كما كان متوقعا فقد أحرج القرار الحكومي القاضي باعتماد جواز التلقيح كوثيقة حصرية لولوج بعض الأماكن العمومية والخاصة، ممثلي الأمن الوطني والدرك الملكي والسلطات المحلية، وأدخلهم في مواقف صعبة وأحداث مجانية مع المواطنين. بسبب صعوبة تطبيق قرار غير قانوني. ويضرب في أعماق حيواتهم الخاصة. بل إن هناك مواطنون باتوا يلوحون برفع شعار (سحب الثقة) من الحكومة التي خرجت (المايلة من الخيمة). والتي سبق وأمطرتهم بسيول من الوعود والتطمينات. حيث لم يروا سوى الارتفاعات الصاروخية في أسعار المواد الاستهلاكية والوقود، التي أفرغت جيوبهم. قبل أن يخرج قرار (جواز التنقل والولوجيات) الذي زاد من معاناتهم وتقييد حركاتهم.
لجن المراقبة تقوم بحملات خجولة، وتطلب الجواز من مواطنين لا يرتدون حتى الكمامة. وتتجاوز عن فرض العقاب بالتحذير والتهديد. وفي دواخل أعضائها غصص قرار لا تملك له أية آليات قانونية للتطبيق. كما أن القرار الحكومي المفروض أن يسري (صرفا) على كل المغاربة. تم تجاوزه من طرف المديرية العامة للأمن الوطني. حيث أجازت القبول بالولوج إلى مرافقها بتقديم نتيجة فحص كوفيد 19 (PCR) سلبية حديثة. على الحكومة أن تتراجع عن قرارها والاعتذار على زلتها. والاحتكام إلى منطق التنسيق والمشاورة مع كل فعاليات البلاد أغلبية ومعارضة والإنصات إلى نبض الشارع، قبل اتخاذ قرارات أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها سالبة لحرية الشعب.
لا يمكن تقييد حركة المواطن، والتسبب في حرمانه من التنقل والتبضع والعمل، بفرض قرار التوفر على (جواز التلقيح)، بينما تعتبر الحكومة أن التلقيح ضد الفيروس هو اختياري. بمعنى أن الحكومة مصابة بمرض النسيان، أو أنها لا تعترف بقرار الحكومة السابقة والمبني على أسس قانونية.
كما أن الحاصلين على جواز التلقيح، ليسوا معصومين من فيروس كوفيد 19 ومتحوراته. حيث يمكنهم التعرض للإصابة بالفيروس، كما يمكنهم نقل الفيروس. وهي أمور لا تحتاج إلى أدلة، فالمئات من المستفيدين من اللقاحين الأول والثاني أصيبوا بالوباء، ومنهم من توفوا.
للنظر إلى ما يعرفه الآن الشارع المغربي والمطاعم والمقاهي والمحلات التجارية والخدماتية والمرافق الإدارية وأماكن العمل العمومي والخاص، من اصطدامات ونزاعات وتعطيل للسير العادي. بين من يسعى لتطبيق قرار الحكومة إرضاء أو احتراما لها، أو خوفا منها. وبين المعنيين بتطبيق القرار واستظهار (جواز التلقيح)، كلما أرادوا ولوج محل تجاري أو مرفق عمومي أو خاص أو غيره. من يمتلك الصفة الضبطية ومن يمتلك مفاتيح العقاب القانوني لكل من يخالف قرار الحكومة، وبأية وسائل ستتم عملية المراقبة؟؟. وإلى أي حد يمكن لتاجر أو صاحب مقهى أو مطعم أن يطبق قرار الحكومة، علما أن القرار سيضر بتجارته وخدماته. وسيتسبب في هجرة زبائنه؟؟ ..
وحتى إن اعتبرت الحكومة أن الوضع يتطلب فرض حالات الطوارئ وضرب بعض حقوق المواطنين من أجل مصلحتهم. فإن عملية الضرب والتجاوز يجب أن تكون مبنية على أسس قانونية. بمعنى لا يمكن فرض (جواز التلقيح) على مواطنين هم مخيرون بين التلقيح وعدم التلقيح. ولا يمكن اعتبار (جواز التلقيح) وثيقة ضامنة لحرية التنقل وممارسة الحياة العادية. لأن أسر المغاربة، عاشت الحزن والألم بسبب مرض مجموعة من حاملي الجواز ووفاة بعضهم.
بلاغ الحكومة لم يتحدث عن رواد قطاع التعليم المدرسي والجامعي والتكوين المهني من تلاميذ وطلبة وأطر تربوية وإدارية داخل المؤسسات التعليمية. علما أن تلك المؤسسات هي التي تعرف كثافة داخلها وبمحيطها. فهل سيتم التغاضي عن ما يجري ويدور بهذا القطاع، أم أن الحكومة تركت للوزارة الوصية حرية اتخاذ القرارات التي تراها مناسبة. علما أن الأمر يتعلق بقرار يدخل في إطار اللجنة الوطنية الصحية. وأن الضرورة تقتضي أن التلاميذ والطلبة أولى بالاهتمام.
وزير الصحة (القديم/ الجديد) خالد أيت طالب، الذي كنا ننتظر منه تقديم توضيحات وتسهيلات تذيب جليد الغضب والسخط على القرار الحكومي ويقدم لنا تطمينات تهدئ من روعنا. خرج ليهدد المغاربة بضرورة التوفر على جواز التلقيح، وأن هذا الجواز سيتم سحبه من المواطن بعد مرور ستة أشهر، وفي حالة إذا لم يبادر إلى الاستفادة من اللقاح الثالث.
حكومة تؤكد للمغاربة أن التلقيح اختياري، وبعدها تضغط بأساليب مختلفة نحو فرض التلقيح بطرق غير مباشرة. قبل أن (تخرج من روندتها)، وتلزم المغاربة بضرورة التلقيح.
سحب القرار والاعتذار أقل ضررا من التشبث به. فالوضع الصحي المغربي يسير من حسن إلى أحسن. وحتى التجمعات البشرية، قلت، فبرودة الطقس مع دخول فصل الخريف، أنهت التجمعات الشاطئية والحفلات والأعراس. كما تقلصت فترات استعمال المقاهي والمطاعم ليلا.و.. وبمزيد من التحسيس والمراقبة والتتبع للخلية الصحية الوطنية وفروعها سنتمكن بحول الله من جلاء الوباء.
وحتى إن قبلنا بها الجواز، فماذا سيفعل المواطن الذي لم يتلقى أي لقاح مثلا، وهو مضطر في يومه للسفر أو العمل أو التبضع و.. ليدرك الأخ نوش أن قراره ما منوش.. وإن معادلته يصعب حلها. فلا يمكن أن يكون التلقيح اختياريا وجواز التلقيح إجباريا..
يبقى أن نطرح سؤالا أخيرا بخصوص البلاغ. كيف سيتم التعامل القانوني مع مواطن خرق القرار.. لأنه لا يمكن اعتقاله داخل أي مرفق عمومي لدى الأمن الوطني أو الدرك الملكي أو السجن أو المحكمة أو مقرات السلطة فهي ببساطة مؤسسات عمومية لا يلج إليها إلا من يتوفر على جواز التلقيح حسب بلاغ الحكومة طبعا هههه.. أظن أن الشعب المغربي (يستاهل أحسن) من هكذا ممارسات … فارتقوا بنا حفظكم الله.
بقلم: بوشعيب حمراوي