قال نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، إن من يروج لوجود قطبين أساسيين في الصراع السياسي في المجتمع المغربي اليوم، أحدهما نكوصي رجعي والثاني حداثي ديمقراطي، يضيف له البعض صفة تقدمي.. إنما يريد جر البلاد إلى مستقبل مجهول”.
وأضاف نبيل بنعبد الله، الذي حل، صبيحة أمس بالدار البيضاء، ضيفا على “حركة ضمير” ضمن سلسلة اللقاءات التواصلية التي تعقدها مع ممثلي الأحزاب السياسية المشاركة في الاستحقاقات التشريعية المقبلة، أن حزب التقدم والاشتراكية، انطلاقا من مرجعيته وقناعاته الراسخة، يعتبر بأن الصراع اليوم في المغرب، يظل أساسا متمحورا، حول من يريد دولة المؤسسات والديمقراطية الحقة وبلورة الدستور بجميع مضامينه، وتفعيل التوصيات الموجودة فيه، بغض النظر عمن يتولى تدبير الشأن الوطني على المستوى الحكومي، من جهة، وبين طرف يعتبر بأنه يدافع عن تصورات بالية وقديمة، تسعى إلى الاستمرار في الحفاظ على القرار سواء كان القرار سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا أو غير ذلك.
وأوضح نبيل بنعبد الله أن الأمر مرتبط أيضا بالدفاع عن مصالح الفئات التي يمثلها الحزب، طالما أن التعبيرات السياسية المختلفة تعكس الدفاع عن فئات اجتماعية، وأن هناك قضايا مجتمعية لها راهنيتها، وعنوانها البارز القيم التي تخترق المجتمع، ضمنها سيادة الحرية بمفهومها الواسع، وقدرة المجتمع على تطوير فضاءات الحرية في مختلف المجالات، وترك المجال السياسي دون تأثير، وإن كان ذلك صعبا على المستوى العملي دون تأثير الخطاب الديني، مقدما، بالمناسبة، أمثلة من المجتمعات الأوروبية التي تأثرت في عملها السياسي بالخطاب الديني، قبل أن يستدرك بالقول ويشدد، على أن حزب التقدم والاشتراكية، وكما كان دائما، سيظل ضد كل الأفكار النكوصية والدعوات التكفيرية ونداءات القتل.
وأكد نبيل بنعبد الله، أن حزب التقدم والاشتراكية، كان منذ تأسيسه بمعية فصائل سياسية أخرى، يعمل من أجل الدفاع عن المشروع الديمقراطي، وعلى سيادة دستور ديمقراطي، وعن قضاء مستقل، وعن استقلالية في القرار، وتقوية المجتمع المدني، وتشييد الدولة الوطنية الديمقراطية كهدف أسمى، أي دولة تدافع عن سيادتها باستكمال وحدتها الترابية، وعن استقلال قراراتها السياسية والاقتصادية وكذا استقلاليتها في عقد تحالفاتها وتعاقداتها، مع التوفر على شروط الحكامة السياسية الموجودة في أعرق الدول الديمقراطية، مشددا على أن الفيصل هو صناديق الاقتراع.
وأوضح نبيل بنعبد الله أن الدولة الديمقراطية هي التي تسود فيها مبادئ دولة الحق والقانون في المجال الاقتصادي، والمبادرة الاقتصادية، وتكون فيها الدولة محركا أساسيا في القطاعات الاستراتيجية والاستثمار الحر وتطبق فيها دفاتر التحملات وتحترم فيها الضوابط القانونية للصفقات العمومية، مع ضرورة التكامل بين دور الدولة والقطاع الخاص.
وشدد نبيل بنعبد الله على دورين أساسيين للدولة، يتجليان في نظره، فيما أسماه بالدولة الاجتماعية، من خلال التوزيع العادل للخيرات من جهة، وضمان الحد الأدنى للمواطنين في قطاعات السكن والتعليم والصحة وضمان الحياة الكريمة لهم، من جهة أخرى.
وأكد بالمناسبة، أن الحزب منخرط بقوة من أجل الدفاع عن القيم المرجعية الثقافية، وعن مغرب الانفتاح والتعدد، ومغرب الاختلاف والاعتراف بكل مكوناته بدءا باللغة الأمازيغية والحسانية ووصولا إلى عدد من القضايا الأخرى التي لا تقل أهمية.
وأضاف بنعبد الله أن الحزب كان سباقا قبل غيره، إلى حمل القضية النسائية والمسألة الأمازيغية، وقضايا أخرى تبناها الحزب في السنوات الأخيرة، واتخذ منها موقفا إيجابيا كقضية الإعدام والمساواة والإرث والإجهاض وغيرها.
وتابع قائلا “لا علاقة لنا بأي تصور نكوصي رجعي للمجتمع عندما تكون له نظرة دينية، لكن عندما نرى بعض المخاطر التي تهدد البلاد نعبر بشجاعة عن موقفنا وسنظل أوفياء لأيديولوجيتنا”. وأشار أيضا إلى أنه عند قيام العهد الجديد، تغيرت أمور كثيرة، كإصلاح المدونة، وفتح أوراش اقتصادية، وتطور حقوق الإنسان… وأنه أمام هذا الزخم من الإصلاحات التي باشرتها المؤسسة الملكية، كان لزاما على حزب التقدم والاشتراكية أن يجدد خطابه، وهو الأمر الذي تم في أحد مؤتمراته الوطنية الذي حمل شعار: “من أجل جيل جديد من الإصلاحات”.
وبالمناسبة، نفى نبيل بنعبد الله أن يكون قد حضر أي اجتماع تحضيري لـ “حركة لكل الديمقراطيين”، مؤكدا “لم أحضر أي اجتماع تحضيري لهذه الحركة، ولم أساهم في التأسيس، لقد رفضت ذلك، وقلت إني أختلف مع المشروع،” مشيرا في الوقت نفسه، أن الحركة دعت الحزب سنة 2008 واستجاب لها، وعقد لقاء عاديا معها ولم يكن تحضيريا. وأوضح نبيل، في ذات الصدد أنه “قيل لنا إن الحركة لن تتحول إلى حزب سياسي، وأنها ستساعد كل الديمقراطيين والأحزاب، بعد ذلك، صارت الأمور في اتجاه آخر، وهو ما رفضه التقدم والاشتراكية”.
وأكد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية أن “هذا التوضيح موجه لمن سمح لنفسه كذبا، أن يقول إنني كنت من المؤسسين، بل مؤسسي الحركة عددهم 11 ومعروفون بالإسم، لسنا في حاجة إلى بث التغليط في الساحة السياسية، لكي نلوث صورة قيادي سياسي وتحوير التاريخ والوقائع”.
وكان صلاح الوديع، رئيس حركة ضمير، فد استهل هذا اللقاء التواصلي، بكلمة تقديمية، اعتبر فيها أن هذه الجلسات التواصلية مع الأحزاب السياسية حول برامجها الانتخابية، تهدف أساسا إلى تقريب هذه المقترحات الحزبية من المواطنين، وكذا إبراز اجتهادات الأحزاب السياسية في هذه المحطات الانتخابية. وأضاف الوديع، أن لا ديمقراطية بدون أحزاب سياسية، وأن الديمقراطية هي صناديق الاقتراع، واحترام المواعيد الانتخابية. وأكد أن ما يهدد الديمقراطية هو إطلاق الفاعل الحزبي لوعود غير قابلة للتنفيذ وادعاء المظلومية من أجل تفادي المساءلة والمحاسبة وتسييد المصالح الفئوية.
حسن عربي