إنفانتينو: علينا أن نخلع مظهر الساسة ونبدو كالمشجعين

قال الرئيس الجديد للاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) السويسري جياني إنفانتينو، إن مزيجا من الأحاسيس انتابته عقب فوزه برئاسة المؤسسة الرياضية الأقوى في العالم، مبرزا أنه تم حقن “فيروس” اللعبة في دمه منذ الصغر.
واستحضر إنفانتينو في حوار مع الموقع الرسمي لـ (الفيفا)، علاقته بكرة القدم وذكرياته مع نهائيات كأس العالم، مبرزا أنه يؤمن بفكرة رفع عدد المنتخبات المشاركة بالمونديال إلى 40 منتخبا، مع عدم إغفال بطولات الفئات العمرية.
وأشار إنفانتينو إلى أنه مع مشاركة اللاعبين السابقين ليس في صنع القرار فقط، بل في تطوير كرة القدم، ملمحا إلى أنه لا يمانع في إدراج التكنولوجيا لمساعدة حكام المباريات، معتبرا أن اللعبة لا تساوي شيئا دون مشجعين.

< لا يخفى على أحد مدى تأثرك عندما تم الإعلان عن انتخابك رئيساً جديداً لـ (الفيفا). ما هو أول شيء تبادر إلى ذهنك في تلك اللحظة؟
<< أعتقد أني مازلت لا أدرك ذلك تماماً. كان هناك مزيج من الأحاسيس. انتابتني جميع المشاعر التي يمكن أن تتملك الإنسان في نفس الوقت: السعادة والفخر والمسؤولية … ثقل المهمة التي سأعكف عليها، ولكن أيضاً الشغف والطاقة للقيام بالواجب على الوجه الأمثل. ولكم أن تتخيلوا كل ذلك ينتابني في نفس الوقت وفي نفس الثانية، إلى درجة تجعلك لا تفكر في أي شيء، بل تكتفي فقط بإدراك الإحساس الذي يتملكك في تلك اللحظة. كانت العاطفة هي الإحساس السائد، تماماً مثل ما يجب أن يكون عليه الحال في كرة القدم.

< بالحديث عن ذلك، الجميع يعرف أنك تعمل في خدمة كرة القدم منذ سنوات، ولكن ماذا عن جياني عاشق الساحرة المستديرة؟ ما مدى أهمية هذه اللعبة في مختلف مراحل حياتك؟
<<  تم حقن فيروس كرة القدم في جسمي عندما كنت طفلاً. قام بذلك والدَيَّ الاثنان، وأبي على وجه الخصوص. كنت عاشقاً مجنوناً من عشاق كرة القدم، حيث كنت أسافر مع فريقي أينما حل وارتحل. أتذكر عندما كنت أقول “أنا ذاهب لحضور مباراة”، كنت أُجهز نفسي بارتداء سروال جينز وأسوأ قميص أملكه. أما الآن، فعندما أجلس لمشاهدة مباراة عليَّ أن أرتدي سترة وربطة عنق. أعتقد أننا بحاجة إلى تغيير ذلك، ومن موقعنا القيادي في إدارة اللعبة، يجب أن نشبه المشجعين بعض الشيء وأن نظهر أقل بمظهر السياسيين. إذا تذكرنا أننا بدأنا جميعاً كعشاق ومحبين لكرة القدم، فإن اللعبة ستصبح أفضل بكثير.

 < عندما كنت تلعب بانتظام ما هو الموقع الذي كنت تشغله فوق أرض الملعب؟
<< كنت عادة أجلس على مقاعد البدلاء – لقد رأيتموني خلال مباراتنا يوم 29 فبراير، ولذلك يمكنكم معرفة السبب! [يضحك] على أي حال، كنت أحب اللعب في الهجوم، إلا أنني لم أسجل العديد من الأهداف. في واقع الأمر، كنت ألعب فقط لأن والدتي كانت هي التي تتولى غسل قمصان فريق مدينتي. وهذا ساعدني على نيل الفرصة لخوض بضع دقائق من وقت لآخر، عندما كان فريقنا متقدماً في النتيجة ولم يمكن هناك أي خوف من أن أسبب الكثير من الضرر. ولكن مع ذلك فإنني كنت أستمتع كثيراً باللعب عندما كنت شاباً، كما هو الحال الآن كذلك.

