بعد أسبوع من النقاش الفكري والثقافي بين شبيبة حزب التقدم والاشتراكية وشبيبة حزب الصواب الموريتاني، تختتم اليوم فعاليات الجامعة الصيفية التي نظمت تحت شعار ” الشباب رافعة أساسية لبناء صرح مغاربي قوي” والتي احتضنتها مدينة الداخلة خلال الفترة ما بين 16 و22 شتنبر الجاري.
وضمن برنامج هذه الجامعة الصيفية للشبيبة الاشتراكية، أطر مصطفى عديشان عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، أول أمس الثلاثاء، ورشتين تكوينيتين، الأولى حول موضوع “التمكين السياسي للشباب والنساء” ، والثانية حول “حزب التقدم والاشتراكية والنضال من أجل المساواة “.
وفيما يتعلق بالورشة الأولى، أكد عديشان على أن التمكين السياسي للشباب والنساء يرمي الى جعلهما ممتلكين للقوة والإمكانيات قصد إبراز قدرتهما كعنصرين فاعلين في المجتمع ومساهمين في التغيير، إضافة إلى تعزيز قدراتهما في المشاركة السياسية بصورة جدية في كافة نشاطات المنظمات السياسية من أحزاب ونقابات ومجتمع مدني.
واعتبر المتحدث ذاته، أن الشباب عبارة عن فئة عريضة تتوفر على طاقات وإمكانيات متنوعة، فضلا عن كونها بمثابة رأسمال بشري وقوة اجتماعية هائلة تختزلها جل المجتمعات وجب استثمارها عبر اشراكها ” أي الشباب” في عملية البناء الديمقراطي من أجل المساهمة في البناء والنماء.
وفيما يتعلق بعلاقة الشباب بالعمل السياسي، أشار عديشان إلى أن نفور الشباب من العمل السياسي تقف وراءه مجموعة من العوامل، بداية بعجز الأحزاب السياسية بصفة عامة عن مواكبة تطور المجتمع، وكذا حدوث أزمة ثقة بين الشباب والمنتخبين بفعل تعميق الفوارق الاجتماعية، فضلا عن تصاعد خطابات العدمية والتبخيس في ظل ضعف الوعي السياسي والطبقي.
وفي السياق ذاته، أكد عضو الديوان السياسي لحزب “الكتاب” على أن آلية “الكوطا” بشكلها الحالي قد استنفدت أغراضها كآلية مرحلية، وذلك بعد أن حولتها عقود من الممارسة إلى آلية لتحجيم المشاركة السياسية للنساء وحصرها في قوالب تمييزية، داعيا بذلك إلى ضرورة مراجعة مساطرها حتى يتسنى لها خدمة رهاناتها الديمقراطية.
واستعرض مصطفى عديشان، في الورشة الثانية، المسار النضالي لحزب التقدم والاشتراكية من أجل المساواة بين الجنسين، ومن أجل تمكين المرأة المغربية من حقوقها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، مشددا في الوقت ذاته، على الدور الذي اضطلع به حزب الكتاب في الكفاح من أجل تحرير المرأة، باعتبارها جزء لا يتجزأ من المعركة في سبيل البناء الديمقراطي.
وأكد مصطفى عديشان، على أن النضال من أجل المساواة متأصل في مرجعية حزب التقدم والاشتراكية، الذي ظل منذ تأسيسه يطالب بتمكين النساء واحترام حقوقهن على جميع المستويات كالحق في العمل وإقرار نفس الفرص ونفس الأجر وإمكانية الترقي بين الجنسين، وضمان المساواة الفعلية في التعليم والتكوين.
وعرج مصطفى عديشان على مرحلة تأسيس الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، من طرف نساء حزب التقدم والاشتراكية في يونيو 1985 وذلك بهدف العمل على تطوير مكانة المرأة في المجتمع، مبرزا التطور الذي عرفته قضية المرأة وكيف فرضت نفسها في صلب النقاش الديمقراطي والحقوقي ببلادنا، والمكاسب التي تحققت في هذا الاتجاه، حيث تم تعديل مدونة الأسرة، وتعديل مجموعة من القوانين كمدونة الشغل وقانون الجنسية، وقانون الكفالة ورفع التحفظات على مجموعة من الاتفاقيات الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، إضافة إلى إدماج مقاربة النوع في المؤسسات العمومية والبرامج الحكومية.
من جانب آخر، شدد عضو الديوان السياسي على أن قضية المساواة بين الجنسين، في الحقوق والوجبات، تشكل بالنسبة لحزب التقدم والاشتراكية، إحدى المرتكزات الثابتة في مشروعه المجتمعي وفي مساره النضالي على امتداد تواجده منذ أزيد من 77 سنة في الحقل السياسي المغربي، مشيرا إلى أن دستور 2011 جاء لينتصر لمبدأ المساواة والمناصفة متوجا لنضالات القوى الوطنية والتقدمية والديمقراطية والحركة النسائية.
من جهته، قدم مسؤول الإعلام في المنظمة الشبابية لحزب الصواب محمدو الإمام الشريف ورقة تحت عنوان “العلاقات بين المدن التاريخية في المغرب العربي”.
وقال محمدو الشريف إن العلاقات العامة تلزم الفرد بالقيام بالعلاقات مع مختلف أفراد المجتمع، فمدن المغرب العربي كانت مثالا يحتدى به في نوعية العلاقات، حيث نشأت هذه العلاقات منذ قدوم المرابطين لهذه البلاد في القرن الأول للهجرة، مشيرا بذلك إلى نموذج العلاقة بين مدينة “تشيت” التي تأسست سنة 536 هـ على يد الشريف عبد المومن، مع بعض مدن جنوب المغرب.
واعتبر الإمام الشريف على أن هذه العلاقة بين مدينة “تشيت” ومدن جنوب المغرب كانت تتميز بروابط تجارية تجارية كبرى ممثلة في قوافل لبعض التجار محملة بالمواد الغذائية وتصل حتى سجلماسة ووهران، وتظل منتظمة عبر الصحراء حتى في فترات الأوبئة والمجاعات.
من جهتها، قدمت سلّم بنت أوفى عضوة المكتب التنفيذي للمنظمة الشبابية لحزب الصواب، ورقة حول “مدارس الطب التقليدي في موريتانيا مدرسة اهل أوفى نموذجا” مشيرة إلى أن صوت العمل الإنساني، كان يتدفق، في مجال الخدمات الطبية، مثل مياه دافئة تسكب في الحقول اليابسة لتحول يباسها إلى خضرة زاهية فتتفتح أزهارها، فما من إنسان سواء كان طبيباً أو ممرضاً أو فنياً أرتاد هذا المجال إلا ويسعى كثيراً لنشر ظلال الرحمة في قلوب المرضى.
وأضافت المتحدثة، أن موريتانيا عرفت منذ القرن التاسع عشر نهضة في علم الطب التقليدي، عبر مختلف جهاتها, وكان لها دور عظيم في معالجة الأمراض الشائعة في المجتمع داخل بيئة قاسية، ومن ابرز من مارس هذا النوع من الطب، الطبيب والعالم الجليل لمرابط أوفى بن أبي بكر اللألفغي الذي كتب في الطب مصنفا عظيما عرف ب ( عمدة أوفى).
< عبد العزيز أكرام (صحفي متدرب)