فشل المقاربة التحكمية

أدلت قيادية معروفة في حزب الحركة الشعبية بتصريحات تضمنت اتهامات قوية للحزب الذي يقود التحالف الثماني، واستنكرت بتعابير قوية ووقائع صارخة ممارسات تقول إنها مورست ضد حزبها بمناسبة الانتخابات الأخيرة.
وكان امحند لعنصر نفسه قد أقر بفشل حزبه في الاستحقاقات، وأعلن أنه يتحمل المسؤولية عن ذلك، كما أن زعيم الاتحاد الدستوري كشف في أكثر من تصريح بأن حزبه ليس ملزما بالخضوع لموقف التحالف الثماني من مسألة التحالف مع العدالة والتنمية المتصدر لنتائج اقتراع الجمعة.
وبالإضافة إلى الحزبين المذكورين، فإن عددا من قياديي حزب الأحرار بدورهم شرعوا في التعبير عن كون فشل حزبهم في احتلال المركز الأول، مرده التبني المطلق لاستراتيجيات الأصالة والمعاصرة والارتماء اللامشروط في أحضانه، كما أن الحصيلة التي خرجت بها الأحزاب الصغيرة التي كانت هي الأخرى قد تدثرت بغطاء البام، وبنت أحلامها على تحالفها مع الجرار، تبين حجم الصدمة التي حلت بالتنظيمات المشار إليها، وهي الصدمة التي يقول عدد من المتابعين إنها كانت ستكون أشد قسوة لولا لجوء بعض الكائنات الانتخابية من ضمن مرشحيها إلى أساليبها المعروفة في عدد من المناطق، والتي مكنتها من الانقضاض على بعض المقاعد.
هنا نحن أمام خلاصة جوهرية كشفت عنها انتخابات 25 نونبر، ويجب تحليلها وتأمل مغزاها، ويتعلق الأمر بالمقاربة التي انطلقت بتأسيس الحزب الأغلبي، ثم تشجيع الترحال داخل البرلمان السابق، وإعلان تحالف هجين مؤخرا، وإرفاق كل هذا بتضييقات متنوعة على أحزاب جادة (ضمنها حزب التقدم والاشتراكية)، ومحاولات تطويع الفضاء السياسي الوطني، ونشر التحكم في مكوناته وفي مساراته.
اليوم هذه المقاربة هي التي فشلت، وتلقت صفعة قوية، نأمل ألا تمس بلادنا ومستقبل مكاسبها الديمقراطية، ومن رجاحة العقل أن يقر منظرو هذه المقاربة التحكمية بفشلهم وبهزيمتهم، ويعلنوا للشعب المغربي أنهم أخطأوا الطريق من البداية.
المغاربة الذين أدلوا بأصواتهم يوم الجمعة رموا الطبقة السياسية بقلقهم وبحيرتهم وبحجم الطلب الاجتماعي المعبر عنه وسطهم، وأيضا بحاجتهم إلى الجدية، وإلى تعزيز دينامية التغيير والدمقرطة والتحديث والتنمية.
وكما أن أصحاب المقاربة التحكمية عليهم أن يعترفوا بهزيمتهم وبمسؤوليتهم، فإن القوى الديمقراطية والحداثية الحقيقية مطالبة، هي الأخرى، اليوم بتأمل جدي لمقارباتها ولموقفها من المشاركة في تعزيز البناء الديمقراطي ببلادنا، حيث أن الاستكانة إلى موقع المتفرج والمنتقد الأبدي لكل شيء أصبح سلوكا يضر بالديمقراطية وبالديمقراطيين، خصوصا في المعارك الانتخابية الحاسمة.
الأساسي اليوم أن بلادنا عبرت محطة الانتخابات، وعلينا اليوم تقوية اليقظة والذكاء السياسي لجعل بلادنا تنجح في المقبل من المحطات، ولتمكين شعبنا من الاطمئنان على مكاسبه الديمقراطية، وعلى تحسن أوضاعه الاجتماعية.
[email protected]

Top