< وماذا عن علاقتك مع كأس العالم؟ ما هي ذكرياتك الأولى؟
<<  ذكرياتي الأولى تعود إلى نهائيات 1978. كنت في الثامنة من عمري عندما بدأت أشاهدها على شاشة التلفزيون مع والدي. أتذكر [دانيال] برتوني و[ماريو] كيمبيس في المباراة النهائية ضد هولندا. أتذكر المنتخب الإيطالي الذي بدأ بشكل جيد مع باولو روسي وأنطونيو كابريني، اللذين كانا لاعبين جديدين حينها … ثم كأس العالم 1982، بطبيعة الحال، حيث فازت إيطاليا باللقب. كانت تلك تجربة فريدة من نوعها بالنسبة لصبي يبلغ من العمر 12 عاماً. إنني أرى نفس الشغف الآن. لقد وقفت على ذلك بنفسي خلال نهائيات كأس العالم 2014. سويسرا بلد دولي للغاية، فعندما تأخذ أطفالك إلى المدرسة في الصباح تجد جميع الأمهات والآباء والأطفال يتحدثون عن فرقهم – الإنجليز والجزائريون والسويسريون والألمان … في مثل هذه الظروف يدرك المرء مدى أهمية كأس العالم، ويجب علينا ألا ننسى ذلك. يجب علينا صون هذه المسابقة دائماً.

< ما هي أفكارك المحددة بشأن بطولة كأس العالم ؟
<< لا يخفى على أحد أني أؤمن بزيادة عدد المنتخبات المشاركة في بطولة كأس العالم إلى 40 فريقاً. أربعون فريقاً ليس سوى 19٪ من أعضاء الفيفا، وهو رقم ليس بالكبير مقارنة مع نهائيات البطولات القارية، التي تشمل 30٪ إلى 100٪ من الفرق التابعة لها. إننا نعطي ثمانية بلدان إضافية الفرصة للمشاركة، ولكن العديد من الدول الأخرى تحظى بإمكانية حلم المشاركة؛ وخوض التصفيات بطريقة متينة للغاية. بالطبع هناك قضايا نحن بحاجة إلى تحليلها ومناقشتها، مثل: الأثر الذي يتركه ذلك على الجدول العام. شخصياً أعتقد أنه لن يكون له أي تأثير. ولكن علينا أن ننظر إلى هذه الأمور بعناية فائقة وجدية بالغة ومن ثم التحرك إلى الأمام.

< ماذا عن مسابقات (الفيفا) الأخرى؟
<< بالطبع بطولات الشبان والشابات تنطوي على أهمية بالغة. لذلك فمن المهم أيضاً أن نفكر في الفئات العمرية: هل مازلنا نركز على الفئات المناسبة أم أننا بحاجة إلى التركيز على فئات أصغر قليلاً. كما يتعيّن علينا معرفة ما إذا كان من المنطقي زيادة حجم البطولات النهائية، في أي حال، التأكد من أن المنافسات الدولية تنظَّم محلياً، بمساعدة من (الفيفا). ليس بإمكان كل بلد المشاركة في كأس العالم. بعض البلدان لن تشارك أبداً أو حتى أنها لن تحلم أبداً بالمشاركة في إحدى البطولات، سواء تعلق الأمر بالناشئين أو الناشئات، أو حتى بالرجال أو السيدات. ولكنها تحتاج بدورها إلى اللعب. يجب أن تكون (الفيفا) حاضرة لمساعدتها، لأن تنظيم المسابقات هو أساس كل ما نقوم به.

< هل لك أن تشاركنا توقعاتك حول بعض الأحداث القادمة خلال سنتك الأولى في منصب رئيس (الفيفا)؟
<< ستكون البداية، بالطبع، مع التصفيات: ستكون عبارة عن احتفال كبير بكرة القدم في جميع أنحاء العالم، حيث تحلم المنتخبات بخوض غمار كأس العالم في روسيا. ثم سنكون على موعد مع نهائيات تحت 17 سنة للسيدات في الأردن وتحت 20 سنة للسيدات في بابوا نيوغينيا … من المهم أخذ كرة القدم النسائية إلى هذه البلدان؛ وجعلها تنفتح على آفاق جديدة. سأكون هناك بالتأكيد وسيكون من دواعي سروري أن أشارك في هذه المسابقات، لنظهر للعالم أننا ممتنون إلى الأردن وبابوا نيوغينيا، وأننا أيضاً نؤمن بهما وبالأثر الذي يمكن أن تخلفه مسابقات من هذا القبيل في تلك البلدان وتلك المناطق.

