وغير ذلك، كل واحدة لها مكانة في قلوب الملايين من المغاربة، ويتقاسمون فيها ذكريات كثيرة.
بيان اليوم، تستعرض تاريخ أهم الثانويات، تدقق في تفاصيلها، وتستعيد أهم الأحداث فيها، وتقف على محطات رئيسية في مسارها، وتذكر بأسماء كثيرة تخرجت منها.
ثانوية عمر بن عبد العزيز بوجدة ..
ذاكرة أجيال من جنسيات مختلفة
تعد ثانوية عمر بن عبد العزيز أول ثانوية بالمغرب وذاكرة تاريخية لمدينة وجدة، ومؤسسة النخب العلمية والسياسة والسوسيو-اقتصادية من جنسيات مختلفة مغربية جزائرية وفرنسية … كما تعد معلمة تاريخية ومعمارية وثقافية.
لقد تأسست ثانوية عمر بن عبد العزيز سنة 1915 في عهد الحماية كانت في البداية تحمل اسم ثانوية الفتيان lycee des garçons قبل ان تحمل اسمها الحالي مع بداية الموسم الدراسي 1959 – 1960.
إن ماضي ثانوية عمر بن عبد العزيز غني بالذكريات الانسانية. فالبعض يعتبر هذه الثانوية بوليتكنيك polytechnique المغرب فقد ساهمت ولعدة عقود من الزمن في تكوين عديد من الكفاءات في مختلف التخصصات نذكر من بينهم على سبيل المثال لا الحصر عمر بن جلون مستشاران ملكيان الحبيب سيناصر ومزيان بلفقيه وزوليخة نصري، أحمد عصمان، عبد اللطيف بن عزي، عبد العزيم الحافي، رئيس الجمهورية الجزائرية عبد العزيز بوتفليقة ووزيره في الطاقة والمعادن خليل شكيب، محمد مباركي وعشرات من الاطر العليا في مناصب علمية بكل من المغرب والجزائر وفرنسا.
كما درس بثانوية عمر بن عبد العزيز ولاة نذكر من بينهم ولاد الشريف عامل تزنيت سابقا دون اغفال البروفيسور بنميون الذي كان ملحقا بالإطار الطبي في محيط المرحوم الملك الحسن الثاني طيب الله تراه وكريستيان دو طوا المدير السابق لقناةTF1 التلفزية الفرنسية.
وقد تعاقب على شؤونها الادارية والتربوية عدد مهم من المدراء أمثال الفرنسي ايف ازنكوط الذي كان يجمع بين مهمة مدير ومدرس لمادة الرياضيات بنفس الثانوية ثم السادة: بناني، الاسماعيلي، عياد، العثماني، وحاليا مادي حسن.
لقد احتضنت ثانوية عمر بن عبد العزيز تلاميذ مسلمين ويهود ومسيحيين وساهمت بشكل إيجابي في زرع قيم التسامح والإخاء بين مختلف الاديان وسط التلاميذ والاساتذة ناهيك عن دورها الطلائعي في مجال النضال السياسي ضد المستعمر الغاشم.
وبخصوص البنية التحتية فثانوية عمر بن عبد العزيز تضم حاليا 10 أقسام تحضيرية منذ موسم 1993 – 1994: أربعة اقسام تحضيرية في الرياضيات و6 في التكنولوجيا والعلوم لفائدة حوالي 340 تلميذ. أما عن السلك التأهيلي فتضم 29 قسما يدرس بها حوالي 1300 تلميذ.
وفي إطار انفتاح الثانوية على محبطها الخارجي، تمكنت المؤسسة من ابرام شراكات مفيدة على المستويين الوطني والدولي مع مؤسسة عمر بن عبد العزيز التي تهتم بتقديم الدعم للطلبة الداخليين ثم مع تيلكوم اتصالات المغرب التي تحملت مصاريف السكن لفائدة الطلبة ومؤسسة مولاي يوسف بالرباط والمجلس الجهوي العلمي بالجهة الشرقية. كما أبرمت ثانوية عمر بن عبد العزيز شراكة مع وكالة تنمية الشرق من أجل تحديث المكتبة الخاصة بالأقسام التحضيرية وتجهيزها بقاعة متعددة الوسائط.
اما على المستوى الدولي فقد أبرمت ثانوية عمر بن عبد العزيز اتفاقية للتبادل البيداغوجي مع الجامعة الامريكية اوهايوا وذلك لإغناء مركز المواد البيداغوجية باللغة الانجليزية.
وللتذكير فقد احتفلت ثانوية عمر بن عبد العزيز مؤخرا بالذكرى المئوية لتأسيسها (1915 – 2015) وكانت فرصة سانحة لاستحضار ماضي وتاريخ الثانوية الذي يمتد لمسافة قرن من الزمن.
وخلاصة القول فثانوية عمر بن عبد العزيز بوجدة يمكن اعتبارها مؤسسة التميز بامتياز وستظل محل إعجاب وتقدير وفخر لدى المغاربة والفرنسيين والجزائريين.
خليل البخاري