أجواء ما قبل العيد.. حركة ورواج استثنائيان يطغى عليهما انكماش الطلب

اقتراب عيد الأضحى بالمغرب توازيه حركية كبيرة في مجموعة من القطاعات، لما تحمله هذه المناسبة من ترتيبات وتحضيرات تنطلق قبل حوالي أسبوعين من العيد وتستمر لما بعده.
فكما جرت العادة تنطلق رحلة العديد من أرباب الأسر في البحث عن أضحية تناسب إمكانيات كل منهم، بمحاولة الاستطلاع والتقصي عن الأثمنة والأنواع المتوفرة، وكذلك ما تقدمه الأسواق، فمنهم من اعتاد على وضع الثقة في بعض الضيعات أو الكسابين المعروفين أو الفضاءات التي تفتحها بعض الأسواق الكبرى وآخرون يفضلون التوجه للأسواق الأسبوعية.
هذه السنة تعد استثنائية للباعة والمواطنين بسبب الظروف التي يمر بها المغرب، بعد موجة ارتفاع الأسعار التي همت كل القطاعات، فالكل يشتكي ارتفاع أثمنة الأضاحي المعروضة للبيع رغم أن الحكومة اتخذت تدابير وإجراءات من أجل الحد من هذا الارتفاع القياسي، حيث سبق لها أن حددت دعما قيمته 500 درهم مقابل كل رأس يتم استيرادها من أجل ضمان توازن الأسعار واستقرارها في السوق، مستهدفة جلب نصف مليون رأس، و الذي يظهر أنه رقم لم يحقق نظرا للعرض القليل و القليل جدا للخرفان المستوردة و المعروضة للبيع.
وكما سبق ذكره فقد حددت المتاجر التابعة لسلسلات “مرجان” و”مرجان سوبر ماركت” ومتاجر “اتقداو”، أثمان المنتوجات المحلية، في 69 درهم للكيلو غرام بالنسبة للحولي النوع الصردي، ونفس الثمن بالنسبة للخروف نوع بني كيل، أما الكبش سلالة تمحضيت فتم تسعيره بـ 67 درهما للكيلو غرام، فيما تم تثبيت سعر المعز في 66 درهما للكيلو غرام.
ويجد العديد من ساكنة مدينة الدارالبيضاء على غرار باقي المدن، هذه الأثمنة تفوق بكثير قدرتهم الشرائية، وقال أحد المواطنين وهو يتفرج على الأكباش المعروضة للبيع بمراب السيارات الخاص باحد الركبات التجارية المعروفة بمنطقة عين الشق بمدينة الدارالبيضاء، ” المواطنون جد متضررون ماديا هذة السنة وأغلبيتهم ملزمة بشراء الأضحية رغم ضروفه الصعبة، من أجل الأطفال والزوجة… لكن لا يعقل أن ترتفع الأثمنة بهذا الحد وسنة بعد سنة تستمر في الارتفاع”
في حين اختار اخرون التوجه نحو “الخراف المستوردة” – بحكم أن ثمنها مدعم من قبل الدولة ولا يتعدى 57 درهما للكيلو غرام الواحد- الا أنهم اصطدمو بمحاولات دون جدوى في البحث عنه، للعرض القليل جدا والمنعدم في أغلب نقاط البيع بالعاصمة الاقتصادية.
ومن جهتهم عزى عدد من الكسابين تواصلت معهم جريدة “بيان اليوم”، ارتفاع الأسعار خلال هذه السنة بالأساس إلى ” ارتفاع تكاليف الإنتاج جراء الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار الأعلاف ومضاعفات توالي سنوات الجفاف، وتراجع عدد رؤوس القطيع، بالاضافة لمحدودية دعم الدولة للكسابين ومربي الماشية، “.
وأكد عبدالطيف وهو أحد الكسابين الذي أختار استئجار أحد “الكاراجات” وسط العاصمة الاقتصادية لعرض أكباشه للبيع، ان الزيادة هذه السنة تتراوح ما بين 700 إلى 1600 درهم، مقارنة بالسنة الماضية، وان الكساب كالمواطن سيتضرر من الكلفة المرتفعة للأكباش، مشيرا إلى أن الأسواق متقاربة، وليس هنالك منطقة أرخص من منطقة يبقى فقط جودة وحجم الكبش من يتحكم في الثمن”.
وأضاف المتحدث ذاته أن مع اقتراب العيد قد تعرف الأثمنة انخفاضا نسبيا بسبب رغبة الكسابين في بيع ما لديهم من مواشي.

