في الوقت الذي تسعى جامعة كرة القدم إلى هيكلة القطاع وتخليق الحياة الكروية ومحاربة الفساد وضبط أسلوب الممارسة، وفرض نوع من الحكامة على مستوى التسيير والتدبير، نجد الأندية المعنية أكثر من غيرها بالتحديث والهيكلة والتقنين، تعيش في واد والتصورات الجامعية في واد آخر.
فمنذ سنوات والقرارات الجامعية تنزل تباعا وتنادي بضرورة إدخال تغييرات عميقة على المشهد الكروي الوطني، وقطع الطريق مع نوع من التسيير السائد الذي عفا عنه الزمن، ولم يعد قادرا على مواكبة المتغيرات العميقة التي يشهدها عالم كرة القدم على الصعيد العربي والقاري، دون أن نتحدث عن المستوى الدولي الذي يبقى صعب المنال.
هذا الواقع المؤسف الذي يلازم الممارسة الرياضية عموما وكرة القدم على وجه الخصوص، أصبح يكتسي طابعا سلبيا في وقت ارتفعت فيه الميزانيات وتحسنت الموارد وغابت المراقبة، طغت بالمقابل الطرق الملتوية لصرف هذه الموارد، والسوق السوداء، وهذا ما يفسر التراشق بين المسيرين بعبارات تتهم مباشرة بالاختلاسات والتهديد بتفجير المسكوت عنه.
ما تحفل به الساحة من فضائح يعطي الدليل على أن الممارسة الرياضية غير سليمة تماما، فلا دخان بدون نار، في وقت تؤكد أعمدة الدخان المتصاعدة باستمرار من داخل القطاع الرياضي، أن نار التلاعبات تنخره من الداخل، وهو ما يفسر كذلك حالة الغليان التي تعرفها الأندية الكبيرة وتهافت أشباه المسيرين على مناصب المسؤولية والتشبث بالكراسي، رغم ارتفاع الأصوات المطالبة بالتغيير.
يقع هذا في غياب سلطة قادرة على حماية القطاع، مؤهلة لفرض المراقبة والمتابعة واتخاذ قرارات ردعية وتقديم ملفات الفساد للقضاء، لأن غياب هاته السلطة بمثل هذه المهمة الحيوية يجعل القطاع عرضة للسماسرة والمتلاعبين والانتفاعيين والتسيب على جميع المستويات.
فعقلية الانتفاع والاستفادة المباشرة وإتباع طرق ملتوية، يعطي نموذجا سيئا لباقي الأوساط، وبالتالي لا يمكن انتظار استثمارات مهمة وانخراط رؤوس أموال ومؤسسات كبرى، وهذا الرهان هو المستقبل وبدونه ستظل الرياضة الوطنية عموما عرضة للتجارب الفاشلة والممارسات السلبية، وسننتظر دائما بروز فضائح بالجملة…
محمد الروحلي