في لقاء جماهيري بمدينة أكادير, نبيل بنعبدالله يدعو إلى الانكباب على إيجاد حلول للمشاكل الآنية عوض التناحر على من يقود حكومة المونديال

استغرب للصراعات حول الانتخابات وتجاهل إيجاد حلول للبطالة وغلاء الأسعار
أكد أن المغرب يحتاج إلى عدالة مجالية واجتماعية وإلى تنمية شاملة على جميع المستويات وفي مقدمتها الديمقراطية والحرية
قال محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، إن الصراع بين مكونات الأغلبية حول من يقود حكومة المونديال أمر غريب في الوقت الذي كان أولى للحكومة الحالية أن تنكب على إيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية الحالية.
وأضاف بنعبد الله، في لقاء جماهيري بمدينة أكادير، يوم السبت الماضي، على هامش لقاء نظمه الفرع الإقليمي للحزب بأكادير إداوتنان، بتنسيق مع منتدى المناصفة والمساواة حول “مضامين إصلاح مدونة الأسرة”، أن الحديث عن حكومة المونديال سابق لأوانه في وقت يعيش فيه المواطنات والمواطنون على وقع ارتفاع الأسعار وعلى مشاكل اجتماعية وتسجيل أرقام قياسية في البطالة.
ووجه بنعبد الله انتقادات لاذعة للحكومة الحالية ومن يقودها، على الكثير من المستويات التي أخفقت فيها، وكذا العديد من القضايا المهمة التي تهم الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في المغرب، مشددا على ضرورة إحداث تغيير حقيقي في مختلف القطاعات.
وبعدما أشار بنعبد الله في مستهل كلمته إلى التطور والزخم الذي تشهده بعض المناطق في المملكة، لفت الانتباه إلى وجود ملامح تخلف في جماعات أخرى مجاورة للمدن الكبرى، وهي مظاهر قال إنها لا تليق ببلد يطمح لاستضافة كأس العالم 2030.
وطالب بنعبد الله الحكومة الحالية بضرورة الاهتمام بالمناطق التي تعاني من التهميش وتحقيق العدالة المجالية والاجتماعية، حيث أكد أن الحدث الرياضي المرتقب في 2030 لن يقتصر فقط على المدن الكبرى، التي ستستضيف 6 مدن منها مباريات كأس العالم، بل يجب أن تشمل فيه التنمية جميع المناطق وأن يتم العمل على خلق طفرة تنموية شاملة ووضع في الاعتبار بأن يأتي الزوار الذين ستابعون هذه البطولة العالمية إلى جميع جهات المملكة.
وأضاف بنعبد الله أنه يتعين على جميع الجهات أن تشهد تنمية حقيقية توازي تلك الموجودة في المدن الكبرى لكي لا تتسع الهوة بين هذه الجهات وبين تلك التي لن تستضيف البطولة.
وعاد بنعبد الله للتأكيد على أن المطلوب من الحكومة هو العمل الحالي عوض التفكير السابق لآوانه في الانتخابات، حيث قال “إن هذا يسائل الحكومة التي بدأنا نرى أنها، قبل عام ونصف من الانتخابات، وبدلًا من التركيز على انتظارات المواطنين، بدأت تتناحر حول من سيحصل على المرتبة الأولى في انتخابات 2026 ومن سيسيّر حكومة المونديال”. متابعا “في حين الأجدر بهم أن يركزوا على إدارة حكومة اليوم، ثم بعد ذلك سنرى ما سيحدث”.
وزاد المتحدث ” إذا كنتم تنصتون إلى صوت المغاربة، سترون أن هناك استياءً عميقًا تجاه ما لم تقم به الحكومة في العديد من المجالات. إذا كنا سنحضّر جماعيًا لهذا المونديال، يجب أن يكون التحضير شاملًا على جميع المستويات، بما في ذلك المستوى الترابي”.
