وجه محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، انتقادات واسعة للحكومة الحالية، خصوصا في الظرفية الراهنة التي تعرف ارتفاعا مهولا في أسعار مختلف المواد الأساسية.
وقال بنعبد الله الذي حل ضيفا، الثلاثاء الماضي، على برنامج «نقطة إلى السطر» الذي تبثه القناة الأولى، إن غلاء الأسعار ليس قدرا يواجه المغاربة، مضيفا أن هذه الظرفية تحتاج إلى تدخل حقيقي وبإجراءات عملية لدعم القدرة الشرائية وتخفيف وطأة الغلاء على المواطنين.
وأبرز بنعبد الله أن الحكومة الحالية ومنذ ما يزيد عن سنة ونصف على تعيينها لم تقم بإجراءات حقيقية لدعم القدرة الشرائية، كما لم تلتزم بوعودها التي قطعتها في برامج أحزابها بشأن الدعم المباشر وحماية الطبقة المتوسطة وغيرها من الوعود.
وأوضح بنعبد الله أن الحكومة الحالية التي كانت تعتبر النموذج التنموي مرجعا أساسيا لها لم تعد في المرحلة الحالية تتحدث عنه أو حتى تذكره في شعاراتها، مشيرا إلى أنها تناست هذا النموذج وما جاء به من إجراءات.
وعوض اتخاذ إجراءات عملية، لفت الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية أن الحكومة الحالية أصبحت تلعب دور المتفرج في الوقت الذي وصلت فيه أسعار الخضر إلى مستويات قياسية وخيالية، ونفس الشأن بالنسبة للمحروقات ومواد أساسية أخرى، متسائلا عن الوقت المناسب الذي تنتظره الحكومة من أجل التدخل وحماية المواطنات والمواطنين الذين أصبحوا يعانون بشدة من آثار ما يحدث من غلاء.
وكشف بنعبد الله أن الحكومة الحالية لا تريد أن تتدخل بشكل مباشر، لكونها تحقق مداخيل غير متوقعة من هذا الغلاء، حيث حققت عبر الضرائب ما يزيد عن 50 مليار درهم خلال السنة الماضية، مبرزا أن الحكومة بذاتها اعترفت بتحقيق مداخيل غير منتظرة بلغت إلى نهاية غشت 2022 38 مليار درهم، مرجحا أن تكون مداخيل باقي السنة الماضية تتجاوز 50 مليار درهم.
وحول مجموعة من التعديلات والمقترحات التي تقدم بها حزب التقدم والاشتراكية للحكومة، أفاد بنعبد الله أن الحزب قدم مجموعة من المقترحات العملية لمواجهة أزمة الغلاء، من قبيل اقتراح يهم تسقيف الأسعار لمدة معينة وهذه مسألة واردة في القانون المؤطر لحرية الاسعار والمنافسة وهي إمكانية تملكها الحكومة، مشيرا إلى أن الحكومة رفضت هذا الاقتراح، كما رفضت اقتراحا يهم نقل أسهم لاسامير إلى الدولة والذي كان من الممكن أن يساهم في حل هذا المشكل المتعلق بالطاقة.
كما كشف بنعبد الله عن رفض الحكومة تعديلا تقدم به التقدم والاشتراكية في ما يتعلق بقانون المالية للسنة الجارية حول تنفيذ رسم على الأرباح الزائدة بنسبة 40 بالمئة، والذي قال إنه تم سحبه في آخر لحظة بالنسبة للشركات الكبرى وشركات المحروقات.
وزاد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية على أن الحكومة رفضت مراجعة هوامش الربح للشركات ومقترح يهم المراجعة ولو لمدة مؤقتة للضريبة المعتمدة على قطاع المحروقات، موضحا أن هذا المقترح هو قرار جبائي اتخذته مجموعة من الدول، من ضمنها اسبانيا البرتغال فرنسا، هولندا، ألمانيا، متسائلا عن تشبث الحكومة بعدم التدخل وحماية المواطنات والمواطنين والتفرج من بعيد على الأزمة.
إلى ذلك، أكد بنعبد الله أن ربط الغلاء بالمضاربين لا يعفي مسؤولية الحكومة، بل يفرض عليها أن تتدخل، مشددا على أن دورها يكمن في المبادرة واتخاذ إجراءات مستعجلة لحماية المغاربة ودعم قدرتهم الشرائية.
وحول التضخم، والقرار الأخير لبنك المغرب برفع سعر الفائدة إلى 3 بالمئة، شدد بنعبد الله على أن الاعتماد على المقاربة النقدية فقط لمواجهة التخضم تضل سياسة ناقصة والحل، بحسبه، يكمن في مقاربة أوسع وهي التدخل المباشر للدولة عبر محاربة المضاربة والإصلاح العميق لسلاسل التسويق والآلة الضريبية وهوامش الربح بالنسبة للمحروقات وكذلك المراقبة الحقيقية لما يجري على مستوى الأسعار.