عيد الأضحى فرصة للانتعاش الاقتصادي..
وعلاقة بعيد الأضحى دائما، تشهد أسواق بيع الملابس والمعدات التي يستعملها المغاربة خلال هذه المناسبة حركة وإقبال كبيرا، حيث دأبت الأسر على اقتناء “كسوة العيد” في هذه المناسبة للأطفال وللكبار أيضا، بالإضافة لما يتطلبه عيد الأضحية من سكاكين وأواني و.
المثال من سوق “كاراج علال” المشهور وسط العاصمة الاقتصادية، حيث تتعالى أصوات الباعة ، في محاولة منهم الترويج لبضاعتهم وجذب اهتمام المارة سواء من الآباء والأمهات أو الأبناء الذين يرافقونهم.
وأوضح أحد الباعة بالسوق، أن هنالك وفرة كبيرة العرض بحيث يغطي طلب الزبائن، مضيفا أن كسوة العيد ومستلزماته لم تسلم من موجة الغلاء التي مست العديد من المنتجات في المغرب مؤخرا، حيث تم تسجيل ارتفاع ملحوظ في أسعارها مقارنة بالسنة الماضية.
وفي حديث مع أحد الأمهات وهي تتجول بين المتاجر بحثا عن ملابس لابنها، قالت “اقتناء كسوة العيد أصبح عادة لدينا في السنوات الأخيرة، لكن لا يجب استغلال هذه الفترة من طرف أصحاب المتاجر والرفع من الثمن، وعليهم مراعاة ظروف المواطنين”.
مهن “عيد الأضحى”…
تعد مناسبة عيد الأضحى فرصة للعديد من الشباب لتحقيق دخل إضافي خلال هذه الفترة، حيث تظهر بعض المهن الموسمية الصغيرة المرتبطة بهذه المناسبة، كبيع الفحم وأعلاف المواشي وتقطيع لحوم الخرفان وجمع وتجفيف جلودها.
ويظهر ما يطلق عليه “فندق الخروف” وهي خدمة مقدمة من بعض الشباب للمواطنين الذين يجدون صعوبات في إيواء أضحياتهم، بحيث تكون عادة عبارة عن متاجر أو مرائب فارغة أو خيام يتم تجهيزها لهذه المناسبة، ويمكن بالتالي لسكان الأحياء، الذين لا يجدون ، وضع خرفانهم داخل “فندق الخروف” مقابل مبلغ محدد مسبقا.
وتعتبر “فنادق الخروف” مكان أمنا للأضاحي ، حيث يتم إيواؤها وإطعامها منذ جلبها وحتى الليلة التي تسبق العيد، بل في بعض الأحيان حتى صبيحته، كما تعد « الفنادق » حاجة ضرورية للأسر التي لا ترغب في الانشغال بنظافة مساكنها أو رعاية الخروف خلال الأيام السابقة للعيد.

التجنيد الإجباري لعمال النظافة طيلة أيام العيد…
تبدأ مهمة عمال النظافة تأهبا لعيد الأضحى أيام قبله حيث يتم توزيع أكياس بلاستيكية على المواطنين والساكنة وإخلاء مطارح النفايات، وتستمر مهمتهم طيلة يوم العيد وحتى ساعات متأخرة من ليلة، من أجل تنظيف الأزقة والشوارع والأحياء السكنية، التي عادة ما تشهد تراكم أطنان النفايات المنزلية والتي تتعمد بعض الأسر الإلقاء بها بعشوائية ولامبالاة خارج منازلهم. هذه الأسر تسارع الزمن من أجل التخلص منها بالأزقة والشوارع والفضاءات والمساحات الخضراء، لتنضاف لنفايات ما قبل عملية ذبح الأضحية، ونفايات بعد تنفيذ عملية الذبح، زيادة على ما يخلفه الشباب مستغلوا الشوارع والأزقة، والذين يمتهنون مهن “عيد الأضحى كالذبح في الهواء الطلق، وتنظيف وشواء رؤوس وقوائم الأضحيات ونتف صوفها، تنظيف وتجميع الجلود أو “لبطانات” وغيرها.