< إلى جانب تنظيم المسابقات، يشكل تطوير كرة القدم محوراً آخر من مهمة (الفيفا). ما هو حجر الزاوية الذي تقوم عليه أفكارك فيما يتعلق بمسألة تطوير اللعبة؟
<< لقد سافرت كثيراً إلى كل القارات وقمت بزيارة العديد من البلدان ورأيت احتياجاتها بأم عيني. أعتقد أنه بإمكاننا وينبغي لنا أن نفعل الشيء الكثير – ويمكننا أن نفعل الكثير انطلاقاً من القليل. ولكن، بشكل خاص، ما يتعين علينا القيام به هو الاستثمار في برامج مصممة خصيصاً لكل حالة على حدة، لأن الاحتياجات في بوتان، على سبيل المثال، ليست هي نفسها في مدغشقر أو سويسرا أو باراغواي. الاحتياجات مختلفة تماماً، وعلينا أن نحرص على توجيه تركيزنا بشكل محدد إلى كل اتحاد من الاتحادات الأعضاء الـ209، ومساعدته على تطوير كرة القدم وفقاً لاحتياجاته الخاصة.

 < هل من المنصف القول إن هناك حاجة إلى زيادة مشاركة اللاعبين السابقين، الرجال منهم والنساء، في عمليات صنع القرار داخل أسرة كرة القدم؟
<< علينا الاستماع إلى اللاعبين وإشراكهم في أنشطتنا، ليس فقط في عملية صنع القرار، ولكن أيضاً في تطوير كرة القدم والأنشطة الاجتماعية – لأننا نضطلع بمهمة بالغة الأهمية من حيث المسؤولية الاجتماعية كذلك. لقد رأينا أن اللاعبين السابقين يحبون المشاركة في أنشطة (الفيفا). إنهم حريصون على رد الجميل لكرة القدم التي منحتهم الكثير. يجب أن نكون قادرين على إدراجهم في العملية ولهذا السبب فإن من بين أولوياتي بالتأكيد تشكيل فريق أساطير ليتألق باسم (الفيفا) ومع (الفيفا) في جميع أنحاء العالم.

< تشمل مشاركاتك في الأنشطة الهامة خلال أيامك الأولى في منصب الرئاسة حضور الاجتماع السنوي العام لمجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم، والذي يضم في جدول أعماله مناقشات حول استخدام تقنية الفيديو لمساعدة حكام المباريات. ما هي وجهة نظرك حول هذا الموضوع؟
<< حسناً، تعتبر التكنولوجيا موضوعاً مهماً يجب أن نحلله بجدية. نحن نعيش في عام 2016 وبالتالي فإنه لم يعد من الممكن أن نغض الطرف على ذلك. لقد أصبحت تكنولوجيا خط المرمى حقيقة واقعة بالفعل، لذلك علينا أن ننظر في هذه المسألة ونجري الاختبارات على حالات واقعية، إن صح التعبير، لمعرفة أي نوع من التكنولوجيا ينبغي استخدامه، لأنه من المهم، بل ومن الحيوي، معرفة أي نوع من التأثير سيخلفه ذلك على نسق المباريات، علماً أن النسق المتواصل يُعد من خصوصيات كرة القدم. فهي لا تتوقف، بخلاف العديد من الرياضات الأخرى التي تتيح لك الوقت للاطلاع على الفيديو. إذا كان من الممكن ضمان استمرار النسق، نستطيع آنذاك أن نرى الكيفية التي يمكن بها للتكنولوجيا أن تساعد اللعبة. ولكن يتعيّن علينا أن نبدأ بإجراء اختبارات جدية عاجلاً وليس آجلاً.
 
<  لكن هل تعتقد أن هناك وسيلة لإيجاد ذلك التوازن المنشود بين استخدام التكنولوجيا بشكل أكبر مع ضمان عدم الإخلال بنسق اللعبة؟
<< قطعاً. أعتقد أن التكنولوجيا تتطور. إنها آخذة في التحسن مع مرور الوقت. ولذلك إذا تمكنا من مساعدة الحكام على اتخاذ القرارات الصحيحة والعادلة، فهذا جزء من الشفافية كذلك. وعلينا أن نكون قادرين على إيجاد السبل الكفيلة بتحقيق ذلك.

