‎وضع “الثقة” في ‎الإطار الوطني

انطلقت الأسبوع الماضي، نسخة جديدة من البطولة الوطنية الاحترافية لكرة القدم، بتسجيل عودة مولودية وجدة لحظيرة الكبار، وصعود يوسفية برشيد لقسم الصفوة لأول مرة في تاريخه.  

وبإطلالة عن لائحة المدربين الذين سيشرفون على الجانب التقني للأندية، يتضح أن عدد الأطر الأجنبية تراجع مقارنة بمواسم أخرى، فمن أصل 16 مدرب بالقسم الأول، هناك فقط ثلاثة أسماء، وهي الإسباني غاريدو (الرجاء البيضاوي)، غاموندي (حسنية أكادير)، المصري طارق مصطفى (سريع وداي زم). 

تدخل الأطر الوطنية إذن غمار موسم جديد، معززة بمغربة أغلب الأطقم التقنية بفرقنا الوطنية، لكن السؤال الذي يبقى مطروحا، يتعلق بإمكانية حفاظها على هذا الحضور المتقدم، أم أن الأسماء ستتساقط كالعادة كأوراق الخريف؟ ونسجل في هذه الحالة، إمكانية الاستغناء عن المدرب ميمون واعلي الذي أشرف على تدريب شباب الحسيمة، والسبب كما يروج الهزيمة الثقيلة في افتتاح البطولة أمام الرجاء البيضاوي قد يعجل برحيله.  

هذا الجانب يدفعنا للحديث مرة أخرى عما يسمى بقضية المدرب الوطني، في علاقته بالأجهزة المشرفة على الشأن الرياضي عموما وكرة القدم على وجه الخصوص، وهي قضية عامة لا تقتصر فقط على المغرب، بقدر ما تعتبر قضية حاضرة في جل البلدان العربية والإفريقية، نظرا لارتباط المسألة بنمط من التفكير والتصورات الجاهزة. 

وإذا كان هذا النقاش قديما قدم الممارسة الرياضية، فإنه لم يتحول بعد إلى قضية وطنية، تصل بهذا النقاش إلى أبعد الحدود الممكنة، وذلك بجعل الدولة تتحمل مسؤوليتها كاملة، في إطار سياسة تكوين هادفة، ترمى إلى تمكين الإطار الرياضي الوطني من الأدوات التقنية والعلمية، وتأهيله وطنيا ودوليا، ليصل إلى المستوى الذي يؤهله ليس فقط للإشراف على تدريب المنتخبات الوطنية بجل الفئات، بل إلى تصدير الخبرة نحو بلدان أخرى، وهو هدف أسمى تجتهد العديد من الدول للوصول إليه.

الشائع أن تكوين مدربي كرة القدم بالمغرب، كان مرتبطا بمبادرات فردية، إذ عادة ما يتم لجوء اللاعب المتقاعد رياضيا، لمدارس ومعاهد دولية خاصة، على أساس شرط واحد، يتمثل في قلة التكلفة المالية، بغض النظر عن قيمة التكوين أو أسسه العلمية والبيداغوجية والتربوية، المهم بالنسبة له هو الحصول على دبلوم كيفما كانت قيمته.

ولنا في هذا الإطار الكثير من الأمثلة على الساحة الوطنية، حيث تحول بعض الممارسين السابقين بسرعة إلى مدربين “كبار” وصلوا إلى تدريب المنتخب الأول، سلاحهم الوحيد جسارة من نوع خاص ودبلوم حصل عليه في ظرف أسابيع معدودة، والنتيجة كما يعرف الجميع فشل على جميع المستويات…

للأسف، هذا النوع من المدربين كان هو السائد على الساحة الوطنية لسنوات خلت، إلا أن هذا لا يلغي وجود أطر مكونة بطريقة علمية صحيحة، عن طريق اجتهادات فردية، إلا أن هذه الفئة قليلة وقليلة جدا، إلى درجة أصبح فيه الصالح مثل الطالح وسط عالم اختلت فيه كل المقاييس، وتغيرت فيه الكثير من المفاهيم.

في السنوات الأخيرة تحملت جامعة كرة القدم المسؤولية بصفة فعلية ومباشرة على تكوين مدربي كرة القدم تحت إشراف الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، مما أعطى لهذه الشواهد نوعا من المصداقية، إلا أن هناك مجموعة من الملاحظات تطرح بقوة حول إمكانيات بعض الأسماء في التحول إلى مدربين ناجحين، في غياب مدارك عملية ومؤهلات شخصية تسمح للمكون بالاستفادة من كل مراحل التكوين، وعدم إهدار الوقت والجهد والميزانيات من أجل تكوين أفراد لا مؤهل لهم سوى أنهم مارسوا من قبل كرة القدم… 

Related posts

Top