عيد الأضحى: حركية الأسفار والمواصلات البديلة…

وتشهد هذه الفترة من السنة نشاط كبيرا على مستوى الأسفار بين مدن المملكة، حيث يرغب العديد من المواطنين الالتحاق بأسرهم سواء في المدن أو البوادي لقضاء فترة العيد رفقة الأهل، خصوصا أن هذه السنة يصادف العيد بداية فصل الصيف والعطلة الصيفية المدرسية وعودة المهاجرين إلى أرض الوطن.
ويبحث عدد من المواطنين عن طرق بديلة للسفر وتجنب غلاء أسعار تذاكر الحافلات الذي يرافق كل فترة عيد، إذ أصبح بعض المواطنين يفضلون السفر عبر القطار ومنهم من يختار مواصلات بديلة كالتطبيقات التي توفر رحلات عبر سيارات شخصية.
وأوضح هشام شاب في الرابعة والعشرين من عمره، يشتغل بسياراته الخاصة رفقة أحد التطبيقات المواصلات البديلة أن هذه الفترة يتزايد فيها الطلب إذ توفر هذه المواصلات البديلة سفر أكثر ارتياح وبثمن معقول، مؤكدا أن من مميزات هذه التطبيقات أن المسافر يختار بين الاثمنة المتعددة التي يعرضها المشتغلون في التطبيق.
واعتاد المغاربة في كل سنة على مواجهة ارتفاع أثمنة تذاكر الرحلات بين المدن وأكد عدد من المسافرين قرب محطة ولاد زيان أن أثمنة تذاكر السفر عبر الحافلات ارتفعت بشكل مضاعف، واصفين هذه الزيادات بـ”الخيالية”، كما طالب عدد منهم الجهات المسؤولة بالتدخل لتحديد أسعار معقولة للسفر، خصوصا خلال فترة الأعياد والمناسبات.
وفي هذا الصدد كان وزير النقل واللوجستيك، محمد عبد الجليل، قد أوضح في معرض جوابه عن سؤال خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب حول “زيادات غير مبررة في تسعيرة تذاكر النقل البري بين المدن”، أنه بمناسبة عيد الأضحى وعلى غرار المناسبات الدينية وفترات العطل يكون الإقبال مكثفا واستثنائيا على وسائل النقل العمومي للمسافرين، وهو ما يستوجب توفير وسائل نقل إضافية لتلبية الحاجيات الاستثنائية من التنقل.
وأضاف الوزير أن أسعار النقل العمومي للمسافرين أسعار “مسقفة وليست محددة”، وذلك منذ سنة مند 1996، لافتا إلى أنه عندما ينخفض الطلب على النقل العمومي يلاحظ انخفاض في الأسعار يمكن أن يصل إلى حوالي 50 في المائة مقارنة مع السقف المحدد من طرف الدولة. أما خلال الفترات العادية وعند الذروة، يتابع الوزير، ترتفع الأسعار من جديد على ألا تتجاوز التسعيرة القصوى المحددة بقرار لوزير النقل الذي يعود لسنة 1996 والتي لم تعرف أي ارتفاع بعد مرور 17 سنة.
وأكد المتحدث ذاته أن الوزارة منحت خلال عيد الأضحى سنة 2022 ما مجموعه 2512 رخصة استثنائية إضافية لنقل المسافرين، ولأجل ذلك وفي إطار المقاربة الاستباقية، تقوم الوزارة بتوجيه دورية إلى مصالحها الجهوية والإقليمية للتذكير بالتوجيهات الخاصة بهذه العملية.

إلياس ديلالي(صحافي متدرب)

Related posts

Top