وأردف الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية “يجب أن يشعر جميع المواطنين، بمن فيهم المهمشون وسكان المناطق النائية، أنهم جزء من هذا الوطن وأن الجهود التنموية تشمل الجميع، من أجل تعزيز شعور الانتماء إلى وطن كبير بتاريخه وأمجاده”.
وتابع المتحدث “من الضروري أن يشعر المواطنون بأنهم شركاء في هذا الحدث، وأن تكون هناك تعبئة عامة لتعزيز هذا الشعور بالانتماء. كما يجب أن لا تقتصر التنمية على البنية التحتية من ملاعب وفنادق لجذب الزوار، بل يجب أن تشمل جميع الجوانب من الديمقراطية المنتعشة وحرية التعبير وإعلام مستقل وغير خاضع لأي ضغوط حكومية”.
ولفت بنعبد الله أنه عند وصول الزوار الأجانب، يجب أن يلمسوا أن هناك تطورا شاملا، وأن يكون لدينا سعي حثيث لتطوير الفضاء الديمقراطي على جميع المستويات، وليس أن نرحب بهم في ظل مشهد سياسي تتأثر فيه القرارات بالمال والفساد.
وانتقد بنعبد الله وجود الحكومة على هامش المشاكل الموجودة على مستويات مختلفة، حيث أنها تتغنى بالأغلبية في المجالس المنتخبة، التي أشار إلى أنها تشكلت في كثير من الأحيان بطرق غير مشروعة، بما في ذلك فساد واستعمال المال.
في هذا الصدد، سجل بنعبد الله أن التطور الاقتصادي لا يبرز من خلال الشعارات بل يظهر في نسبة النمو ونسبة التشغيل، وليس فقط في الأرقام القياسية للبطالة التي تستمر في مدن مثل أكادير، طنجة، الدار البيضاء وغيرها من الأقطاب الاقتصادية. “لا يمكن أن يشعر زوار المغرب في 2030 أن كلفة الحياة تتجاوز كلفة الحياة في بلدان متطورة، حيث الأسعار أصبحت مرتفعة للغاية، على سبيل المثال، كيلوغرام من اللحم بـ 150 درهمًا والخضروات بأسعار قياسية” وفق تعبيره.
وقال بنعبد الله إنه يجب أن يجد الزوار الأجانب في كأس العالم المرتقب في 2030 تماسكًا اجتماعيًا حقيقيًا، وأن تكون الحكومة الحالية قادرة على تقديم حلول حقيقية. خصوصا وأنها سبق وأن اختارت “حكومة الدولة الاجتماعية”، مردفا أن هذا الشعار يبقى بعيدا عن الواقع، بعد فشل الحكومة في مستويات مختلفة، لافتا إلى أن هذه الحكومة ومكوناتها يتباهون بتعميم التغطية الصحية، في حين أن مؤسسات رسمية تشير إلى أن 8 مليون مغربي لا يزالون غير مشمولين بهذا النظام.
وانتقد بنعبد الله إجراءات تنزيل هذا الورش من قبل الحكومة، مشيرا إلى أن نظام “راميد” وبنواقصه كان مفيدا للمواطنين على ما تقوم به الحكومة الحالية التي أوضح أن هذا التوجه التي تسير عليه بمثابة هدية للمصحات الخاصة على حساب المواطن المغربي البسيط الذي يعاني من غياب الخدمات الأساسية.
كما تطرق الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية إلى قضية الدعم المباشر، قائلاً إن من يفتخر بها اليوم على رأس الحكومة هو من كان في البداية ضده بشكل قاطع لأاسباب سياسية محضة وكي لا تسجل للحكومة السابقة التي جاءت بامتداد نضالي وشعبي.
