أكد محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أن حزبه يولي عناية كبيرة للهاجس الاجتماعي، وأنه لا يكتفي فقط بالترويج للمواقف المرتبطة بالمشروع التقدمي، والتي هي أساسية، بل يعمل في الميدان إلى جانب عموم المواطنين والمواطنات.
وذكر محمد نبيل بنعبد الله، في كلمة له، خلال الندوة الفكرية التي نظمها فضاء التنمية الاجتماعية لحزب التقدم والاشتراكية، يوم الجمعة الماضي بالرباط، أن العمل الاجتماعي الذي يضطلع به الحزب لتقديم ما هو ملموس للمواطنين والمواطنات، إلى جانب القيام بوظيفة التأطير والتربية على القيم دون السقوط في العمل الخيري الصرف، هو ربط حقيقي بين ما يؤمن به، ويروج له، وبين ما يقوم به على أرض الواقع.
واستدل الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، على ذلك بالعمل الاجتماعي الجبار الذي قام به مختلف وزراء حزب التقدم والاشتراكية في مجالات الصحة والتشغيل والسكنى، والماء، والثقافة، مشيرا إلى أن كل وزراء الحزب الذين تحملوا المسؤولية تركوا بصمات مهمة على المستوى الاجتماعي.
من جانبه، أثنى عبد الواحد سهيل عضو الديوان السياسي للحزب والذي أدار أطوار هذه الندوة الفكرية، (أثنى) على فضاء حزب التقدم والاشتراكية للتنمية الاجتماعية، في أول نشاط له، بعد التأسيس، مشيرا إلى أهمية اشتغال الفضاء على العمل التضامني والفعل التنموي، في الوقت ذاته الاشتغال على قضايا الفكر، وتطوير آليات التفكير والاستفادة من التجارب، مبرزا أن التنمية الاجتماعية لها عدة تعريفات، لكن تعريف الأمم المتحدة يدمج الأبعاد غير الاقتصادية في التنمية مثل الكرامة والحرية والتكوين، على اعتبار أهمية تكوين أجيال مفيدة للمجتمع تكون مستقلة بقراراتها وقادرة على أن تساهم في بناء المجتمع.
وقال عبد الواحد سهيل “إننا في حزب التقدم والاشتراكية، مدعون ليسترجع الحزب مكانته وهيبته في مجال التفكير خاصة في ظل هذا العالم الذي بات يتغير بسرعة”، مشيرا إلى أهمية موضوع الندوة وهو “مكانة منظومة التربية والتكوين في النموذج التنموي الجديد”.
وأضاف عضو الديوان السياسي لحزب الكتاب، أن فشل النموذج التنموي له علاقة وطيدة بفشل منظومة التربية والتكوين، وأن من بين مظاهر هذا الفشل هو إقصاء التعليم الأولي بالإضافة إلى إشكالات ومظاهر أخرى، وبالتالي يرى عبد الواحد سهيل، أن الحديث عن النموذج التنموي الجديد لا يستقيم دون حل معضلة التربية والتكوين، وأنه لا يمكن الحديث عن التنمية الاقتصادية دون تكوين الإنسان.
بدوره أكد البروفيسور الحسين الوردي، وزير الصحة السابق وعضو اللجنة المركزية للحزب، أن مسلسل الإصلاحات التي عرفتها منظومة التربية والتكوين، هو نموذج مغربي مكلف، لم تصل ثماره للمواطن، وأن تطبيق الإصلاح عرف تدبدبا وترددا، بسبب البطء الإداري، مما أدى في نظره إلى تراكم العجز نتيجة خلافات سياسية ضيقة، مشيرا إلى أن العوامل السياسوية هي التي أفشلت عملية التغير برمتها.
وأضاف الحسين الوردي، أن أزمة التربية والتكوين هي أزمة بنيوية وهيكلية وأخلاقية عميقة تهدد مستقبل البلاد، مشيرا إلى أن جل التقارير والدراسات وآخرها تقريري بنك المغرب والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، أقرا أن أضعف حلقة هو التعليم الذي بات يعمق الفوارق الاجتماعية.