< بعد مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم، هناك مؤتمر (الفيفا) الثاني لكرة القدم النسائية والقيادة في 7 مارس. ما هي أفكارك بشأن تعزيز مشاركة المرأة في كرة القدم؟
<< نحن بحاجة إلى استراتيجية قادرة على تطوير كرة القدم النسائية. ليس في ملاعب كرة القدم فقط، ولكن في مدى اضطلاع النساء بأدوار قيادية في الاتحادات القارية والوطنية و(الفيفا) كذلك. ففي إطار عملية الإصلاح، يُعد هذا جزء لا يتجزأ من النظام الأساسي. ولهذا السبب يُعتبر 7 مارس تاريخاً هاماً جداً. وبالنسبة لكرة القدم النسائية، فإن الأمر يتعلق بالتنمية، كما قلت آنفاً: يجب أن نوجه تركيزنا على كل بلد وفق احتياجاته الخاصة. لا طائل من وضع استراتيجية عالمية، لأن الوضع في ألمانيا والولايات المتحدة مختلف عن ذلك الذي تشهده العديد من البلدان الأخرى. نعم، نحن بحاجة إلى خبرة الألمان أو الأميركيين – على سبيل المثال لا الحصر – لمساعدة الدول الأخرى على تحقيق أهدافها الإنمائية من خلال برامج مصممة خصيصاً لكل بلد. فبفضل الرغبة في تطوير كرة القدم النسائية التي وقفتُ عليها في كل مكان في العالم، أعتقد أننا سنكون قادرين على تحقيق نتائج باهرة.

<  تحدثنا كثيراً عن تجربة كرة القدم من موقع المشجع، حيث يرى الكثير من النقاد أن هناك هوة بين (الفيفا) وعشاق كرة القدم. ما هي الرسالة التي تريد أن توجهها لهم؟

<< أود أن أطلب منهم أن يثقوا بنا. أن يثقوا بي، لأني من محبي كرة القدم كذلك. أنا مثلهم. أنا أحب هذه اللعبة. وأنا أعرف ما يعنيه أن يسافر المرء كل أسبوع أو أسبوعين لمشاهدة فريقه المفضل، لأنني فعلت ذلك بنفسي مراراً وتكراراً. أنا أعلم ما يعنيه الشغف بكرة القدم ومتابعة فريق ما. كرة القدم من دون جماهير لا تساوي شيئاً. نحن بحاجة إلى اللاعبين ونحن بحاجة إلى المشجعين، وأعتقد أنه تم إهمال هذين العنصرين لفترة طويلة جداً. وقد حان الوقت لتغيير ذلك الآن. حان الوقت لإقحامهم وإشراكهم في كل ما نقوم به.

****

إنفانتينو في سطور

الاسم الكامل: جياني فينسينزو إنفانتينو
مكان الميلاد: بريج، سويسرا
تاريخ الميلاد: 23 مارس 1970
الحالة الإجتماعية: متزوج من لينا الأشقر إنفانتينو، 4 أبناء (أليسيا، وصابرينا، وشانيا سيرينا، داليا نورا)
التعليم: جامعة فرايبورج
اللغة الأم: الإيطالية والفرنسية والسويسرية الألمانية
اللغات الأخرى: الإنجليزية والأسبانية والبرتغالية والعربية

السيرة الذاتية:
قبل انتخابه رئيساً للاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، شغل جياني إنفانتينو منصب الأمين العام للاتحاد الأوروبي لكرة القدم منذ أكتوبر 2009، بعد أن انضمّ للمؤسسة سنة 2000.
قاد فريقاً مكوّناً من أكثر من 400 موظف ساعدوا على تعزيز مستوى كرة قدم المنتخبات والأندية في أوروبا، ودور الإتحاد الأوروبي للعبة كهيئة ناظمة لشؤون اللعبة تتمتع بالاحترام وتحظى بمصداقية دولية.
وخلال وجوده على رأس الهيكل الإداري للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وبالتعاون مع اللجنة التنفيذية، كثّف من عمل الاتحاد القاري لتوفير بيئة ديمقراطية ومستدامة للكرة الأوروبية.
قاد جياني الصراع ضد كافة الآفات والأخطار التي تهدد نزاهة كرة القدم في أوروبا، بما في ذلك كافة أشكال التمييز والعنصرية والعنف وأعمال التخريب والتلاعب بنتائج المباريات.

νأنشطة احترافية:
• انضم إلى الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في غشت 2000
• تم تعيينه مديراً لشعبة الشؤون القانونية وتراخيص الأندية في الإتحاد القاري في يناير 2004، وقاد جهود الإتحاد الأوروبي لكرة القدم لتوطيد العلاقات مع الإتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا والسلطات الحكومية
• تمت ترقيته لمنصب نائب الأمين العام، قبل أن يصبح الأمين العام سنة 2009
• تم تعيينه في لجنة الإصلاح بـ (الفيفا) لسنة 2016 في غشت 2015
• عمل أميناً عاماً للمركز الدولي للدراسات الرياضية في جامعة نيوشاتل قبل انضمامه إلى الإتحاد الأوروبي لكرة القدم، بعد أن شغل في السابق منصب مستشار لمجموعة من مؤسسات كرة القدم في إيطاليا وأسبانيا وسويسرا.

Related posts

Top