وأشار بنعبد الله إلى أن حكومة اليوم تتناحر حول مستقبلها بينما كان ينبغي عليها أن تركز على تحسين التعليم وتطوير المدرسة العمومية باعتبارها الركيزة الأساسية للتنمية، بدلاً من الاهتمام بمشاريع جزئية قد لا تنعكس بشكل إيجابي على المواطنين.
إلى ذلك، ندد بنعبد الله بمحاولة تكميم الأفواه التي قال إنها سابقة في تاريخ المغرب، والتي تكمن في محاولة إسكات مؤسسات رسمية ودستورية التي تقدم تقارير تشير إلى الأعطاب والمشاكل الموجودة.
وقال بنعبد الله إننا وصلنا إلى مرحلة غير مقبولة، حيث يتم فيها محاولات تكميم أفواه المؤسسات الرسمية والدستورية مثل بنك المغرب والمندوبية السامية للتخطيط والمجلس الاقتصادي والاجتماعي وهيئة النزاهة والوقاية من الرشوة، وغيرها من المؤسسات فقط لأنها جاءت مخالفة لما تتبجح به الحكومة.
وأضاف “حتى النواب إذا انتقدوا يتم تهديدهم بعرضهم على لجنة الأخلاقيات، وهو أمر لم نشهده حتى بعد الخروج من سنوات الجمر والرصاص. إلى أين نسير بهذا الأمر؟ هل هو غياب للحس السياسي من الحكومة، واهتمام بنظرة ضيقة مصلحية تخدم فئات معينة؟ إن لم يكن هناك تضارب مصالح واضح في مجالات متعددة”.
وتوقف بنعبد الله عند قضية تضارب المصالح التي اعتبرها سابقة هي الأخرى في تاريخ المغرب، مشيرا إلى ما حدث في مشروع تحلية المياه الذي أطلقته الحكومة، والذي حصلت على صفقة إنجازه مجموعة في ملكية رئيس الحكومة. معتبرا أن هذا ما يمثل قمة تضارب المصالح وهو ما يمكن القياس عليه في قطاعات اقتصادية وصناعية وزراعية أخرى. وفق تعبيره.
ولفت بنعبد الله إلى أن الوضع الذي يعيشه المغرب اليوم مقلق ووصل إلى مستويات غير مقبولة من قبل من يسير الحكومة، بحيث تركوا حلول حكومة اليوم للتناحر حول من سيترأس حكومة المونديال.
ويرى بنعبد الله أنه عوض التناحر والتصارع بين مكونات الحكومة الحالية حول “حكومة المونديال” كان من الأفضل لهم أن يغادروا بعد فشلهم في مختلف المجالات والقطاعات، وبعد أن خلقوا “سخطا” لدى فئات واسعة من المجتمع ولدى المواطنات والمواطنين.
إلى ذلك، أعلن بنعبد الله رفض حزب التقدم والاشتراكية التواطؤ مع هذه التوجهات الماسة بالعمل السياسي وبالتنمية وجوهر العمل الحكومي، مجددا التأكيد على أن السباق نحو الانتخابات سابق لآوانه، خصوصا في ظل ما تعرفه الساحة السياسية حاليا من فراغ بسبب قلة التواصل الحكومي.
وسجل بنعبد الله أن الحكومة لا تتواصل مع المواطنين ولا تشرح سياساتها، بل تعيش في عزلة تامة، وهو ما يظهر في غياب القدرة على جمع المناضلين وشرح ما تقوم به من إصلاحات. كما دعا الحكومة إلى الاستقالة إذا كانت غير قادرة على تقديم حلول حقيقية للمشاكل التي يواجهها الشعب المغربي.
وخلص بنعبد الله، في كلمته، إلى التأكيد على موقف الحزب الثابت في رفض التوجهات التي تتبناها الحكومة، مشدداً على ضرورة العمل الجاد من أجل تحقيق إصلاحات حقيقية تصب في صالح المواطن المغربي وتحقق العدالة المجالية والاجتماعية على أرض الواقع.
 محمد توفيق أمزيان
Top