وبحسب الحسين الوردي، هناك حاجة إلى بلورة نموذج تربوي جديد، يضمن نفس الحظوظ ويحد من الفوارق الاجتماعية، ويساهم في ضمان اقتصاد مستدام في إطار نموذج تنموي جديد يساهم في إنتاج الثروة، مشيرا إلى أن التعليم يندرج في خانة الثروة التي يتعين توزيعها بعدالة وإنصاف، من خلال فك الارتباط بين الفوارق الاجتماعية والفوارق المدرسية.
وشدد المتحدث، على ضرورة بناء نموذج تربوي جديد يقوم على العدالة المدرسية وعلى تنمية الرأسمال البشري، على اعتبار أن المدرسة تخضع لتأثيرات الفوارق الاجتماعية، وأن كل من يلج المدرسة يكون محملا برواسبه وإرثه الاجتماعي كالفقر والهشاشة والأمية وغيرها، وهو ما يؤثر سلبا على معارف الطفل وعلى تمدرسه.
وخلص الوردي إلى القول بأن الفوارق المدرسية تغذي وتعزز الفوارق الاجتماعية، والعكس صحيح، وهو ما يفرض في نظره، ضرورة إنتاج مدرسة منصفة وعادلة قابلة للمحاسبة، وذلك من خلال اتخاذ مجموعة من الإجراءات والإصلاحات الرامية إلى الحد من الفوارق الاجتماعية من خلال إنتاج نموذج تنموي جديد، والرفع من المستوى التعليمي العام للساكنة ومحو الأمية وتفعيل إلزامية التعليم من 4 إلى 15 سنة، وتعزيز برامج الدعم الاجتماعي وإعمال الحكامة المسؤولة والقابلة للمحاسبة من خلال تحديد دقيق وشفاف لتدخلات مختلف الفاعلين وترسيخ ثقافة التقييم.
من جانبه، ذكر الأستاذ الجامعي الرفيق مهدي خالد بمختلف الإشكالات التي يعرفها مجال البحث والابتكار داخل الجامعة المغربية وفي مختلف مراكز البحث، مشيرا في السياق ذاته، إلى أهمية العنصر البشري في التنمية الاجتماعية، وأن تطور البلاد يكون أساسا مبني على ما تحفل به من خيرات طبيعية وبشرية.
وأضاف مهدي خالد أن البحث العلمي والابتكار هما رافعة أساسية للتنمية الاجتماعية، مبرزا أهم المعيقات المؤسساتية التي تحول دون تطوير البحث العلمي، من بينها ضعف الحكامة وضعف الإمكانات المادية المعتمدة للأبحاث داخل المختبرات.
وفي نظر مهدي خالد فإن البحث العلمي عرف انطلاقة حقيقية سنة 1998 عندما تم إحداث وزارة مكلفة بالبحث العلمي، وذلك من خلال تشكيل فرق البحث، وهيكلة البحث العلمي داخل الجامعة المغربية، لكن ذلك، يضيف المتحدث، لم يوازيه تطوير الإمكانيات المادية حيث لا تتجاوز الاعتمادات المرصودة للبحث العلمي 0.8 من الناتج الداخلي الخام، وهي اعتمادات غير كافية ولا يمكن أن تساهم في تطوير البحث العلمي ببلادنا.
يشار إلى أن هذا اللقاء عرف حضور مجموعة من أعضاء الديوان السياسي للحزب وفعاليات مجتمعية مختلفة، ومنتخبون، بالإضافة إلى أن هذا النشاط الذي قدم له سعيد أقداد عضو الجنة المركزية الحزب ومنسق فضاء التنمية الاجتماعية لحزب التقدم والاشتراكية هو أول نشاط ينظمه هذا الفضاء الذي أطلقه مؤخرا الرفيق البروفيسور الحسين الوردي، وزير الصحة السابق وعضو اللجنة المركزية للحزب، إلى جانب ثلة من المناضلات والمناضلين رغبة منهم في ربط العمل السياسي بالعمل الميدان وجعل العمل الاجتماعي جزء أساسي لربط الصلة المباشرة بالمواطنين والمواطنات.
محمد حجيوي