وأوضح المتحدث أن من شأن الخطوة التي أقدم عليها بنك المغرب برفع سعر الفائدة أن يكون لها نتائج عكسية، ومن شأنها أن تؤدي إلى تقلص مسلسل الاستثمار وستضع قطاعات عديدة أمام مجموعة من الصعوبات بفعل ارتفاع نسبة الفائدة.
وشدد بنعبد الله على أن مواجهة التضخم تقتضي إرادة سياسية قوية وتدخلا سياسيا قويا، وإعادة النظر في مجموعة من الأمور الاقتصادية، وفي مقدمتها إصلاح حقيقي للاقتصاد الوطني.
وفي سياق تدعيم الحكومة لصندوق المقاصة، يرى بنعبد الله أن الأرقام التي تفتخر بها الحكومة بشأن دعم القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين من خلال تعبئة حوالي 26 مليار إضافية للصندوق، تتضمن مغالطات من قبيل الحكومة، مشيرا غلى أن هذا المبلغ الإضافي يدخل ضمن مداخيل استثنائية غير منتظرة حققتها الحكومة من أزمة الغلاء والتي فاقت 50 مليار درهم.
ويضيف بنعبد الله أن مبلغ 26 مليار درهم الذي تقوله الحكومة هو ما أداه المغاربة من جيوبهم في هذه الزيادات الأخيرة التي عرفتها الأسعار، معتبرا امن الأمر أشبه بإعادة تحويل جزء من المداخيل التي أداها المواطنون من جيوبهم، حيث دعا الحكومة إلى التوقف عن هذه المناورات واتخاذ إجراءات حقيقية من شأنها أن تسهم في تخفيف العبء عن الناس في هذه الظرفية الصعبة.
وفي نفس السياق، ذكر بنعبد الله بعديد من الوعود التي قدمتها الأحزاب المساهمة في الحكومة وكذا في التصريح الحكومي والتي وعدت بالشروع في 2022 بتقديم دعم بقيمة 400 للأسر المعوزة في أفق رفعه إلى 1000 درهم وكذا خلق مناصب شغل سنوية بعدد يتجاوز 200 ألف سنويا ويصل في نهاية الولاية الحكومية إلى مليون منصب شغل، وكذا إخراج مليون اسرة من الفقر، وغيرها من الوعود.
وسجل بنعبد الله أن الحكومة وعكس وعودها وتصوراتها أدت إلى تأخير الدعم المباشر، كما بسياستها إلى فقدان مناصب شغل ناهزت 24 ألف منصب شغل ضائع في 2022، بالإضافة إلى التحاق حوالي 3.2 مليون مغربي بالطبقة الفقيرة، حسب المندوبية السامية للتخطيط، متسائلا عن خطورة هذا الأرقام في ظل صمت حكومة وعدم قدرة على التدخل.
إلى ذلك، أكد بنعبد الله ان التقدم والاشتراكية لا يرى حاليا بوجوب حذف صندوق المقاصة، مشددا على أن اتخاذ هذه الخطوة يجب أن يرافقه إجراءات حقيقية ذات فاعلية من قبيل الشروع فعليا في صرف الدعم المباشر للأسر والفئات التي تستحق، وكذا وضع منظومة للمراقبة والحماية من أجل التدخل في حالة ارتفاع الأسعار.
وقال الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية إن اتخاذ قرار حذف صندوق المقاصة وإلغاءه بدون اتخاذ إجراءات مواكبة وإجراءات بديلة حقيقية سيكون حمقا سياسيا، مضيفا أن هناك حاجة للتدخل وضرورة توفر الإرادة السياسية لذلك، مذكرا بأن الحكومة السابقة حررت أسعار المحروقات واتفقت على أن تتدخل في حالة ارتفاع الأسعار، حيث اكد على أن هذه الحكومة لم تقم بتفعيل هذه الآلية والتدخل لتسقيف سعر المحروقات والتدخل مباشرة لما لهذا القطاع من تأثير على باقي القطاعات.
إلى ذلك، دعا بنعبد الله الحكومة إلى التوقف عن النظر للخلف وربط ما يحدث اليوم وفشلها في التدبير بالحكومات السابقة، مذكرا بأن الحزب الذي يقود الحكومة في هذه المرحلة هو من كان يشرف على أهم القطاعات في مختلف الحكومات السابقة وعلى رأسها وزارة المالية والصناعة والتجارة والفلاحة، متسائلا عن جدوى هذا الخطاب في الوقت الذي كان فيه الحزب الذي يقود الحكومة حاليا يشرف على جميع القطاع الحيوية ويرسم سياساتها، مجددا التأكيد على ضرورة التوقف عن هذا الخطاب المتناقض.
< محمد توفيق أمزيان